ستشهد مداخيل الخزينة هذا العام تراجعا خطيرا يناهز 45 مليار درهم، وذلك بسبب توقف عجلة الاقتصاد طوال 3 أشهر جراء انتشار الأزمة الوبائية، وما خلفته من أضرار غير مسبوقة على مختلف القطاعات الحيوية في البلاد. ويتوقع قانون المالية المعدل ألا تتعدى هذه الموارد في أحسن الظروف 212 مليار درهم، وذلك بفعل الانكماش الكبير الذي ستشهده جميع أنواع المداخيل الجبائية، والذي يقدر بأزيد من 43.3 مليار درهم مقارنة بتوقعات قانون المالية لسنة 2020، ونتيجة لذلك، تقدر التوقعات المحينة للموارد الجبائية بحوالي 189.9 مليار درهم، أي بانخفاض يبلغ معدله 18.5 في المائة مقارنة مع ما كان متوقعا في بداية العام. وبعدما كانت الدولة تنتظر أن تجني 104 ملايير درهم من الضرائب المباشرة، فإنها لن تحصل في النهاية سوى على 85 مليار درهم، ونفس السيناريو يتوقعه قانون المالية المعدل بالنسبة للضرائب غير المباشرة التي لن تتعدى هي الأخرى 83.4 مليار درهم بعدما كانت الخزينة تنتظر منها 102 ملايير درهم. وتتوقع وزارة المالية أن تشهد موارد الضريبة على الشركات تراجعا بمبلغ 6.7 مليار درهم، أي ناقص 14.2 في المائة بسبب توقف الشركات عن أداء الدفعات المتبقية من الضريبة على الشركات بالنسبة للقطاعات الأكثر تضررا، بالإضافة إلى تراجع موارد الضريبة على الشركات المستخلصة من المنبع.. أما مداخيل الضريبة على الدخل فستتراجع هي الأخرى بحوالي 2.7 ملايير درهم نتيجة تراجع بملياري درهم ( -6,22 في المائة) بالنسبة لموارد الضريبة على الدخل الخاصة بالأجور، والتي تشكل الصنف الرئيسي من إيرادات الضريبة على الدخل، بحيث ستكون أقل تضررا من آثار جائحة كوفيد- 19، وذلك لكون الأجور المنخفضة والأكثر تضررا من هذه الأزمة هي في الأصل معفاة من هذه الضريبة، كما أن القسط الأوفر من حصيلة هذه الضريبة ( 91,2 في المائة) يتم تحصيله من أجور شريحتين غير متأثرتين بهذه الأزمة ، وبسبب تراجع عائدات الضريبة على الدخل الخاصة بالأرباح العقارية ب 637 مليون درهم ) المقدرة على أساس التطور الملاحظ لهذه الضريبة خلال شهري مارس وأبريل . أما مداخيل الضريبة على القيمة المضافة للاستيراد والضريبة على القيمة المضافة في الداخل والضريبة الداخلية على الاستهلاك، فستشهد هي الأخرى انخفاضا يناهز19 مليار درهم، ويرجع هذا الانخفاض بالأساس إلى تراجع في موارد الضريبة على القيمة المضافة في الداخل بنحو 5.5 مليار درهم، وذلك بفعل الركود الذي تشهده أنشطة القطاعات الأكثر تضررا كالتجارة والبناء والنقل والإيواء والمطاعم والأنشطة العقارية وغيرها من أنشطة قطاع الخدمات… وبفعل الركود الذي تشهده المبادلات الخارجية للمغرب، فإن مداخيل الضريبة على القيمة المضافة الخاصة بالاستيراد ستتقلص ب 25 في المائة متسببة في ضياع قرابة 11 مليار درهم من هذا الصنف من الضرائب، ولنفس السبب ستشهد الرسوم الجمركية هي الأخرى انكماشا بواقع 2.5 مليار درهم. ولأن الظرفية الاقتصادية لم تعد تسمح بإجراء أي عملية للخوصصة فإنه لا يتوقع تسجيل أي موارد برسم تفويت مساهمات الدولة في إطار مشروع قانون المالية المعدل، مقابل 3 ملايير درهم تمت برمجتها برسم قانون المالية لسنة 2020. وقد قررت الحكومة إرجاء برمجة عمليات التفويت هذه الى سنتي 2021 و 2022 بالنظر إلى الوضعية الراهنة الناتجة عن جائحة كوفيد 19 وشروط السوق غير الملائمة، بالإضافة إلى الآجال القانونية والتنظيمية وكذا المساطر الضرورية لإنجاز عمليات الخوصصة. ولسد هذا العجز الهائل في مداخيل الخزينة، لم تجد الحكومة بدا من اللجوء إلى القروض الداخلية والخارجية للخروج من هذا المأزق، حيث تقرر رفع موارد القروض المتوسطة والطويلة الأجل برسم مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020 ب 39 مليار درهم، أي بمعدل 40,12 في المائة، ليصل مجموع الأموال التي ستقترضها الحكومة هذا العام إلى أزيد من 136 مليار درهم.