أكّد عدد من مهنيي الصحة في جواب عن سؤال ل « الاتحاد الاشتراكي» بخصوص أسباب ارتفاع حالات الوفيات خلال الأيام الأخيرة، التي وصلت إلى مستويات قياسية مقارنة مع بدايات الجائحة الوبائية، أن ذلك يرجع لكون مجموعة من المرضى يصلون إلى المستشفى في وضعية صحية جد حرجة، ويوضع عدد كبير منهم تحت التنفس الاصطناعي، الأمر الذي لا يكون هيّنا ويفضي في أغلب الحالات إلى الوفيات. وأرجع مهنيون للصحة، في مصالح الإنعاش والعناية المركزة ومصالح «كوفيد» والمستعجلات هذا التأخر في التكفل، إلى خوف بعض المواطنين الذين تظهر عليهم بعض أعراض المرض من الاستشفاء في مستشفيات ميدانية بعيدة عن منازلهم، مما يدفعهم إلى عدم الإفصاح عن وضعهم بشكل مبكر، في حين أن فئة أخرى تتأخر نتائج اختبارات الكشف المخبري الذي تخضع له لمدة قد تصل إلى 48 ساعة، وهو ما يعني أن المريض قد يغادر العزل في انتظار نتيجته وقد يترتب عن ذلك تدهور لوضعه الصحي. وإلى جانب ما سبق أكد فاعل مهني، في تعليقه على الموضوع، أن هناك عاملا ثالثا يتمثل في استصغار الأطر الصحية لبعض الحالات التي قد تتطور وتعرف مضاعفات، وفقا لتعبيره، مبرزا أن أطباء وممرضي المستعجلات والإنعاش والقلّة الأخرى ممن تملك تجربة سريرية، وحدهم يدركون أمام الحالات التي تكون فيها صعوبة التنفس أنها، رغم استقرارها، مؤهلة للتطور لمرحلة حرجة، لذلك يستبقون الزمن في تمكين المريض من علاجات ومن مراقبة مركزة قد تجنبه اللجوء إلى التنفس الاصطناعي بواسطة أنبوب التنفس. ولم يغفل المتحدث الإشارة إلى ما وصفه كذلك ب» استهتار كبير» من المواطنين في حماية أنفسهم، مرجعا السبب في ذلك إلى ما تم تداوله إعلاميا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في البداية، وترويج صور وفيديوهات لمغادرة متعافين المستشفيات بالورود، مما جعل الكثير من المواطنين يستسهلون الوضع ولا يتعاملون معه بالحذر المطلوب، خاصة بعد رفع الحجر الصحي وما رافقه من ارتياد للشواطئ والمنتجعات والفضاءات العمومية المختلفة، في غياب وسائل الوقاية الواجب التقيد بها، الأمر الذي سهّل انتشار العدوى وخصوصا المكثفة منها التي تؤدي إلى الحالات الحرجة. عوامل إلى جانب أخرى، بعضها ظاهر، والآخر يبقى مجهولا بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بفيروس جديد لم يكشف رغم كل هذه المدة عن كافة أسراره، يؤكد المختصون أنها قد تؤدي إلى تدهور الوضعية الصحية للمصابين بكوفيد 19، مشددين على أن دراسة ملفات الحالات، والتدقيق في المعطيات الوبائية المرتبطة بالسن والأمراض، إلى جانب المعطيات السريرية ونتائج الفحوصات المختلفة، كلها يمكن أن تكشف عن طبيعة الوضع الوبائي وأسباب هذا الارتفاع في الوفيات، وهو ما يجب الإعلان عن تفاصيله حتى يعلم الجميع حقيقة ما يقع وما يجب القيام به لتفادي ما هو أسوأ.