مازالت الحكومة تتخبط في إيجاد حلول ناجعة للحد من إفلاس المقاولات المغربية الناشئة بسبب صعوبة وصول هذه الأخيرة لأليات التمويل، على الرغم من أن الدولة صرفت حتى الآن ملايير الدراهم لتحقيق هذا الهدف، عبر عدة برامج أحاطتها بدعاية إعلامية كبيرة دون أن تكون لها نتائج مرضية على أرض الواقع ، حيث مازالت عشرات الألاف من المقاولات الناشئة بالمغرب تموت في المهد أو بعد أشهر معدودة من إطلاقها بسبب ضعف مواردها المالية. ففي سنة 2023 وحدها أعلنت أزيد من 14 ألف مقاولة من هذا النوع إفلاسها، وإن كان الوضع الحالي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والمقاولين الذاتيين في المغرب الوضع أكثر خطورة مما تتحدث عنه الجهات الحكومية. وحسب عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، فإن عدد الإفلاسات المتزايد في هده المقاولات يتجاوز بكثير الأرقام المنشورة مؤخراً. تلك الأرقام التي تشير إلى إفلاس أكثر من 14.000 مقاولة علما بأن أزيد من 300 ألف مقاولة من هذا النوع مهددة هي الأخرى بالإفلاس. ويتعلق الامر فقط بالمقاولات ذات الطابع المعنوي و 99٪ منها مقاولات صغيرة جداً. وإذا أضفنا إلى هدا العدد المقاولات الشخصية، فإن العدد يتجاوز بكثير 33.000 (المقاولات المعنوية والشخصية) التي افلست في 2023. دون أن ننسى القطاع غير المهيكل الذي تجاوز 77.3٪ من اليد العاملة التي تم إنشاؤها في المغرب وفقا للبنك الدولي. وهو ما يفرض على الحكومة أخد إجراءات عاجلة وملموسة لدعم والحفاظ على الوظائف التي تولدها المقاولات الصغرى و التي تشكل 98 في المئة من مجموع المقاولات بالمغرب وفي هذا السياق يستعد صندوق محمد السادس للاستثمار بداية من منصف العام الجاري للشروع في عملية انتقاء شركات التسيير لإنشاء وتدبير الصناديق المخصصة للشركات الناشئة، حيث أطلق أول أمس دعوة لإبداء الاهتمام لهذه الشركات «الحاضنة» ، كما تم في ذات الإطار توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، ووزارة الاقتصاد والمالية، وصندوق محمد السادس للاستثمار، وصندوق الإيداع والتدبير، تهم إطلاق آليات التمويل المبتكر لفائدة صناديق الشركات الناشئة. هذه العملية التي تم إعدادها بالتشاور مع وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وصندوق الإيداع والتدبير، تحاول الحكومة من خلالها إيجاد حلول مبتكرة لشركات التسيير بهدف تسريع تعبئة الموارد المالية على المستويين الوطني والدولي. غير أنه قبل الشروع في إعادة انتقاء هذه المؤسسات الحاضنة للشركات الناشئة، كان على السلطات الحكومية الوصية أن تسائلها عن مآل التمويلات السخية التي استفادت منها خلال السنوات الأخيرة، وبالضبط منذ منتصف 2016، أين ذهبت 500 مليون درهم (51 مليون دولار) باسم «إينوف انفست» Innov Invest. التي قدمها البنك الدولي للمغرب والذي كان من المفروض أن يوجه خصيصا لمساعدة الشركات الناشئة في المرحلة التأسيسية (أي الشركات ما دون ال5 سنوات من العمر) والشركات الصغيرة والمتوسطة الابتكارية في المغرب؟ ويشير المقاولون الصغار وحملة المشاريع الصغرى بأصابع الاتهام إلى هذه المؤسسات الحاضنة التي وجهت لها الحكومة اليوم دعوة جديدة «لإبداء الاهتمام « لكون كثير منها لم تلتزم بدفاتر التحملات التي وضعتها الدولة، ولم تحقق النتائج المتفق عليها في البرنامج.. بل إن بعض هذه المؤسسات اتخذت من احتضان الشركات الناشئة مطية للحصول على الدعم العمومي بملايين الدرهم. وهو ما يجعل فتح الباب أمامها من جديد دون مساءلة عن «كشف الحساب السابق» ضربا من العبث و إعادة لتكريس نفس التجربة. ويذكر أن صناديق الشركات الناشئة هي إما كيانات مؤسسة بموجب القانون المغربي، أو كيانات خاضعة لقانون أجنبي يمكنها إثبات وجود صلة اقتصادية و/أو اجتماعية جوهرية مع المغرب. وقد تكون إما عامة أو متخصصة في قطاعات محددة (مثل التكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا التعليمية، والتكنولوجيا الزراعية…)، وقد تغطي مرحلة أو أكثر من مراحل التمويل (مثل مرحلة ما قبل التأسيس، والتمويل الأولي، وما قبل السلسلة أ، والسلسلة أ).