تعرف العديد من الجماعات الترابية، ومن بينها جماعة الدارالبيضاء، ومجموعة من القطاعات الإدارية المختلفة الأخرى، من مؤسسات تعليمية وغيرها، ندرة وحالة خصاص كبيرة في أعداد التقنيين و»الصنايعية» والحرفيين المختصين في الترصيص، والكهرباء، والصباغة، والحدادة، والنجارة، والميكانيك، بل وحتى في الأعوان، الذين يمكنهم تقديم خدمات متعددة تضمن السير العادي للمرفق العمومي، كما هو الحال بالنسبة لحمل ونقل المعدات والمستلزمات المكتبية وغيرها، نظرا لتقلًّص عددهم بشكل كبير، مما جعل بعض الإدارات إما تعرف انعداما تاما لهاته الفئات، أو حضور «عون» واحد قد يتم تكليفه بكل المهام، حتى وإن لم يكن على دراية بها! ويعود سبب هذه الأزمة، بحسب عدد من المتتبعين، إلى إحالة الفئات المهنية التي نتحدث عنها، والتي كانت حاضرة بقوة في المجالس الجماعية ومجموعة من الإدارات، على التقاعد وعدم تعويض المعنيين بالأمر بعمال آخرين. وأشارت مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، إلى أن الفئة المتبقية اليوم ببعض القطاعات، خاصة الجماعية منها، تتعلق بمن هم مصنّفين ضمن خانة «مساعد تقني»، الذين كان أغلب المنتمين إليها يشتغلون في قطاع النظافة، إلى جانب بعض السائقين في أصناف لم تعد مطلوبة، وبعض «الشواش»، مقابل غياب تام للتوظيف من أجل تعويض «الراحلين» عبر تنظيم مباريات لسد الخصاص بشكل «دائم»، أو باعتماد التعاقد، أو على الأقل إبرام شراكات مع مؤسسات التكوين المهني من أجل إعادة تأهيل وتكوين الموارد البشرية المتوفرة، هاته المؤسسات التي كان من المفروض أن تساهم في إقلاع مهني لمختلف الفئات الشابة وأن تعمل على إدماجها في سوق الشغل لمواجهة البطالة والحدّ من تداعياتها. ويرى عدد من المتتبعين بأن هذه الوضعية الشائنة تطرح مشاكل بالجملة التي ترخي بتبعاتها على جودة العمل بمختلف المؤسسات والإدارات العمومية، فهي تعيق الولوج السلس للمرتفقين إلى الخدمات، وتضع أمامهم عددا من العراقيل التي لا دخل لهم فيها، وتخلق إكراهات متعددة أمام الموظفين، ومن بينها ما يتعلق بالأعطاب ذات الصلة بالإنارة أو بالمرافق الصحية، أو تلف في النوافذ والأبواب والمكاتب، وغيرها من المشاكل المتعددة، التي تؤدي إلى الهدر المائي وتآكل البنايات وتقهقر وضعيتها، والتي يجد في ظل تداعياتها عدد من الموظفين أنفسهم مضطرين لجمع مساهمات مادية لإصلاح بعض هذه الأعطاب من جيوبهم الخاصة؟ وضعية غير سليمة ترخي بوقعها على الإدارات في زمن الرقمنة، مع ما يعرفه هذا المجال هو الآخر من مطبّات، والتي لإصلاحها يجب انتظار صفقات تتطلب مساطر وإجراءات تؤدي إلى مزيد من هدر الزمن واتساع دائرة التداعيات، أخذا بعين الاعتبار وجود مشكل آخر مرتبط بالموارد البشرية في الجماعات الترابية، نموذجا، والمتعلق بشيخوخة الموظفين وإصابة العدد الأكبر منهم بأمراض مزمنة، وهو ما يفرض فتح التوظيف في وجه فئات شابة كفؤة ومؤهلة على أكثر من مستوى، وليس فقط الاقتصار على مهام بعينها، في الإدارة والهندسة دونا عن باقي التخصصات الأخرى، ومن بينها المهنية والتقنية.