لعل الكتابة عن سيرة فنانة ذات ريادة زمنية وريادة فنية،اختلف الناس في أمرها، لشخصها وشخصيتها وإنجازاتها التي ذاع صيتها في الآفاق، حتى أصبحت المعارض العامة الدولية تخطب ودها وتتمنى أن تحتضن لوحاتها العجيبة، تقتضي اعتماد مصادر ومراجع وطنية أو دولية موثوق بها، غير أنه، للأمانة، لا نتوفر سوى على مصدر واحد ووحيد غير مستقل وغير محايد، ألا وهو ابنها الفنان الكبيرالحسين طلال، الذي لا يقدم إلا ما يلوكه مرارا وتكرارا عن سيرة الشعيبية لوسائل الإعلام أو بعض الباحثين، من غير إضافات مميزة أو إضاءات مثيرة تسعف في الوقوف على هويتها، منجزها التشكيلي وخصوصياتها الجمالية وإسهاماتها في الحركة التشكيلية العالمية. سنحاول في هاته الحلقات تسليط الضوء-قدر الإمكان- على مسار الشعيبية الذاكرة الفردية، الذاكرة الجمعية ترحما عليها، واعترافا بأياديها البيضاء في سبيل جعل راية المغرب خفاقة في المحافل العالمية، وإسهاماتها في إثراء المكتبة الفنية الوطنية والدولية. يؤكد الفنان والكاتب وأستاذ اللغة الألمانية هانس فيرنير كيردت، أنه هو من اكتشف موهبة الرسامة الشعيبية، ولم يقف عند حد تشجيعها بالقول، بل جعل “المعهد الثقافي الألماني كوته” بالدار البيضاء/المغرب يحتضن معرضها الأول.كان ذلك سنة 1966. وكم كانت فرحة كيردت كبيرة، وكم كان امتنان الشعيبية أكبر، لما بيعت جميع أعمالها، وتحسنت أحوالها المالية ثم الاجتماعية فالفنية. في نفْس السنة، أي 1966،وبنَفس طويل وعزيمة وطموح، كأنما تُسابق الزمن، أوكأنما تحاول تدارك ما ضاع منها في السنين الخوالي، تشدّ الشعيبية الرحال إلى عاصمة الأنوار بفضل وتيسير من أربعة مكتشفي موهبتها آخرين، وهم: ابنها الفنان الحسين طلال وأندري الباز القاطن بمدينة ناربون جنوبفرنسا، وهوأحد رواد الفن التشكيلي المعاصر والفنان أحمد الشرقاوي أحد الرواد الأوائل في الرسم المغربي الحديث، والكاتب والناقد الفني بباريس بيير كوديبير، الذي رحب بأعمالها في متحف الفن المعاصر، الذي كان محافظه،وبالتتابع عرضت في رواق سولتيس ب”لوماري”. ويستمر تنظيم معارض الشعيبية بباريس بفضل شبكة معارف ابنها والباز والشرقاوي وكوديبير، فتسجل حضور أعمالها ب “قاعات الحيل المعاصر”، وب”مزاد علني في فندق درووت”، وفي “سيباك” ورواق “الحقائق الجديدة”، وب “رواق منتون”، شرق فرنسا،ورواق “الحقائق الحديثة”، و”المؤتمر السادس للفن التشكيلي” بليل، و”19 فنانا مغربيا بالمركز الوطني للفن المعاصربكرونوبل”، واندومبتي الفن بيزانسون، وبدار الثقافة-كرونوبل، ورواق “أقصى المستقلين”، وب”المؤسسة الوطنية للفنون المعاصرة الحديثة”، ، وب”المركز الثقافي للفن الكوريغرافي”، وب”المركز الثقافي لمونتموتيون”، و”المركز الثقافي لوكوارتز بريست”، و”الفن80باريس”، و”المرأة والمتوسط بالرواق البلدي فيتري سور سين”، و”المرأة والمتوسط برواق عين الثور”، ورواق “الجهات الأربع لاباليس”، وبرواق “مونيسبال دي فتري سور سين”، ورواق “في متحف الفنون”، وب”دار الفنون بباريس” و “37 فنانا من مجموعة سيريس فرانكو”،و”بمعهد العالم العربي. ويَذيع صيتُ الشعيبية ونجاحُ معارضها في أوروبا، فتتلقى دعوة من اسبانيا،من أجل تنظيم معرض في جزيرة إيبيزا،وآخر ب”المعهد الفرنسي” ببرشلونة، وبرواق “الفن لليمونير”، وبرواق “ايفان سبونس-ايبيزا”، وب”مؤسسة خوان ميرو” ببرشلونة. سافرت الشعيبية بعد أن حصلت على تزكية من “معهد غوته” الألماني بالمغرب، بفضل نجاح عرض تجربتها، حيث بيعت كل منجزاتها التعبيرية، إلى فرانكفورت، وعرضت بكوستكابينت،وبرواق هانا بيكر فون راث الشهير بنفس المدينة. وبسويسرا،عرضت ب”رواق المربع الأبيض” وبرواق “المربع الأسود” وبرواق “فاليت” بجنيف، و”9 إبداعات بالمعهد السويسري” وب”معهد الفن الفطري” و”مجموعة الفن الخام” بلوزان. وببلجيكا، عرضت برواق “اوستاند ولييج”..وباليونان،عرضت برواق بالمعهد الفرنسي بأثينا، وبالدانمارك ب”المدرسة المغربية” بكوبناكن. وبهولاندا،عرضت برواق “الملاك” بروتردام. وبالولاياتالمتحدةالأمريكية، عرضت بكارولينا الشمالية وبوسطن وواشنطن ونيويورك،وبرواق “انا ايزاك بيفرلي هيلز” بكاليفورنيا. وبكوبا، عرضت في “البينالي الثاني” لهافانا وشاركت في معرض جماعي. وبالمغرب،عرضت الشعيبية، ب”رواق المعهد الثقافي الألماني غوته”، وبرواق “ألف باء” و برواق”نظر”، وبرواق “الداوليز” و”13 فنانا معاصرا” بفندق منصور، وفي “البينال العربي الثاني” بالرباط، وب”دار أمريكا “، بطنجة وفاس والبيضاء والرباط ومراكش، ب”المركز الثقافي الفرنسي”، ورواق “الخريف بالقصر الكبير”،ورواق “ماي بالقصر الكبير”، وبرواق “فريدريك دامغار” بالصويرة ،وب”المركز الثقافي” بمراكش، وبرواق “باب الرواح” بالرباط.وفي تونس برواق” ابتسام” سنة1983 وكما توجد أعمال الشعيبية بأروقة عالمية، كذلك ومثال توجد بأشهر المتاحف في المعمور: متحف “أوقيانوسيا” بباريس، ومتحف “سانت انغريت” بألمانيا، ومتحف “الفن الخام”، ومتحف ليليزي بلوزان بسويسرا، ومتحف الفنون الجميلة-ايكسال ببروكسيل،، ومتحف “الفنون الحديثة”بنيويورك، ومتحف “الفن الحي” بتونس، والمتحف الوطني محمد السادس بالمغرب. أيضا، توجد منجزات الشعيبية ضمن مجموعات عمومية ببعض المؤسسات من ضمنها المؤسسة الوطنية للفنون المعاصرة بباريس، وعدد كبير من المجموعات الخاصة في المغرب والخارج، لاسيما في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ولبنان ومصر والهند وكندا وإسبانيا وسويسرا وهولندا وبلجيكا وهايتي واليابان وأستراليا ونيوزيلاندا والسويد والدانمارك وألمانيا. ..وبعدُ، وأمام هذا الإنجاز الرائع، الذي يقتضي إبداعا عن مجهود، ووقتاً وتنقلاتٍ ومصاريفَ كثيرة،لايمكن إلا أن نعترف ونحيي. على أنه-أقول- ما كان للفنانة الشعيبية أن تتخطى المحلية إلى العالمية، رغم ما حباها الله من موهبة فذة ورغبة جامحة في تأكيد الذات وفرض الوجود، لوما شملها ابنها الفنان الحسين طلال، والفنان أحمد الشرقاوي، والفنان أندري الباز، والناقد الفني بيير كوديبير والكاتب والرسام فيرنر كيردت، بعناية خاصة . وكلنا يذكر تلك الرسالة الملكية /الوثيقة التي بعثها إليها الملك الراحل الحسن الثاني، نجتزئ منها مايلي: “إن هذه اللوحات التي تشهد على درجة الكمال التي لم يصل إليها الفن التصويري المغربي بعد ، بفضل عملك الجاد ومثابرتك العنيدة للاستمرار بثبات وجهد بحثي مدعوم بإتقان مناسب لتقنيتك ، يشرّف المملكة . ” هكذا شرُفت الشعيبية بنفسها وشرَّفت بلدها المغرب، وهي تعرض إلى جانب الرسامين الكبار في الساحة التشكيلية العالمية،مؤكدة أن الإبداع لاجغرافية له، وأنه ليس وقفا على الغرب، ولا على الرجال، ولا على التشكيليين الأكاديميين، وآية ذلك أن أعمالها محلُّ تقدير وإعجاب، وتُقتنى بأعلى الأسعارحتى بعد مماتها. لوحة “اشتوكة قريتي”، ولوحة “حفلة زفاف” على سبيل المثال، بيعت كل واحدة منهما بما قدره مليون ونصف المليون درهم . إن الشعيبية مصدر فخر المملكة..إنها مدرسة للرسم في حد ذاتها. ومن باب المستحيل الحديث عن تاريخ الرسم والتشكيل في المغرب بل وفي العالم من غير الإتيان على ذكرها.