أثناء فترة ترشحه لرئاسة الولاياتالمتحدة، إقترح دونالد ترامب في تلك الفترة، لدعم حصوله على بعض الأصوات "إغلاقا كاملا للولايات المتحدة" في وجه جميع المسلمين، مستندا على قراره هذا بكونهم "يحملون كراهية كبيرة" تجاه بلده. وأثناء توليه لمنصبه الرئاسي، صعَّد من القوانين التشريعية، التي تستهدف العديد من البلدان، ذات الغالبية المسلمة. والآن، ها هو يعهد إلى أحد المسلمين، بمهمة إنقاذ بلده ومنصبه الرئاسي. بتاريخ 15 من ماي الحالي، وخلال مؤتمر صحفي في البيت الابيض، عين الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الدكتور منصف السلاوي، العالم المغربي في مجال علم المناعة والفيروسات، بقيادة عملية تحمل اسم "وارب سبيد" أو "سرعة البرق"، التي ترمي إلى تزويد الولاياتالمتحدة، بما يكفيها من لقاح لفيروس كورونا المستجد، علاوة على إنتاج ما يقرب من 300 مليون جرعة منه، بحلول نهاية السنة الحالية. أدهش قرار تعيين الدكتور منصف السلاوي، المؤرخ الأمريكي خوان كول، الاستاذ بجامعة ميشيغان الأمريكية، والمشرف على موقع"إنفورمد كومنت" المختص في الإسلام و العالم العربي، حيث قال "لقد صدمت بهذا الخبر"، ويعقب "بعد إدلائه بتصريحات معادية للإسلام، واستخدامه لألفاظ وعبارات خطيرة للغاية، تمس المسلمين الأمريكيين، أدهشني دونالد ترامب باختيار مسلم أمريكي، واللجوء إليه لقيادة فريق عمله المعني باللقاح". ويضيف "أعتقد بأن هذا القرار، يدل على ان خطابه نحو المسلمين الأمريكيين لم يكن صادقا. إنها خدعة سياسية لا أكثر، بغية استغلال كراهية بعض الأمريكيين للمسلمين بهذا البلد، والتي تعرف أوجها منذ أحداث 11 من سبتمبر 2011". بالعودة إلى منصف السلاوي، فقد ولد قبل 60 سنة من الآن بمدينة اكادير، وسرعان ما وجد طريقه نحو مجال عمله الحالي، على إثر ما عاشه رفقة اخته الصغيرة، التي عانت كثيرا بسبب مرض السعال الديكي. يذكر بأن منصف السلاوي، قد حصل على درجة الدكتوراه في البيولوجيا الجزيئية، وعلم المناعة من جامعة بروكسيل الحرة، كما أنه تابع دراسته ما بعد الدكتوراه، في كل من جامعتي "هارفرد" و "تافتس"، قبل أن يعود إلى بلجيكا حيث كان أستاذا، في مجال علم المناعة بجامعة "مونس". وفي أواخر سنة 1980، انتقل العالم المغربي إلى الولاياتالمتحدة، بصفة نهائية بعد توليه لمنصب بشركة "جي-إس-كا" او "جلاسكو سميث كلاين"، أحد عمالقة الصناعات الدوائية في العالم، وسرعان ما بدأ بريقه بها يلمع شيئا فشيئا، لاسيما لمشاركته في اكتشاف، ما يقرب من 14 لقاحا مختلفا، تشمل لقاحات ضد "المالاريا"، و"سرطان عنق الرحم"، ومرض "المكورات العنقودية الرئوية" وغيرها كثير. تقول الدكتورة السورية روبا علي الفهمي، أستاذة الطب في جامعة "واين ستايت" في ديترويت، والرئيسة السابقة للجمعية الوطنية للطب العربي-الأمريكي، بخصوص قرار التعيين: "يأتي تعيين الدكتور منصف السلاوي، من قبل الرئيس دونالد ترامب، كتشريف مهم للأطر العلمية العربية، لما تركه من أثر للفخر بالنسبة إلينا جميعا"، مردفة "إنه لقرار ممتاز، مهما كانت أصوله. إن للدكتور منصف السلاوي، خلفية علمية غنية، ستمكنه من تقديم الكثير في هذا البحث، عن اللقاح المنشود الذي سيقضي على الفيروس، وينهي هذا الكابوس الذي نعيشه". وللتذكير، فقد تم اختيار الدكتور منصف السلاوي، بعد عملية اختيار أشرف عليها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره، حيث تم تفضيله عن عالم عربي آخر، وهو الطبيب الجزائري "إلياس زرهوني" الذي شغل منصب مدير "معاهد الصحة الوطنية الأمريكية"، في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورش بوش الإبن، قبل أن ينضم إلى شركة الأدوية الفرنسية "سانوفي"، التي احتلت سنة 2013 المركز الخامس عالميا، بين أكبر الشركات العالمية المصنعة للأدوية. "إنه اختياره أمر رائع. لقد كافحنا كثيرا، بصفتنا عربا-أمريكيين، لإثبات دورنا وبصمتنا المهمة، أمام المجتمع الأمريكي والعالم بأسره، وها نحن اليوم نرى نتائج، هذا الكفاح الطويل والعمل الشاق، هذا أمر أذكر به طلابي دائما". -الدكتورة السورية روبا علي الفهمي. ومع ذلك، فإن تعيين الدكتور منصف السلاوي، من قبل الرئيس الأمريكي، ظل محل نقاش وجدل دائمين، وذلك عقب ما صرحت به، السيناتورة الديمقراطية "إليزابيث وارن"، عن أسفها لتعثر الحوار بين الدكتور المغربي وشركة "موديرنا" الأمريكية، المدعومة من قبل الحكومة الأمريكية، بمبلغ مالي يقرب من 483 مليون دولار، لما أعلنت عنه يوم الاثنين من نتائج مشجعة، في طريقها لإيجاد لقاح فعال لفيروس كورونا المستجد. يذكر أن إليزابيث وارن، قد غردت على صفحتها بتويتر، قائلة حول الموضوع "هذا تضارب كبير في المصالح"، في إشارة إلى أسهم الدكتور منصف السلاوي، في شركة "موديرنا" الأمريكية، البالغة قيمتها 12.4 مليون دولار، إذ أعلن الدكتور منصف السلاوي، بعد مغادرته لمجلس إدارة الشركة، عن نيته في بيع أسهمه بنفس الشركة، وأيضا عن رفضه لتصفية أسهمه في "جي-إس-كا"، المنظمة إلى "سانوفي" في رحلة البحث عن لقاح لفيروس كوفيد-19. يصرح احد زملاء الدكتور السلاوي، الذي رفض الكشف عن هويته، والمشتغل بشركة "جي-إس-كا"، حول الموضوع قائلا "من المرجح، أن يدخل كل شخص، على دراية بكيفية صناعة اللقاح، في تضارب المصالح". ويضيف "يمكنك أن تعرف هذا، فقط من عملك في هذه الصناعة. أما وقد قلت ذلك، فلا أعتقد أنه سيكون لتصريحي أي تأثير عليه. في بادئ الأمر، هو لا يحتاج إلى المال، إلا أن سمعته قد تكون على المحك". بالرغم من إعجابه الشديد، بشخص الدكتور منصف السلاوي، إلا أن زميله السابق يرى في تعيينه، رغبة كبيرة من البيت الأبيض، في إعادة إدراج الدكتور "آنثوني فوسي"، كبديل ثان في الخطة "ب" للبيت الأبيض، والتعويض عن تراجع مكانة "ريك برايت"، الدكتور وخبير اللقاحات السابق في الحكومة الأمريكية، مصرحا بالقول "إن الهدف الأول لترامب، هو إعادة انتخابه مرة أخرى. إن الغرض من تعيين الدكتور منصف السلاوي، ليس سوى لإظهار نفسه كمكتشف اللقاح المحتمل للفيروس، في حالة اكتشافه بطبيعة الحال". إن المفارقة العجيبة، التي يطرحها تعيين منصف السلاوي، من قبل الرئيس دونالد ترامب، لم تفلت من براثن المؤرخ الأمريكي خوان كول، حيث يعقب على المسألة قائلا "بطريقة ما، إن تمكن الدكتور منصف السلاوي، من اكتشاف اللقاح الفعال لفيروس كوفيد-19، قبل شهر أكتوبر من السنة الحالية، وصادف الأمر الإعلان عن بدء إنتاجه بشكل نهائي، فإن هذا سيحدد ما إن كان الرئيس ترامب، قادرا على الظفر بفترة رئاسية ثانية أو لا".