تعيش جماعة الدارالبيضاء فترة تعد من أسوأ المراحل التدبيرية، رغم أنها بين يدي تحالف مكون من أربعة أحزاب، وهي ذات الأحزاب المكونة للتشكيل الحكومي، ويتعلق الأمر بكل من التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، وقد انضاف إليه الاتحاد الدستوري، فمنذ انتخاب هذا المجلس والصراعات والخلافات هي عصب العلاقة داخله، وهي الصراعات التي لم تعد مقتصرة على مجلس المدينة فقط بل انتقلت عدواها إلى المقاطعات، حتى أن المنسقين الجهويين الحزبيين لهذا التحالف لم تعد لهم من وظيفة سوى لعب دور الإطفائي، ومجمل اللقاءات التي عقدوها، كان عنوانها رأب الصدع هنا وهناك، في تغييب تام لموضوع المدينة وسبل تنميتها، وها قد مرت سنتان من عمر هذا المجلس ولحدود الآن لم يظهر للوجود برنامج عملها، في الوقت الذي يقول المشرع بضرورة توفر هذا البرنامج في السنة الأولى من الولاية التدبيرية، وعلى ذكر هذا البرنامج فقد ووجه بالتحفظ من طرف أعضاء في التحالف، خاصة حزب الاستقلال الذي قرر فريقه نهج الصمت خلال التصويت، وأدلى مستشارون منه بعد الدورة أنهم قرروا الصمت حفاظا على التحالف وحتى لايتهموا بأنهم " كسروا " التحالف، في إشارة إلى أنهم غير راضين عن البرنامج، فريق الأصالة والمعاصرة بدوره خلال الدورة الأخيرة خرج ببلاغ يضع فيه شروطا للتصويت عن الميزانية المطروحة للدراسة، منها فك الخلافات الحاصلة في بعض المقاطعات خاصة تلك التي يسيرها أعضاء من حزبه، متاهة هذه الصراعات أغرقت جماعة الدارالبيضاء في التدبير اليومي دون التفكير في وضع استراتيجية من شأنها أن تنمي الاستثمار وتقوي الفعل الخدماتي للمواطنين، وهي المدينة الغارقة في الديون سواء بالنسبة للبنك الدولي أو لصندوق التجهيز الجماعي، ولها بحر من الأحكام تقاس بالملايير عليها تسديدها والعاجزة عن استخلاص مستحقاتها من المرتفقين بسبب ضعف إدارتها الجبائية، ولم تتمكن إلى حدود الآن من فتح قنوات تعامل مع القطاع الخاص خاصة الشركات الكبرى التي تعد المستفيد الأول من الدارالبيضاء، وفي هذا الباب خرج النائب الثاني للعمدة في لقاء إعلامي ليطلق النار على هذه الشركات، حيث أكد بأن شركتين للاتصالات اتفقتا مع شركة أخرى تتوفر على ترخيص جماعي، على تمرير الألياف البصرية معها، تهربا من أداء الرسوم الجماعية المعمول بها في هذا الباب وتضييع على الدارالبيضاء مداخيل مالية جد جد مهمة ، متسائلا إن كان بإمكاننا تسمية هذه الشركات بالشركات المواطنة ؟ وأكد أن القطاع الخاص في مجمله لا يساهم في تنمية المداخيل المالية للمدينة، وضرب مثالا باستغلال الملك العمومي حيث أبرز بأن معظم الشركات ومعها مطاعم ومقاه كبرى ومقاولات خدماتية لا تؤدي ما بذمتها أو أنها لا تعلن أنها مستغلة للملك العمومي، في الوقت الذي يصعب على الجماعة أن تقوم بالمراقبة في مجال شاسع كمدينة الدارالبيضاء .. خرجة النائب الثاني وإن كانت قد وضعت الأصبع على مشكل مهم، لكنها في نفس الوقت تدين التدبير الجماعي لهذا المجلس، الذي يفتقد لبوصلة محددة لأهدافه، فهو إلى حدود الآن لم يفلح في خلق إدارة قادرة على جمع مستحقات الخزينة الجماعية، ولا مبرر له في ذلك لأن الشرطة الإدارية كانت قد قدمت إحصاء يتضمن لائحة المتملصين الطويلة وعندها قوائم كل المرتفقين لكن المنتخبين انشغلوا في الصراعات في ما بينهم في هدر فاضح للزمن التدبيري.