قاطع فريق حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالجماعة الحضرية لفاس، دورة الحساب الإداري المنعقدة يوم الجمعة 13 فبراير الجاري، وذلك احتجاجا على ما أسمته المذكرة الاحتجاجية التي تقدم بها الفريق، بالاختلالات والخروقات والمخالفات في مجال التدبير المالي للشأن المحلي بمدينة فاس وتغييب كل اعتبار للمصلحة العامة في الامتدادات العمرانية،حيث لا تزال أنظار الشارع الفاسي بمختلف أطيافه تتجه نحو الكشف عن حالة جماعتهم الحضرية التي تعد أهم معادلة في مجال تدبير الشأن المحلي في إطار تجربة وحدة المدينة التي اعتمدها المغرب في بعض كبريات المدن، والتي أكدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات الصادر مؤخرا والذي وقف عند جملة من المخالفات تندرج جميعها في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، والمرتبطة أساسا بالصفقات العمومية وصرف الميزانية وتدبير الممتلكات العمومية، ووجود اختلالات في تسيير الحسابات وتحمل الميزانية لنفقات غير قانونية. هذا في الوقت الذي يصر فيه شباط تضيف مذكرة الفريق الاشتراكي على الاستمرار في تجاهل تقارير هذه المؤسسة الدستورية وعمل لجان التفتيش الترابية التابعة لوزارة الداخلية، الشيء الذي تعكسه مذكرات الحساب الإداري للسنة المالية 2008 والتي تم إعدادها بعد أن تم تعطيل عمل اللجنة المالية واللجان الدائمة ضدا على المادة 14 من قانون الميثاق الجماعي لسبب في نفس العمدة وزبانيته والذين خططوا لكي يتم تمرير حسابهم «الخصوصي» في وقت قياسي بدون أية مناقشة تذكر. ذلك أن مقاطعة الفريق الاتحادي للدورة أربكت كل حسابات العمدة شباط الذي عمد كَرَدِّ فعل منه إلى إبعاد المذكرة الاحتجاجية للفريق الاتحادي، وعدم ضمها إلى محضر الدورة، ومن ثمة عدم تمكين ممثل السلطة المحلية من الحصول على نسخة منها، حيث لجأ هذا الأخير إلى طلبها من جهات أخرى لإنجاز تقريره في الموضوع. وإلى ذلك أكد الناطق الرسمي باسم الفريق الاشتراكي بمجلس الجماعة الحضرية بفاس قوله بأن الفريق يعتبر التعثر والاختلالات التي عرفها مسار تدبير الشأن المحلي لمدينة فاس في إطار نظام وحدة المدينة، يعود إلى كون الجماعة الحضرية بفاس تعمل دون مخطط تنموي كما يلزمها الميثاق الجماعي في فصله36، الشيء الذي يدل على أن مدينة فاس تنمو في غياب فاعل مخطط،وأن الحسابات الإدارية تعرف تفاوتات كبيرة في استخلاص المداخل الجماعية بحيث وصل الاستخلاص في بعض البنود 0,16% خلال السنة المالية 2006 ،حيث ينهض كأنصع مثال عن ذلك منتوج بعض المرافق العمومية التي ينعتها الملاحظون بالصناديق السوداء وفي مقدمتها مداخل وكلاء البيع بالجملة للخضر والفواكه، أسواق السمك، أسواق الجلود، منتوج المحطة الطرقية، مداخل المساحات المخصصة للاحتلال المؤقت،محطات وقوف سيارات النقل العمومي التي لم تخضع للإجراءات القانونية المتبعة وتحت مراقبة الجهات المعنية مما حدا بالقابض البلدي إلى رفض قبض المداخيل المستخلصة عن المستفيدين من هذه العملية والذين تم تثبيتهم بالعديد من أرصفة المدينة، مشكلين لوبيات صغيرة تتصارع في ما بينها لبسط نفوذها على النقط الاستراتيجية التي يؤمها أصحاب السيارات العمومية لقضاء مآربهم، مما نتج عنه مداخيل مهمة تؤدى واجباتها إلى الجهة التي لا يعلمها إلا المهيمنون عليها. هذا في الوقت الذي لم تستطع فيه الجماعة أن تبلور إلا منطقا تجميعيا مبسطا في مجال الخدمات وساهمت في تعليق اخطر الملفات وأقربها إلى المواطن، ملفات التطهير والنقل وتجميع النفايات ومعالجة النفايات الصلبة والماء الصالح للشرب حيث تعاملت الجماعة من خلالها مع التدبير المفوض كطريقة عشوائية لحل الأزمات المستعجلة،حيث بات اليوم من باب المستحيلات الحديث عن إمكانية تناول الموضوع الخدماتي لما فيه مصلحة المواطن في الجودة والسومة بدلا عن الأرضية المصلحية أو الإيديولوجية التي سادت لحد الساعة. فالمؤشرات المعتمدة من طرف وزارة المالية تشكو من اختلالات تعكسها على سبيل المثال لا الحصر نسبة الاستقلال المالي للجماعة الحضرية لفاس و الذي بلغ إلى 38 % و هو اقل من المعدل الوطني الذي يمثل 66 %، وثقل المديونية المقدر ب61 %(المعدل الوطني 23 بالمئة)، ووزن خدمة الدين البالغ 23 % (المعدل الوطني 13 في المئة)، وضعف المجهود الاستثماري بنسبة 10 % (المعدل الوطني 20 في المئة)، وضعف معدل الادخار الذي سجل 3.5 %(المعدل الوطني 27 في المئة)،و حصة الضريبة على القيمة المضافة على مداخل التسيير المقدرة ب34 % (المعدل الوطني 38%)، مما يدل على الاعتماد الكلي لمجلس مدينة فاس على الضرائب المستخلصة من طرف الدولة و بيع العقار البلدي كان آخرها و ليس أخيرها «ساحة صوفيا» التي تم حجزها من قبل القضاء لتمكين بعض الدائنين للجماعة من مستحقاتهم..حيث يعزو العديد من الملاحظين والمهتمين بالشأن المحلي للعاصمة العلمية كل هذه الاختلالات إلى غياب وازع إعمال القانون في مجالات تدبير السلطة و علائقها ومؤسساتها بالإدارة المحلية التي تبدو توجهاتها متدبدبة، لا انسجام فيها تاركة الحبل على الغارب في مجال تدبير الشأن المحلي بهذه المدينة التي أضحت تتميز عن مثيلاتها من المدن المغربية بظاهرة تغييب المحاسبة و تعويم المسؤوليات في التدبير والتقرير والذي يصل عند الضرورة إلى حد اعتماد فن التبرير الذي ساق سلطة الوصاية بولاية فاس باعتبارها رافعة «البوكاضو» عن التجربة الجماعية الحالية إلى عدم الحفاظ عن حدود التماس الواجبة لوقف مجاري «المال السايب» والاختلالات والتجاوزات التي لم يسلم منها أي قطاع أو مجال من مجالات تدخل الجماعة الحضرية لفاس.