دخل متخفيا وخرج متسللا، بأسلوب يليق بعتاة المجرمين ورؤساء العصابات، فبعد المسرحية التي أخرجتها بأسلوب رديء الحكومة الإسبانية، يوم الثلاثاء، تم تنفيذ الفصل الثاني من هذه المهزلة تحت جنح الظلام، حين تم تهريب المدعو إبراهيم غالي إلى الجزائر. وحسب الأخبار التي تداولتها مختلف المصادر، فقد تم إخراج الجلاد إبراهيم غالي من مستشفى لوغرونيو حوالي الساعة التاسعة والنصف ليلة الثلاثاء، بطريقة سرية، حيث توجه إلى مطار «بامبلونا» بشمال إسبانيا، على بعد حوالي 85 كلم من مدينة لوغرونيو، وهناك كانت تنتظره طائرة خاصة استأجرتها الرئاسة الجزائرية من شركة فرنسية مقرها في بوردو، والتي أقلعت باتجاه الجزائر في الساعة الواحدة وأربعين دقيقة صباح الأربعاء. وكانت طائرة جزائرية قد أقلعت في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء من مطار بوفاريك جنوبالجزائر العاصمة، باتجاه «لوغرونيو» حيث يتواجد المدعو إبراهيم غالي، وذلك لإعادته إلى الجزائر، غير أنه بعد حوالي ساعة ونصف من إقلاعها، وعند تواجدها بالأجواء الإسبانية، فوق جزيرة إيبيزا، عادت أدراجها، بعد أن طلبت منها السلطات الإسبانية ذلك. ويأتي تهريب الجلاد إبراهيم غالي بعد مثوله أمام المحكمة الوطنية عبر تقنية الفيديو، حيث احتفظ القضاء الإسباني بتهمتين رئيسيتين ضده، الأولى تتعلق ب»التعذيب» والتي تقدم بها الفاضل أبريكة ضد زعيم الانفصاليين، والذي يتهمه بالمسؤولية عن اختطافه خلال الفترة من 18 يونيو 2019 إلى 10 نونبر من نفس السنة. أما التهمة الثانية، بالأساس، «الإبادة الجماعية» و»الاغتيال» و»الإرهاب» و»الجرائم ضد الإنسانية» و»الاختطاف»، تقدمت بها الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي تتخذ من إسبانيا مقرا لها. ورغم هذا الكم من التهم الثقيلة، والتي تفرض التعامل معها بجدية، إنصافا للضحايا وإحقاقا للعدالة، إلا أن قاضي المحكمة الوطنية، سانتياغو بيدراز، رفض طلب الدفاع القاضي بسجنه أو على الأقل سحب جواز سفره، للحيلولة دون هروبه، وذلك بحجة عدم وجود مخاطر لهروبه خارج إسبانيا، مكتفيا بطلب أن يقدم عنوانا قارا بإسبانيا ورقم هاتف للاتصال به خلال أطوار استكمال المحاكمة. لكن ما خشي منه الضحايا والدفاع هو ما حصل، فلم تمر سوى ساعات قليلة، حتى تم تهريب هذا المجرم، قبل الإجابة عن الطعون المقدمة من محامي الضحايا على عدم سحب جواز سفره، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة حول الدوافع الحقيقية للمحكمة الوطنية، ووجود تواطؤ على أعلى مستوى، بين الجهاز القضائي والحكومة الإسبانية، لتمكين هذا الجلاد من الهروب وبالتالي الإفلات من العقاب. وتؤكد هذه المعطيات أن تبجح المسؤولين الإسبان حول استقلالية القضاء في بلادهم هو فقط بروباغاندا، وأن القضاء يتم تسخيره لخدمة الأجندات والمصالح، الخفية والعلنية للدولة، ويتم استعماله أيضا كورقة لابتزاز الدول الأخرى التي ترفض الرضوخ لإملاءاتها.