ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ كانت مصادفةً أَن أكونْ ذَكَراً … ومصادفةً أَن أَرى قمراً شاحباً مثلَ ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات ولم أَجتهدْ كي أَجدْ شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً ! (محمود درويش) كان مصادفة أن ولدنا في أجسادنا. الجسد غلافنا الذي يقدمنا إلى العالم بهويات يحددها المجتمع. كيف يتعامل الكاتب/ة مع هذا المجسم الإجباري الذي وُجد فيه؟ هل ساءل يوما علاقته به؟ هل يمكنه أن يختار التدخل فيه لتجميله أو تحويله؟ ثم إن الكاتب/ة، له قدرة اختيار الجسد الذي يكتبه، فيتحول الأمر إلى نوع من المساكنة داخل هويات جنسية أخرى. هل يتدخل الكاتب/ة في هذا الاختيار؟ وهل يسمح للذات وهي تكتب أن تنزاح لستستقر داخل جسد مختلف عن جنسه؟
ربما تكون تصوراتى عن أسئله هذا الملف فيها قليل من الدهشه، لم أتوقف يوما أمام أسئله مثل هذه، وبدأت التساؤلات التى أثارتها هذه الأسئلة فى نفسي: لماذا لم أعط التفكير فى جسدى من قبل هذا الاهتمام، هل هو تجاهل، هل هو عدم إدراك بالقيمه، أم أنه تصالح تام وقبول يصل الى حد الرضا والاقتناع ؟ لم أنزعج يوما كونى أنثى... أحب جسدي كما هو... لم ألتفت يوما ما الى عيوبه ولم تؤرقني أبدا وربما لم أنتبه لها مطلقا حتى فاجأتني ابنتى المراهقة بتعليقاتها على شكل جسدي ثم بدأت تسألنى لماذا لا أتجه الى بعض أطباء التجميل الذين يقومون بنحت الجسد وزيادة وملىء وتكبير وتصغير ما يجب، على العكس كنت مندهشة جدا من تركيزها فى شكل الجسد وطريقة تفكيرها وكان السؤال الذي شغل ذهنى وقتها هل طريقه تفكير ابنتى، ابنه عصرها الذى حوّل الجسد الى سلعة، يجب أن تتوافر فيها مواصفات الجوده، أم أنه عدم تصالح مع ذاتها بشكل شخصى، أم أننى أنا التى لم أعطيه قدر حقه، بدأت تشغلنى أسئله أخرى هل يجب أن نكون حسب مقاييس وضعها آخرون؟ من المؤكد أننا نرى أجسادنا ونتعامل معها، نهتم بها ونرعاها ولكن اعتقادى أن العلاقة بيننا وبين أجسادنا هي علاقة توحد يحكمها ميزان شخصى خاص، هو خليط من انعكاس لعلاقة الإنسان بذاته و رؤيته وثقافته عن الجسد، فالصوره الذهنية عن الجمال والتى تختلف من زمن لآخر، قد تؤثر على هذه العلاقه آراء الآخرين المقربين، ورأي الدين إذا كان الشخص متدينا، ومدى المساحة التى يسمح بها الدين فى العلاقة بالجسد، وما هي أرضيه الوعى التى تخلقها الأديان فى التعامل مع الجسد «علاقه دونيه فكل ما يخص الجسد دنيوى وربما مكروه او حتى نجس ام علاقه تجسيد ووعى بجماله وقيمته ولكن فى النهايه كل هذه المعطيات الخارجيه تتفاعل مع رؤيه الانسان لذاته وتخلق منظومته الداخليه التى تتزن بها علاقته مع جسده حتى يصل الى السلام والتمثل ,وكلما زاد الوعى تزداد القدره فى خلق منظومه داخليه متوازنه وهادئه الكتابه عن الجسد تاتى فى سياق الكتابه بشكل طبيعى فكيف ترسم الشخصيات دون ان ترى ملامحهم وتصف اجسادهم والتى بالتاكيد تعكس ابعاد في الشخصيه وتؤكد عليها ومن خلالها يستطيع الكاتب ان يجعل شخصياته من لحم ودم ,فالملامح والصفات الجسديه هى جزء اصيل فى الانسان تؤثر فيه وعليه وعلى المحيطين فسلوك المراءه شديده الجمال سيكون مختلفا حتما عن امراءه عاديه ,تعامل الناس مع امراءه جميله ليس كتعاملهم مع اخرى عاديه ,سلوك رجل شديد النحافه ليس كسلوك رجل ضخم وهكذا «,اما الكتابه عن العلاقه مع الجسد فهى تاتى فى اطار الشخصيات اذا كان هناك دافع للشخصيه فى الكتابه عن ذلك فمثلا فى روايتى الأخيرة غيوم فرنسيه حاول البطل اخصاء نفسه ليتطهر من الخطيئه وذلك متسقا تماما مع عقيدته المسيحيه القبطيه التى تحفل سير القديسين فيها بهذه العلاقه مع الجسد فمنهم من فقأ عينه لانه نظر بشهوه الى امرأءه اما عن كونى كاتبه هل هذا يؤثر على تناولى فى الكتابه عن الجسد ,,اعتقد ان هذا يؤثر ولكن ليس من منطق الخوف من كسر التابوه ولكن على ما اعتقد ان طريقه التناول والموضوعات بالطبع ستكون مختلفه فمثلا في روايتى 104 القاهره تخرج ناهد عاريه تماما امام السائق والخادمه وتشرب فنجان قهوتها كأنها بكامل ملابسها ثم تفسر هذا التصرف بانها لا تشعر ان جسدها مثير لأى رجل ولم يشتهيه احد ابدا فلماذا اذن تخفيه ؟؟؟ الجسد والجنس جزء لا يتجزأ من الحياة ,فاذا كنا نكتب الحياه والبشر فلا يمكننا تجاهل الكتابه عن الجسد كشكل وكدلالات وكأحتياجات وكأزمات كشريك اساسي للروح فى الفرح والألم. * روائية من مصر