عقد مجلس النواب في الخامس من الشهر الجاري جلسة عامة حول تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية بالبلاد، وتدخل النائب المهدي العالوي باسم الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، حيث جدد التأكيد على أهمية مثل هذه الجلسات التي تخصص لمناقشة الخلاصات والتوصيات التي انتهت إليها المهام الاستطلاعية، باعتبارها آلية فعلية لقياس مستويات الإنتاج الرقابي للمؤسسة التشريعية، وتعبيرا صريحا على التزام ممثلي الأمة بدراسة ونقاش القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تستأثر باهتمام المواطنات والمواطنين. وأكد العالوي أن الغاية الأساسية من هذه المهمة هو الوقوف على مكامن الخلل في عملية توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية بالبلاد، وتحديد أسباب ارتفاع أسعارها. الأمر الذي لم نتوصل إليه إلا بعد العديد من اللقاءات والاجتماعات التي عقدها أعضاء اللجنة مع مختلف الفاعلين والمتدخلين بهدف وضع استراتيجية شاملة بغية تجاوز جميع الاختلالات التي تعرفها عملية التوزيع والتسويق، خاصة المرتبطة منها بالإطار القانوني وبوضعية مرافق التسويق وبعملية تدبيرها. وأوضح ممثل المعارضة الاتحادية قائلا: «انخرطنا في أشغال هذه المهمة الاستطلاعية المؤقتة، ونثمن التوصيات التي تضمنها تقريرها، ونعتبرها مدخلا فعليا لحل جميع المشاكل وتجاوز جل الاختلالات التي تعرفها عملية توزيع وتسويق المنتوجات الفلاحية. ودعا المتحدث الحكومة إلى اتخاذ ما يلزم وتنزيل هذه التوصيات ، مؤكدا على ضرورة أخذها بعين الاعتبار في أية خطة حكومية تروم تصحيح الاختلالات التي تعرفها مرحلة تسويق المنتوجات الفلاحية. وأكد في هذا الصدد، على ضرورة الانتباه لمعطيين أساسيين، وهما: أولا، اختلاف مسارات التسويق بتنوع سلاسل الإنتاج ومصدر المنتوجات، حيث لا يجب التركيز على معالجة اختلالات عملية التسويق دون الأخذ بعين الاعتبار خصائص المنتوجات الفلاحية. ثانيا، وجود عدد كبير من الوسطاء خارج إطار المراقبة القانونية، بالرغم من وجود نصوص قانونية تنظمهم، مما يزيد من عدد المتدخلين، وبالتالي من مستويات المضاربة. الأمر الذي يؤثر سلبا على جودة المنتجات، ومصالح المنتجين، ويضرب القدرة الشرائية للمستهلكين. وهو الأمر نفسه الذي أكد عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي دعا إلى استعجالية إعادة تنظيم سلاسل التسويق وتقنين دور الوسطاء من أجل التخفيف من ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية. وأضاف المهدي العالوي تقرير المهمة الاستطلاعية تضمن مجموعة من الخلاصات التي يجب الوقوف عندها بشكل جدي. فالمشكل لا يتعلق بتاتا بالإنتاج، بل يكمن في مرحلة التسويق، حيث تم تسجيل اختلاف كبير في أسعار المنتوجات خلال هذه المرحلة بالمقارنة مع الأثمنة التي تباع بها من طرف الفلاح باعتباره المنتج الفعلي لها. وأكد المتدخل أن الرهان الأساسي يبقى هو إعادة عملية هيكلة أسواق الجملة باعتبارها مدخلا لتجاوز هذا الواقع، إذ أشار تقرير المهمة إلى أن 70 % من المنتوجات الفلاحية يجري تداولها خارج هذه الأسواق. وهو الأمر الذي يضع الحكومة أمام استهداف الأسواق الأسبوعية توازيا مع أسواق الجملة خصوصا إذا ما علمنا أن 40 % من المنتوجات الفلاحية يتم ترويجها داخل الأسواق الأسبوعية. وقال المهدي العالوي إن «هذا يدفعنا إلى التساؤل حول نجاعة نظام التجميع الفلاحي بهدف وضع حد للتلاعب في الأسعار وضبط المتدخلين في سلسلتي التوزيع والتسويق، ومن أجل دفع الفلاحين إلى تسويق منتجاتهم وتثمينها تثمينا أفضل. فقد اتضح، بناء على حصيلة الأهداف الرئيسية المنصوص عليها في المخططات الفلاحية الجهوية المحينة، أن أهداف نظام التجميع الفلاحي لم تكن متطابقة مع الالتزامات المنصوص عليها في إطار عقود البرامج لسلاسل الإنتاج المعنية. وقد استنتجنا من ذلك أن الرهان على هذا النظام من أجل تجاوز الإكراهات المرتبطة بالتسويق يفرض إعادة التفكير في الآليات والوسائل المعتمدة اليوم. وقد سبق لنا في الفريق الاشتراكي أن أثرنا هذه المسألة عند مناقشتنا لاستراتيجية الحكومة لتحقيق السيادة الغذائية في إطار المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة». وختم البرلماني الاتحادي تدخله قائلا: «إن تجاوز كل الأعطاب التي تعرفها عملية توزيع وتسويق المنتوجات الفلاحية، رهين بمدى قدرة الحكومة على بلورة استراتيجية شاملة تتضمن تدابير عملية، تشريعيا وتنظيميا وتقنيا، تكون الغاية منها ضمان الحد من المضاربات، من خلال هيكلة وتأهيل أسواق جديدة، جهوية ومحلية، للوقوف بشكل جدي على ضمان تلازم مستويات الربح مع حجم المجهود المبذول في جميع مراحل تسويق وتوزيع المنتجات الفلاحية».