ظل هذا الشاب الكوري الجنوبي، يقيم في «ساوث لاند» منذ أن كان في سن التاسعة. وهو يشعر بكثير من الارتياح لكونه يتحدث اللغة الإنجليزية، بنفس الطلاقة التي يتحدث بها لغته الكورية الأم. ثم إنه شديد الحماس للالتحاق بالجيش الأميركي. وبالفعل اتجه هذا الشاب الأسبوع الماضي إلى مكتب لاستقطاب المجندين في مركز «إيجل روك» التجاري ليتقدم بطلبه. وحتى وقت قريب جداً، كانــــت القوانين الساريــــــة الملزمـة لمسؤولي التجنيد، تحتم عليهم رفض طلبه. والسبب أن تأشيرة إقامته الطلابية لا تؤهله للالتحاق بالخدمة العسكرية في الجيش الأميركي. فلا يحق الالتحاق بالخدمــــــة إلا للمواطنيــــــن أو المقيمين الدائمين الذين يحملون Green Card . لكن واعتباراً من الأسبوع الماضي، بدأت سلطات التجنيد في لوس أنجلوس، تلقي طلبات بعض الأجانب الذين يقيمون مؤقتاً، أو أولئك الذين منحوا حق اللجوء السياسي. ويهـدف هـذا البرنـامج التجريبي الذي تم إطلاقـــه في شهــر فبراير الماضي بولاية نيويورك، إلى تجنيد 1000 مجند من بين الذين يتمتعون بمهارات لغويــة وطبيــة خاصة، كي يتم استيعابهم في صفوف الجيش. وقد تجاوزت الاستجابة للإعلان توقعات مسؤولي التجنيد، إذ زاد عــــدد الطلبات المقدمــــة على 7000 طلب من مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة الأميركيـــة، مــع ملاحظـــة أن معظم المتقدمين ذوو مستوى تعليمي متقـــدم جــــداً. وسوف تسرّع إجراءات الحصــــــول على الجنسيــــــة بالنسبة للذين يقبلون في هذا البرنامج، مكافأة لهم على خدمتهم العسكرية. قال الشاب المذكـــــور «جاسون» البالـــــغ من العمر 19 عاماً لمسؤولي التجنيد الذين ساعدوه في ترتيب وإعداد أوراق طلبه: «لقـــد كنـــت أتحرق شوقــــاً لهــــذه الفرصـــة. وكم سعدت جداً عندما لاحت لي أخيراً». يذكر أن الجيش طلب من المتقدمين عدم استخدام أسمائهم الكاملة عند تعبئة الاستمارات الخاصة بالطلب. فمن شأن ذلك أن يعرض المجندين أو أسرهم للمشاكل في أوطانهم الأصلية في بعض الأحيان. وعلى رغم أن الجيش حقق، فإن لم يكن قد تجاوز سلفاً أهداف التجنيد التي وضعها لهذه الفئات من المجندين، إلا إن مسؤولي الدفاع لا يزالون يؤكدون وجود نقص كبير في عدد الجنود الذين يتمتعون بمهارات لغوية وثقافية أجنبية أو طبية خاصة، تزداد الحاجة إليها في الحرب على الإرهاب، وكذلك في جهود حفظ السلام على نطاق العالم كله. وعلى حد قول «نعومي فيردوجو» -النائبة المساعدة بمكتب التجنيد التابع لمساعد وزير الدفاع- فنحن نبحث عن مهارات حيوية وبالغة الأهمية بين المجندين الجدد. ويأمل الجيش تجنيد ما لا يقل عن 333 من المهنيين المدربين في مجال الرعاية الصحية، بمن فيهم الأطباء وأطباء الأسنان والعاملون في مجال التمريض...إلى آخره. كما يسعى إلى تجنيد 557 من بين الذين يتمتعون بمهارات لغوية خاصة في أي من اللغات الـ35 المطلوبة، بما فيها اللغة العربية ولغة «اليوروبا» المتحدثة في غرب أفريقيا. يلاحظ أن تلك القائمة لا تشمل اللغة الإسبانية. وهناك طلب إضافي على 110 مجندين من ذوي المهارات الخاصة الأخرى، لم يبدأ استلام طلبات التقديم الخاصة بهم بعد. وعلى رغم محدودية النطاق الذي يتم فيه تنفيذ أهداف البرنامج التجريبي المذكور، فإنه أثار تحفظات البعض في أوساط قدامى المحاربين، وكذلك بين دعاة تشديد قوانين الهجرة. ويتساءل هؤلاء عما إذا كانت الخطوة هذه سوف تفتح الطريق أمام التحاق أعداد أكبر من الأجانب بالجيش، بمن فيهم المهاجرون غير الشرعيين؟ تعبيراً عن هذه التحفظات يرى «مارك كريكوريان» -المدير التنفيذي لمركز أبحاث الهجرة بواشنطن- «أن من شأن التجنيد المكثف للأجانب في الخارج، أو التوسع في تجنيد المهاجرين غير الشرعيين، الذين أصبح في وسعهم استغلال هذا البرنامج لتقنين هجرتهم، أن ينتهي بالبنتاجون إلى الاعتماد على العمالة الرخيصة الأجنبية في صفوف قواتها». ويستطرد المتحدث في القول: «لا أعني بهذا أننا وصلنا إلـــــى هــــذه المرحلة في الوقت الحالي، ولكــــن علينا دائمــــاً أن نتوخـــــى الحــــذر وألا نغامر بالانزلاق إلى منحدر كهــــذا». غير أن مسؤولي وزارة الدفاع يؤكدون أن البرنامج ليس متاحاً إلا أمام الأجانب الذين أقاموا إقامة شرعية في الولاياتالمتحدة الأميركية لمدة أدناها عامين، بمن فيهم الطلاب والمهنيون والمهاجرون. ويطالب المجندون الذين يتم اختيارهم، بأن تتوفر فيهم ذات المعايير الجسدية والسلوكية التي يطالب بها كافة مجندي الجيش الأميركي، إضافة إلى ارتفاع مستوياتهم التعليمية. ولا يكتمل تجنيد أي منهم إلا بعد خضوعه لمراجعة وزارة الأمن الوطني ومكتب التحقيقات الفيدرالي، هذا إضافة إلى عدم منحهم أي استثناء أو إعفاء من الجرائم الجنائية في حال ارتكاب أحدهم لها قبل التجنيد. (*) محللان سياسيان أمريكيان / عن «واشنطن بوست