حصل على جائزة أفضل عمل روائي أول بمدينة طنجة، واهتزت القاعة بالتصفيقات المتتالية.. إنه فيلم «زمن الرفاق» للمخرج الواعد محمد الشريف طريبق. فيلم يستحق التنويه كأول عمل، ويستحق الوقفة والتأمل.. يعود بنا الشريط الى بداية التسعينيات ليسلط الأضواء على الحركة الطلابية بالجامعة المغربية والغليان الذي عايشته المؤسسة الجامعية بين التيار الإسلامي والتيار اليساري.. إنها مغامرة... مغامرة جميلة اقتحمها المخرج الشاب بخطاب سينمائي ولغة سينمائية أخاذة بالمشاهدة... بناء الخطاب يراعي مجموعة من المعايير والأسس الحكائية في الفيلم.. الخطاب مزدوج: خطاب الفصيل القاعدي وخطاب التيار الإسلامي: وهذا الازدواج شكل بطريقة فنية شريط الأحداث من أولها إلى آخرها. وبين هذا الخطاب وذاك ستظهر شخصية «رحيل» (فرح الفاسي)، ستعود بعد أن رحلت، إلى الأجواء لتكون علاقتها العاطفية بسعيد (محمد عسو)، حافزا لهذا الأخير لإظهار قدراته وإمكاناته التنظيمية والخطابية في مواجهة التيار الإسلامي.. الحب هو السبيل الوحيد للمواجهة والمجابهة.. وهنا يخرج الشريط من الخطاب المباشر الى بناء الحكاية و «زمن الرفاق» في اعتقادنا، من نوعية الأفلام التي من المفروض أن ننطلق من داخل الحكاية الفيلمية لنؤسس تصورا خاصا بعيدا عن المقارنة والتصنيف.. حركات الكاميرا سائرة وماسحة... ماسحة حيث الخطاب الإسلامي المتعصب.. وهنا يأخذ المخرج صفه، ويتخذ موقفه .. أنه قريب من الفصيل القاعدي بعيدا عن الآخر.... فحين يقف المخرج وراء الكاميرا، يختفي الحياد.. والشريف طريبق، اتخذ موقفا منحازا بقصد وعن وعي.. إنها مغامرة جميلة، قلت، والأجمل فيها هو الرهان الذي لعبه مع ممثلين وممثلات لا تجربة لهم في الميدان ليتقمصوا شخصيات الطلبة.. بجميع التوجهات.. يقفون لأول مرة أمام الكاميرا: فرح الفاسي، محمد عسو، منال الصديقي، ياسين الفرجاني: كلهم كانوا في مستوى البناء الفيلمي بإدارة المخرج اللافتة للنظر... تتحرك الكاميرا لترسم علاقة خاصة مع الأحداث، والصورة لا تأخذ معناها إلا في علاقتها بباقي الصور.. الفضاء منغلق تارة ، ومنفتح تارة أخرى كما هو شأن أفكار وتصورات هذا الفصيل أو ذاك... وطول بعض اللقطات لم يكن في الشريط خاضعا لمنطق دقيق محدد. فلتطويل لقطة الخطابات مبرر منطقي، فهو لب المضمون.. وهو بالنسبة لسعيد القنطرة الوحيدة للوصول الى التعبير عن حب رحيل، وفرض إعجابها به (بخطابه)..، وتعدد اللقطات مرتبط في الغالب بتأطير الشخصيات... علاقة الحب، أو العلاقة العاطفية بين سعيد ورحيل جعلت المشاهد محايدا ولا يتبنى بالضرورة مواقف كاميرا المخرج. فالحب إحساس، والإحساس يمكنه أن يتغير.. وفي الشريط أيضا قوة تعبيرية أخرى تتجلى في الشعارات والموسيقى.... قوة تولد الانفعالات لدى المتلقي، وتكون عنصرا أو قل شخصية فعالة داخل الشريط. شريط «زمن الرفاق» شريط جرئ بعيدا عن السطحية... قريبا من العمق الإبداعي... شريط يشهد على فترة معينة عاشها المخرج وعايشها بين جدران الجامعة... شريط ناجح يستحق عن جدارة واستحقاق جائزة العمل الأول بالمهرجان الوطني.