حادثة وفاة الأشقاء الثلاثة يوسف عمر الحزين (3سنوات) ومحمود (4سنوات) ومحمد (5 سنوات)، مساء الأول من سبتمبر 2020، حرقاً بسبب شمعة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، ليست الأولى، فقبلها وقعت فاجعات أخرى ومماثلة: مساء الجمعة 6 مايو 2016، وفي مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، فجعنا بوفاة ثلاثة أطفال من عائلة واحدة (يسرى ورهف وناصرمحمد أبو الهندي) التي تتراوح أعمارهم بين شهرين وأربعة سنوات) في حادثة مماثلة تماماً لعائلة الحزين. توفيت أسرة كاملة مكونة من ستة أشخاص، هم الأب والأم وأطفالهما الأربعة من عائلة ظهير في حي الشجاعية، نتيجة حريق تسببت به شمعة في يناير 2013. وفي 26/3/2014 توفيت الطفلتان الشقيقتان ملك شيخ العيد (سنتان) وغنا (عام ونصف العام) وأصيبت شقيقتيهما شهد (14 سنة) في رفح جنوب قطاع غزة، وأصيب والدهم بجروح مختلفة نتيجة حريق شب بالمنزل بسبب شمعة… احترق منزل الأخ أمين البوبلي في مخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة بسبب شمعة بتاريخ 15/2/2013. أتت النيران على كامل منزل الأخ هائل ذياب القصاص في مدينة غزة والتسبب بأضرار جسيمة في 25/3/2013. احترق منزل الأخ محمد أبو الريش في حي النصر غرب مدينة غزة بتاريخ 26/3/2015 بسبب شمعة. احترق منزل الأخ أمجد عمران في خان يونس بتاريخ 7/12/2013 وسبب حالات اختناق متفاوتة لثلاثة من أطفال العائلة كذلك بسبب شمعة. وفي 19/12/2015 احترق منزل الأخ نعيم زغرة في مخيم الشاطئ هو الآخر بسبب شمعة. وغيرها من الحوادث المفجعة بسبب اضطرار العائلات لاستخدام الشموع بديلا عن الكهرباء..! لم تكن الشموع يوماً إلا رمزاً للعطاء والتضحية والنور والسلام والمحبة والسعادة باستخداماتها المختلفة، تارة للتعبير عن فرحة بمرور سنوات ميلاد شخص ما، أو للتضامن مع حادث فقدان عزيز، أو عند حصول كارثة ما، وبرع الفنانون في تحسين وزخرفة الشموع التي لا يكاد العقل البشري يستطيع الإحاطة بتنوعها وأشكالها الجميلة والمختلفة.. ولا تستخدم الشموع في الدول والمجتمعات المتحضرة كبديل عن الكهرباء والإنارة المنزلية إلا في الحالات الضرورية والاستثنائية القصوى، لكن ما يحصل في قطاع غزة المحاصر مغاير للواقع وبالعكس تماماً، ليتحول استمرار التيار الكهربائي إلى الاستثناء مقابل الاستخدام الدائم للشموع بدلاً عن الإنارة..! لا شك أن انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفير الوقود اللازم هو جزء من الحصار الظالم والمقيت، ويتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى الكيان المحتل ومن يتواطأ معه، ويبدو بأن تلك الفاجعة لن تكون الأخيرة طالما أن لا حلول عملية قاطعة، ليس فقط لمعالجة مشكلة تشغيل محطة توليد الكهرباء، وإنما لإنهاء حالة الحصار المستمر على غزة منذ ما يقارب من 13 سنة… عزاؤنا الكبير لعائلة الحزين في مصابها الجلل وللأسرة المكلومة، نسأل الله لهم الصبر والسلوان.. وكذلك عزاؤنا لأهلنا في مخيم النصيرات وعموم أهلنا في غزة العزة.. لكن أما آن لتلك الشموع القاتلة أن تنطفئ..! *كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني