شهدت غزة ليلة هادئة ثانية بعد وقف اطلاق النار الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد اولا ثم حماس بينما بدأ جيش الاحتلال الاسرائيلي انسحابا « تدريجيا» من القطاع الفلسطيني المدمر بعد هجوم عنيف دام22 يوما. وتحدثت مصادر امنية فلسطينية عن هدوء تام في قطاع غزة حيث استشهد اكثر من1300 فلسطيني في العدوان الذي استمر ثلاثة اسابيع. وبعد ساعات من اعلان اسرائيل وقف عملياتها من جانب واحد الاحد, اعلنت حركة حماس من دمشق وقف اطلاق الصواريخ وامهلت الجيش الاسرائيلي اسبوعا واحدا لسحب قواته من القطاع. وكانت اشتباكات سجلت صباح الاحد بعد اطلاق صواريخ فلسطينية على جنوب اسرائيل. و دعا رئيس الوزراء في الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية الى اطلاق حوار داخلي يصل الى مصالحة وطنية ويطوي صفحة الخلاف على الساحة الفلسطينية. وقال هنية في كلمة بثها تلفزيون «الاقصى» ومقره غزة أن «ما حدث في غزة انتصار إلهي وانساني وهو ليس انتصارا لفصيل بل انتصارا لكل الشعب الفلسطيني» مشددا على ضرورة تقديم قادة الاحتلال الإسرائيلي الى محكمة الجنايات الدولية. و أضاف أن «إسرائيل لم تحقق اي هدف بهجومها البربري على قطاع غزة» الذي بدأته نهاية شهر ديسمبر الماضي. . معتبرا أن « المقاومة قررت وقف اطلاق النار في غزة حتى ينسحب العدو بشكل كامل» ، وموضحا ان هذا القرار « يبرهن ان المقاومة حكيمة ومسؤولة وتعمل من اجل مصلحة شعبنا» . من جهته ، قال رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي ايهود اولمرت ان اسرائيل تريد الانسحاب من قطاع غزة « باسرع وقت ممكن ما ان يتم ضمان الامن في جنوب البلاد» . واضاف» لم نأت لاحتلال غزة او السيطرة على غزة ولا نريد البقاء في غزة» . وذكر شهود عيان ان الجيش الاسرائيلي انسحب من موقع رئيسي في مستوطنة نتساريم السابقة جنوب مدينة غزة، ليفتح بذلك الطريق التي تربط شمال قطاع غزةبجنوبه للمرة الاولى منذ الثالث من يناير. كما غادر جيش الاحتلال مواقع حول جباليا وبيت لاهيا شمال القطاع. لكن الدبابات تمركزت على الحدود داخل الاراضي الفلسطينية. واعلنت اسرائيل انها ستبقي جزءا من قواتها داخل القطاع لمواجهة اي هجمات فلسطينية محتملة. من جهة أخرى قامت اجهزة الاسعاف الفلسطينية بتفقد الانقاض في بيت لاهيا وجباليا حيث تم العثورعلى نحو مئة جثة تعذر انتشالها من قبل بسبب القصف العنيف والمعارك، كما اكد مدير عام دائرة الاسعاف والطوارىء معاوية حسنين. واتاح الهدوء للفلسطينيين تفقد منازلهم والانتقال في الشوارع لمعاينة حجم الدمار الهائل. وفي حي الزيتون في مدينة غزة، قال يحيى كريم امام كومة من الركام, « لا يوجد منزل هنا. هذا كان بيتي» . واضاف « اسأل ، رئيس وزراء الكييان الاسرائيلي ايهود ، اولمرت: لماذا دمرتم منزلي؟ انا لست من حماس. ولا انتمي الى اي طرف سياسي. انا مدني. اريد السلام» . وبالرغم من الخسائر الجسيمة لدى الفلسطينيين، اعلن خطباء مساجد تابعة لحماس «النصر» . واعلنت مكبرات الصوت في مسجد الكنز الذي ترفرف فوقه اعلام حركة المقاومة الاسلامية الخضراء ان حماس تهنئ « «شعبنا بانتصاره المقدام» . وخلال العدوان الاسرائيلي الذي استمر ثلاثة اسابيع ، استشهد اكثر من1300 فلسطيني بينهم410 اطفال و108 نساء وجرح اكثر من5300 آخرين، بحسب حصيلة جديدة . وقدر جيش الاحتلال الاسرائيلي عدد القتلى من مقاتلي حماس باكثر من500 . وفي الجانب الاسرائيلي قتل عشرة عسكريين وثلاثة مدنيين. وشن الطيران2500 غارة فيما اطلق المقاتلون الفلسطينيون700 صاروخ وقذيفة هاون على الاراضي الاسرائيلية. غير أن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس أعلنت ان ما خسرته في العدوان العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة « ضئيل جدا» ، موضحة ان48 من مقاتليها استشهدوا وان قوتها الصاروخية لم تتأثر . وقال الناطق باسم كتائب القسام ابو عبيدة فيندوة صحافية في غزة ان « ما خسرناه من امكانياتنا العسكرية في هذه الحرب هو ضئيل وقليل جدا وقد قمنا بترميم ما فقدناه اثناء الحرب وقبل انتهائها» . واضاف « نزف استشهاد 48 مجاهدا من ابطال القسام في المعارك البطولية الرائعة وغير المتكافئة التى خاضوها» منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. و قال ابو عبيدة « تقديراتنا ان عدد قتلى العدو لا يقل عن ثمانين جنديا في ارض المعركة» . واوضح انه «خلال المعارك ... رصدنا وبكل دقة عمليات قتل 49 جنديا صهيونيا بشكل مباشر وجرح المئات ناهيك عن العمليات التي لم يتم فيها مشاهدة القتلى بشكل مباشر مثل قصف اماكن تجمع الجنود الصهاينة بالقذائف واستهداف الدبابات وقنص الجنود» . واضاف « نتحدى الجيش الصهيوني ان يعلن عن خسائره الحقيقية في هذه المعركة» «, متهما اسرائيل بفرض الرقابة العسكرية « للتضليل والحفاظ على المعنويات المنهارة لجيشها المهزوم الذي يخوض حربا لا خلاقية وبدون هدف او عقيدة» . كما اتهم ابو عبيدة جيش الاحتلال الاسرائيلي بانه « حاول التغطية على فشله وهزيمته بارتكاب مجازر ضد المدنيين الابرياء والعزل وبقصف من الجو بطائرات لا تستخدم إلا في الحروب بين الدول العظمى» . ورأى ان جيش الاحتلال « العوبة بأيدي السياسيين الفاسدين لأهداف حزبية وانتخابية وسياسية»