أصدرت مفوضية الاتحاد الأوروبي تقريرها التقييمي لاتفاقية الصيد البحري وللشراكة الاقتصادية التي تجمعه مع المغرب، خاصة على مستوى تطبيق هذه الاتفاقيات في الأقاليم الصحراوية الجنوبية، وهو التقرير المعنون ب» التقرير التقييمي بأثر رجعي ومستقبلي لبروتوكول اتفاقية الشراكة في مجال الصيد المستدام بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في الفترة ما بين 18 يوليوز 2019 و17 يوليوز 2023»، الذي يقع في 196 صفحة يتضمن خمسين نقطة وأكثر، بفقرات متعددة تحمل قراءة المفوضية للاتفاقية وتوصيتها التي تم تقديمها، ويمكن إجمال عناصر هذا التقرير في: رضا المفوضية الأوروبية عن تطبيق الاتفاقية في الفترة الفاصلة ما بين 2019/2023، أي لتاريخ انتهائها، هذا «الرضا» الذي تم التعبير عنه في التقرير كان يتم التأكيد عليه في أكثر من فقرة ومن توصية، إذ جاء بعد معاينة اللجنة الأوروبية التي انتقلت للجنوب المغربي وعاينت مدى التزام المغرب بتطبيق مضمون الاتفاقية خاصة على مستوى تطوير البنية التحتية البحرية سواء للسفن أو دعم المقاولات الصناعية البحرية، هذا التقييم الإيجابي رد على كل الدعاية التي أطلقها خصوم المغرب على مستوى الادعاءات التي يتم إطلاقها المرتبطة «بنهب الثروات الطبيعية للصحراء «، مما يُعد رداً أوروبياً من جهة مستقلة للوضع في المنطقة واستغلال عائدات هذه الاتفاقية في تنميتها. أصدر التقرير توصية «التوصية 44 « واضحة بتجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، مقترحا بعض التحسينات لإدخالها على الاتفاقية تتعلق كلها بالصيد وظروفه والتعريفات المقترحة وغيرها من المقترحات التي يؤكد من خلالها الاتحاد الأوروبي على رغبته في تجديد الاتفاقية بنفس الشروط أو الإطار العام لها، ودون مناقشة مجال الصيد في المياه البحرية المتاخمة للجنوب المغربي، بحيث لم تعد سيادة المغرب على مجاله البحري موضوع نقاش لا سياسي ولا حقوقي، وهو ما برز في هذا التقرير، الذي أخضع تقييم تطبيق الاتفاقية لقراءة تقنية، اقتصادية وليست سياسية، كما يعكس رغبة أوروبية واضحة في دعم الشراكة مع المغرب خاصة في بعدها الاقتصادي. التقرير أوصى تأكيداً على رغبته في الحفاظ على الشراكة التي تجمعه مع المغرب بأنه في حال لم يتم تجديد الاتفاقية مع المغرب لأي سبب من الأسباب، فإنه أوصى بإمكانية سفن الصيد البحري الأوروبية أن تحصل على تراخيص مباشرة من المغرب، وتعد هذه التوصية « رقم 47 « من التوصيات المهمة التي لا تريد إخضاع الشراكة مع المغرب لأي هزات سياسية وتريد تحصين هذه الشراكة خاصة من حيث ضمان استمرارية وصول السفن الأوروبية للمغرب ولجنوبه تحت السيادة الكاملة للمغرب، بعيداً عن أي عراقيل سياسية محتملة، بذلك يكون التقرير قد استحضر كل العوائق السابقة التي حالت دون السماح للسفن الأوروبية بالصيد بالجنوب المغربي، ويريد تجاوزها حتى لا تتأثر المقاولات الأوروبية العاملة في مجال الصيد البحري بأي إمكانية محتملة لعدم تجديد الاتفاقية. التوصية السابق ذكرها تعكس بوضوح أوروبي السيادة المغربية على أقاليمه وقيادته للحوار مع أوروبا في ما يتعلق باتفاقية تجديد الصيد البحري بمنطق الند للند، وبروح سيادية واضحة تجعل المغرب قادرا على رفض تمديد هذه الاتفاقية أو تجميدها في حال أُريد المس بالمصالح الحيوية والاقتصادية للمغرب، ليكون بذلك المغرب قد حقق مكسباً سياسياً واستراتيجياً حقيقياً في علاقته بالاتحاد الأوروبي وأجهزته التنفيذية . التقرير لم ينتظر حكم الاستئناف لمحكمة العدل الأوروبية ليقدم توصياته خاصة منها المتعلقة بتجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، وهو بذلك يقدم قراءة اقتصادية موضوعية لتنزيل الاتفاقية خاصة على مستوى الأقاليم الجنوبية، ويعترف بكون المغرب أثناء تطبيقه لمضامين الاتفاقية قد عمل على تطوير البنية التحتية للاقتصاد المحلي البحري، ودعم مختلف المقاولات الصغرى والمتوسطة العاملة في مجال المنتجات البحرية، واستفادة العاملين في القطاع من عائدات الاتفاقية...خاصة وأن المغرب اعتمد على مخطط « آليوتيس» الذي مكنه من إطلاق مشروع طموح كبير يتعلق « بمبادرة الحزام الأزرق»، هي المبادرة التي أطلقها المغرب، منذ سنوات، تهدف إلى تطوير قطاع الصيد البحري في المغرب وتأهيله حفاظاً على الثروة السمكية والبحرية، ودعماً للقطاع ككل، وقد أشاد التقرير بهذا المخطط الاستراتيجي للمغرب بحيث اعتبره مرجعيا في ما يتعلق بقراءته وتقييمه لتطبيق الاتفاقية عن المدة من سنة 2019 إلى 2023، وهي المدة موضوع تنفيذ الاتفاقية. استند التقرير في إنجازه من بين ما اعتمد عليه على المشاورات التي قام بها في المنطقة، على مستوى الأقاليم الصحراوية الجنوبية، بحيث انتقلت اللجنة الأوروبية المكلفة بذلك من طرف المفوضية وانتقلت للاستماع لمن اعتبرتهم «أصحاب المصلحة» من منظمات المجتمع المدني ومؤسسات محلية منها اللجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقد سُمح لها بالاستماع إلى كل من اعتبرته معنيا بتجديد الاتفاقية حتى من هم مناوئون لها من الموالين لمليشيات البوليساريو، خاصة من الجمعيات المتبنية لأطروحتهم «السياسية» وللدعاية التي يستعملونها، وما توصية التقرير بتجديد الاتفاقية سوى تأكيد على فشل أطروحة «نهب الثروات الطبيعية» من طرف المغرب، وأنهم لم يستطيعوا إقناع الجانب الأوروبي بهذا الطرح، وهي الدعاية التي أكدت للأوروبيين أن الأمر يتعلق فقط ببروباغندا سياسوية لا غير، لا يُسندها واقع المنطقة الاقتصادي والتنموي الذي تمت معاينته مباشرة عند زيارتهم له، وقد تضمن الملحق عدد 10 المنظمات التي تم الاستماع إليها بما فيها الموالية للانفصاليين. هذه تعتبر أهم النقاط التي تضمنها التقرير، وهي نقاط تسير كلها في اتجاه دعم أوروبي بتجديد الاتفاقية مع المغرب مشتملة على أقاليمه الجنوبية التي لم تعد موضوع أي نقاش سياسي بين الجانبين، كما يؤكد على كون المغرب يمارس سيادته الاقتصادية في تناغم كامل مع القانون الدولي كما يجعل وضعيته سليمة من الناحية القانونية، تعزز من وضعيته كبلد صاحب السيادة المطلقة على هذه الأقاليم.