رغم أن نتائج الانتخابات الرئاسية في أغلب الدول العربية باتت محسومة سلفا، إلا أن انتخابات الجزائر جاءت بشيء جديد، ألا وهو نسبة المشاركة المرتفعة والتي تجاوزت 74 بالمائة ، الأمر الذي دفع المراقبين للتساؤل حول سبب هذا التغير المفاجئ ، حيث أن نسبة المشاركة في الانتخابات بالعالم العربي عادة ما تكون متدنية. والإجابة على الأرجح أن انتخابات الرئاسة في الجزائر مرتبطة بأشخاص وليس ببرامج ، فالرئيس بوتفليقة له حضور قوي في مواجهة الضعف السياسي لمنافسيه، ولذا لم يكن غريبا أن تلقى دعوة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي للناخبين للبقاء في منازلهم فتورا واضحا . أيضا فإن الانتخابات اعتبرت بمثابة استفتاء شعبي على استمرار سياسات بوتفليقة الخاصة بالمصالحة الوطنية والنمو الاقتصادي من أجل خلق الوظائف وحل مشكلة البطالة ، فهو أعاد الاستقرار إلى الجزائر المنتجة للنفط والغاز بعد أعمال العنف في التسعينيات التي أودت بحياة 150 ألف شخص ، كما وعد بوتفليقة بإنفاق 150 مليار دولار على مشروعات التنمية لخلق 3 ملايين فرصة عمل ، هذا بالإضافة إلى أن إعادة انتخابه ستساعده على تنفيذ وعده بإجراء استفتاء شعبي حول العفو الشامل عن المتورطين في أعمال العنف في التسعينات. كما أنه من المتوقع أن يقدم على تغييرات جوهرية في السلطة، بما يسمح له بفتح المجال السياسي والإعلامي. ويبدو أن فوز بوتفليقة هو رغبة خارجية أيضا للحفاظ على الاستقرار في تلك الدولة التي تملك احتياطات نفطية كبيرة، كما تشكل صادراتها 20% من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز ، فالحكومات الأوروبية كانت تخشى أن يؤدي تجدد عدم الاستقرار أو انهيار الاقتصاد الجزائري إلى تدفق اللاجئين على دول الاتحاد، بينما تحتاج الولاياتالمتحدة إلى دعم بوتفليقة في حربها العالمية ضد القاعدة. ولا تعني الأمور السابقة أن الطريق سيكون مفروشا بالورود أمام بوتفليقة في ولايته الثالثة ، فهناك تحديات كبيرة مازالت بانتظاره، أبرزها أن هناك قطاعات من الجزائريين تشعر بخيبة أمل إزاء العملية السياسية بعد قيام البرلمان العام الماضي بإلغاء القيود الدستورية على فترات الرئاسة ، وهو الأمر الذي يسمح له برئاسة الجزائر مدى الحياة. هذا بالإضافة إلى معدل البطالة بين الشباب الذي يبلغ 70%، والذي من شأنه إعطاء المبرر لبعض الفئات للانضمام لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إذا لم يتم معالجته بسرعة. فوز ساحق وكان بوتفليقة (72 عاما) الذي قاتل في حرب استقلال الجزائر عن فرنسا قد حقق فوزا ساحقا في انتخابات الرئاسة التي أجريت في 9 أبريل ، بحصوله على غالبية مطلقة بلغت 90.2% من أصوات الناخبين. وجاءت زعيمة حزب العمال لويزة حنون في المرتبة الثانية ب 4.22% وهوما يعادل 600 ألف صوت، ثم رئيس الجبهة الوطنية موسى تواتي ثالثاً ب 2.31 % ، يليه الإسلامي الوحيد في السباق الرئاسي محمد جيهد يونسي بنسبة 1.37% ، وزعيم حزب عهد 54 علي فوزي رباعين بنسبة 0.93% وأخيرا محمد السعيد عن حزب العدالة والحرية بنسبة 0.92% . عن «محيط»