أكد منصف السلاوي، الخبير المغربي في علم المناعة واللقاحات، أن هناك 800 دراسة سريرية تجرى في العالم، من أجل تحديد كل الخصائص التي تتعلق بفيروس كورونا المستجد والعمل على تطويقه، حتى يتأتى توفير دواء يمكّن من تقليص والحدّ من استنساخه وتكاثره، وفي مرحلة ثانية يحول دون أن تؤدي مناعة جسم المريض إلى الرفع من معدلات مضادات الأجسام وأن تظل في المستوى المطلوب. وأوضح الخبير خلال لقاء «حديث مع الصحافة» الذي يعده الزميل عبد لله الترابي ، بثته القناة الثانية مساء الأحد الأخير،و أن هناك نقطة ضوء تتمثل في أن هذا الدواء قد يكون متوفرا في شهر يونيو، إضافة إلى أن فيروس كورونا المستجد، لحد الساعة وفي ظل دائرة انتشاره عبر العالم، وإن فيروسات الحمض النووي الريبوزي التي تخصه لم تتغير، خلافا لما يقع بخصوص فيروس الأنفلونزا الذي يتغير كل سنة، وبالتالي يمكن محاصرته ما ظل الوضع على هذه الحالة. وأشار الخبير في علم المناعة والفيروسات، أن هناك أكثر من 30 لقاحا في طور التجريب، وأن لقاحين اثنين انتقلا من مرحلة التجريب الحيواني إلى مرحلة الدراسة السريرية على الإنسان، ومدتها 8 أسابيع، ليتم الانتقال بعد ذلك إلى المرحلة الثانية فالثالثة، مبرزا أنه من الممكن أن يتوفر لقاح ضد الفيروس في العالم متم السنة الجارية ومطلع سنة 2021، مؤكدا على أنه تم الوصول إلى هذه النتيجة الحالية خلال الفترة ما بين 13 يناير و 16 مارس، وهو ما يعتبر إنجازا، لأن نتيجة مماثلة تتطلب في الوضع الطبيعي ما بين 3 و 5 و 7 سنوات. وشدّد الخبير المغربي على أنه إذا ما توفر اللقاح، فإن الإشكال الذي سيطرح سيتمثل في تصنيع الكميات المطلوبة عالميا وأولويات تسليمه إلى من هم في حاجة إليه، حيث سيتم تحديد معايير معينة لهذه الغاية، كتمكين البؤر التي لا تزال ارتفاعا في معدلاته من اللقاح أولا، وغيرها من المعايير الأخرى، كما شدد المتخصص في علم المناعة على أن رفع الحجر الصحي لا يجب أن يكون كلّيا وإنما تدريجيا، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس وتبعاته، كما هو الحال بالنسبة للمسنين والمصابين بأمراض مزمنة، مع ضرورة استمرار التقيد بعدد من الإجراءات الوقائية، وتفادي استعمال الأشياء المشتركة، وغيرها من التدابير ذات البعد الوقائي.
– كيف ولجتم مجال تخصصكم الحالي؟ – إلتحقت بعالم اللقاحات والأدوية ضد الفيروسات، مستعينا بخليط من الشغف والمعرفة، اتجاه علم البيولوجيا، والمعارف المتعلقة بمنظومة عمل الجسم البشري، تحديدا ما يرتبط بعلم المناعة البشرية، وشيء من المصادفة والحظ، كما تصادف اختياري لهذا التوجه، بلقائي مع زوجتي المستقبلية، دكتورة علم الأعصاب، خلال إعدادي لتكويني لما بعد الدكتوراه. في سنة 1983 إبان ظهور فيروس السيدا، الذي سرع الأبحاث الطبية، للتمكن من إيجاد لقاح جديد، قررنا أنا و زوجتي معا حينها العودة إلى بلجيكا، لتواصل عملها مع فريقها البحثي بهدف إيجاد لقاح للفيروس، ولأزاول مهامي كبروفيسور في جامعة بروكسيل، وعلى مدى 3 سنوات اشتغلت بنفس الشركة مع زوجتي، كمستشار لها وهناك اكتشفت شغفي بعلم اللقاحات، وأهميتها الشديدة بالنسبة للعالم، لاستمر بها على مدى مسيرتي المهنية (29 سنة)، قبل أن احصل على تقاعدي منذ قرابة 3 سنوات. -كيف تفسرون ما يقع حاليا، لبلد بقوة وتطور الولاياتالمتحدة؟ – صحيح. إن ما يقع الآن في الولاياتالمتحدة، ليس بالأمر سهل التفهم و التصديق، فلا يمكننا إن نتفهم كيف انقلبت الأحوال بهذا البلد، مع فيروس ذو انتشار واسع ومعدي لدرجة أرعبت البشرية. في الواقع، فإن تفاقم الوضع بالولاياتالمتحدة، في أوروبا الجنوبية و في انجلترا، يكمن في تأخر هذه البلدان في تطبيق الإجراءات الإحترازية، كغيرها من دول العالم، خاصة إجراء «الحجر الصحي الإجتماعي» الصارم. كنتيجة لعدم تطبيق الإجراءات الاستباقية، انحصرت الولاياتالمتحدة، بموجات تحرك الفيروس، القادمة من نصف الكرةالأرضية الشرقي و الغربي،إنطلاقا من شهر دجنبر من السنة الماضية، أي بتأخر يعادل شهرا و نصفاإلى شهرين، من أخر تصريح للصين بخصوص الفيروس، ماأدى إلى انتشار الفيروس على صعيد محلي واسع، مستعينا بالحركة الدائمة للشعب الأمريكي، إذ لم تتمكن السلطات الأمريكية، من نشر التوعية بخصوص الجائحة، حتى حدود نصف شهر مارس، الأمر الذي يفسر بلوغ الإصابات عتبة 500 ألف حالة، لكن جل الخبراء في المجال، يقدرون أعداد المصابين ب5 إلى 10 أضعاف الرقم المعلن عنه. – كيف تفسرون خصوصية هذا الفيروس، والحالة الوبائية الحالية؟ – إن واقع تواجد جائحة، مرتبط بشكل مباشر بنظام العولمة، وبالحركة الدائمة ذات الوتيرة السريعة، والشاملة ما بين البلدان والمدن، خصوصا بالولاياتالمتحدة، مما أدىإلى انتشار الفيروس في ما لا يقل عن 150 بلدا من بلدان العالم. ثانيا، إن الخواص المميزة للفيروس، هي ما تساعده على الإنتشار، والتموقع لدى المصابين المحتملين، علاوة على معدل العدوى به والإنتقال المرتفع، فيكفي أنيستضاف لدى شخص واحد، لكي ينتشر بين عدد لا باس به من الأشخاص، قد يصل إلى المئات دفعة واحدة، ما يبين هيمنة الفيروس حتى وسط عائلة «الفيروسات التاجية»، التابع لها على غرار «سارس»، والتي من الصعب إن لم نقل من المستحيل توقعها. لقد حاول العديد من الخبراء في المجال، على غراري بطبيعة الحال، التحذير من عواقب عدم الإستعداد للهجمات الفيروسية، تحديدا بعد أزمة فيروس «إيبولا» بإفريقيا، إذ أنالأمر لا يتعلق بنوع الجائحة أو الوباء، بقدر ما يتعلق بمدى مواجهتها. – متى يمكننا أن نؤكد أن البشرية قد وجدت علاجا فعالا لكوفيد19؟ – أولا، بخصوص الأدوية الموجهة لعلاج الحالات المصابة مسبقا، لدى الباحثين في المجال، ما يقرب من 800 بحث علمي و طبي، على المستوى الدولي وبتحديث مستمر، إضافة إلى توفرنا على عدد كبير من عائلات الأدوية، القادرة على الفيروس المستجد، لعل أبرزها عائلة الأدوية المقلدة لطبيعة الفيروس، كمثال «هيدروكسيد كلوروكين»، بالرغم من علمي بالنتائج المتضاربة حول فعاليته، والتي تخالفها العديد من الأبحاث السريرية الجديدة، علاوة على عقار من شركة تدعى «جيلياد»، الذي أبان بدوره على نتائج إيجابية جدا، علاوة على مضادات الأجسام الأحادية، المستخلصة من أجسام من تغلبوا على العدوى، لتزرع في المصابين بدورهم. لا يسعني إلا التفاؤل، بسرعة الدراسات السريرية على المرضى، والتي قد تمكننا في غضون شهر ماي أو يونيو، من التأكد من فعالية الاستراتيجية الدولية للحد من كورونا، المتعلقة حاليا بقوة دفاعات جهاز المناعة البشري، و تأقلم الأخير مع العقارات الحالية او المقترحة في الأسابيع المقبلة، بالرغم من صعوبة التأكد من نسب نجاح التدخلات الدوائية، لكنني على ثقة بأن العلاجات المقدمة، ستمكن من خفض مستويات الإصابة و الوفاة بشكل تدريجي. فيما يخص اللقاحات، بصفتها مجالا عمليا و تخصصيا، فهناك ما يقرب من 30 لقاحا، قيد التطوير من بينها لقاحين قيد الدراسة حاليا. ما يثير الدهشة، إن الجينوم الخاص بالفيروس، قد تمت دراسته و تحليله، في مدة لا تتجاوز 8 أسابيع، مقارنة بمتوسط 3 إلى 7 سنوات، من قبل شركة أدوية محلية، لتستطيع بعد الدراسة أن تكون لقاح يشابه بنية الفيروس، منتقلة إلى المرحلة التجارب السريرية، على مدى 3 مراحل أساسية. يمكنني القول، أنه وبنهاية السنة الحالية، سنكون قادرين على معرفة، قدرة اللقاحات الحالية أو التي قيد التطوير، علاوة على مستوى أمانها وحمايتها، سواء لفئران التجارب أو المرضى مستقبلا، لان المشكل الرئيسي ليس في إيجاد اللقاح، بل في إنتاج القدر الكافي منه. – إذن، هل ستعاني البشرية لتوفير اللقاح «الموعود» للجميع؟ – كما ذكرت مسبقا، ليس المشكل الرئيسي، هو إيجاد اللقاح الفعال والنهائي، بل يكمن لب المشكلة، في قدرة البشر على إنتاج القدر الكافي منه، الأمر الذي ناقشته مع العديد من الخبراء، في جلسات مع السلطات المحلية، منذ بضع سنوات، مؤكدين على ضرورة تشييد و بناء القدر الكافي من المصانع الدوائية، لإنتاج اللقاحات بكميات ضخمة ووفيرة، حيث إننا قد نعيش يوما، ستضطر البشرية فيه لمواجهة خطر كبير. لأعطيك فكرة بسيطة، حول أهمية تشييد هذه المصانع، من نقطة الصفر أو التصميم وصولا إلى إقامة مصنع ما، وما بين تقديم الطلبات للسلطات العمومية، والحصول على الموافقة بتصنيع اللقاح، ثم بيعه بكميات كبيرة، فإن الأمر يستغرق ما بين 4 إلى 5 سنوات. لدى علينا ان نكون حاليا، مبدعين لأبعد الحدود، في البحث عنأفكار تمكنا من إيجاد وتكوين وتصنيع وبيع لقاح ما، يستخدم في المقام الأول للمرضى المصابين، في وضعية حرجة أوصعبة، ثم الأطباء والأطر الطبية، وشيئا فشيئا إلى كافة المصابين المحتملين، وأخيرا إلى العموم. – بالنسبة إليكم، ما هي حظوظ دول كالمغرب مثلا، في توفير هذا اللقاح المستقبلي، توزيعه و بيعه إن وجد في المستقبل القريب؟ – سيكون علينا الإجابة، قبل كل شيء، على مجموعة من الأسئلةالأخلاقية المهمة، من بينها كيفية تقرير الأشخاص ذوي الأولوية، في الحصول على اللقاح. لنقل كمثال، إننا نملك ما بين 10 إلى 20 مليون لقاح، كيف لنا أن نحدد الشعوب ذات الأولوية لإستخدامه، سؤال تكمن إجابته في تمكين السلطات الطبية والعلماء، من الإختيار الأمثل و تقرير أسبقية فئة دون الأخرى في استخدام العقار. بالنسبة لي، وإن أتيحت لي هذه الإمكانية، فسأتوجه لتوفير اللقاح في «النقاط الساخنة» للفيروس، أي في الأماكن التي قد يعج بها، على غرار المستشفيات وغرف العناية الفائقة، وتحديدا للأطر الطبية على جميع المستويات، وذلك لكونهم الحاجز الأول في مواجهة الفيروس، ثم سأنتقل تدريجيا إلى المرضى في وضعية حرجة، ثم إلى المناطق الجغرافية الأكثر إصابة، بالرغم من صعوبة الأمر، لكوني عشت هذه المعضلة، خلال عملي بمجموعة جي-إس-كا»، ما بين سنتي 2008-2009، حيث اصرت بعض الحكومات على حصرية توفير بعض العقارات لشعوبها فقط، إلا أنني ومن جهة أخرى، مؤمن بقدرة الدول البحثية، على توفير لقاح أو عقار فعال، والتخطيط أيضا لإستراتيجيات فعالة للحجر الصحي، إي كما أقول دائما «هناك بصيص من الضوء في نهاية الطريق». – ما هي السيناريوهات المحتملة، من وجهة نظركم لعملية إلغاء أو التخلص من «الحجر الصحي»، بعد تلاشي بوادر أزمة كورونا المستجد؟ – أظن بان هذه العملية، ستستمر لفترة من الزمن، على مراحل متعددة و بطيئة. إن المرحلة الأولى، لا تتجلى إلا في تطبيق، إجراء الحجر الصحي بشكل صارم، لأنه مرتبط بالأساس بقمة الإصابات المسجلة، فلا نفع لإنهاء عملية الحجر الصحي، إن لم يلاحظ نخفاض في خط الإصابات بالعدوى الفيروسية. المرحلة الثانية، تسعى لتطوير اختبارات سريعة النتائج، تمكن من التعرف على المعطيات المتعلقة بالوباء، بشكل دقيق وسريع وموثوق، بغية إستبعاد الأشخاص المقاومين ذاتيا للفيروس، ودراسة السلوك المناعي لديهم، وربما الإستفادة منه في تطوير لقاح فعال، كون هؤلاء الأشخاص المقاومون ذاتيا للفيروس، سيساهمون بدورهم في تحريك العجلتين الإقتصادية والإجتماعية، وتخفيف العبء الثقيل على المؤسسات الطبية. في المرحلة الثالثة، سيكون علينا التأكد من اللقاح النهائي ونجاعته الإستشفائية، بيد انه سيوجه للتلقيح على المستوى العالمي، وسيكون متوفرا في شكله النهائي، خلال سنوات قادمة من الآن، ليمكن المختصين من خفض مستوى الخطر، على حياوات الأشخاص مستقبلا، مقارنة بما عشناه بعد وفاة ما يقرب من 20 ألف شخص، في اقل من 6 أسابيع، مقارنة بأعداد الوفايات من الإنفلونزا، التي لا تتجاوز 30 ألف شخص في السنة، في الولاياتالمتحدة لوحدها بالرغم من وجود لقاح للمرض. – هل يمكن لشخص أصيب من قبل بالفيروس، أن يصبح محصنا ضده في حالة ما شفي منه؟ – للتذكير، فإن معظم الإصابات، بالعدوى الفيروسية إن تم الشفاء منها، تؤكد حقيقة أن العدوى بذاتها، قامت بتحصين الجسم البشري المستضيف، من عيش تجربة العدوى بالفيروس مرة أخرى، إلا في حالة الفيروسات، التي تغير بنيتها الداخلية بشكل مستمر، للتأقلم مع أي مستضيف جديد. ولهذا، في حالة فيروس «الانفلونزا» الموسمية، ينصح بإعادة تلقيح في كل موسم، لتفادي أي مستجدات فيه، غير متوقعة أو داخلة في الحسابات المرضية. بالنسبة لفيروس كوفيد19، وبالرغم من قدرته المدهشة على التكاثر، والذي و بحسب اعتقادي قد يكون مستضافا، من قبل 15 إلى 100 مليون شخص، حول العالم كأحسن تقدير،لكن قدرته على التنوع و التكاثر، لا تضع في الحسبان إمكانية هروبه من أو تجاوزه للنظام المناعي البشري، بالأخص المستضيفين الذين لم يحسوا بأية أعراض، و لمن أحسوابأعراض خفيفة ثم زالت بمرور الوقت. لهذا، سيكون من الصعب على الفيروس، أن يصيب بالعدوى الأفراد، الذين كونوا مناعة قبلية للفيروس. يمكننا القول، بان اللقاحات والأدوية ضد الإصابات الفيروسية، لاتحمينا من الإصابات الصغيرة والبسيطة، بل هي مخصصة للأوبئة والجوائح الفيروسية، وذلك لأننا قد نصاب بعدوى بسيطة دون أن نشعر، ولانحتاج على إثرها للتلقيح، لان النظام المناعي يقوم بوظيفته، ويخلصنا من الفيروس بسرعة دون مرض مسبق. – ما رأيكم في استخدام التقنيات الحديثة لمواجهة الفيروس المستجد؟ – أرى بأن استعمال التقنيات الحديثة، على غرار «الذكاء الإصطناعي» و«البيانات الضخمة» وغيرها، لها أهمية شديدة في مواجهة الجائحة، والحد من توسعها وزيادة القدرة على مقاومتها، كما أتمنىأن يتجاوز العالم، النقاشات المتعلقة ب»قوانين الخصوصية»، بغية العمل على التخلص من الفيروس المستجد، الذي يشل الحركة العالمية حاليا. في الواقع، هنالك تطبيقات الهواتف المحمولة، موثوقة و مخصصة للجائحة الحالية، تمكننا من معرفة كم الأشخاص المصابين حول العالم، أو هل سبق أن إلتقينا بشخص مصاب من قبل، وهذا يعتمد على قدرة الذكاء البرمجي، على تحديد الأشخاص المصابين من غيرهم. لتنجح مثل هذه البرمجيات، على الأفراد ان يتقبلوا، فكرة الحفاظ على هاتفهم دائما معهم، زيادة على تجاوز الخلافات حول الخصوصية، على غرار دول كالصين و كوريا الجنوبية، حيث حققت نجاحا كبيرا، ومكنت السلطات الطبية من حصر الفيروس. – أخيرا، كيف ترون العالم الجديد، بعد جائحة كورونا المستجد؟ – يواجه العالم اليوم، تحديا امنيا ومجتمعيا كبيرا، يمس صحة البشرية الحالية والمستقبلية، وهنا يأتي دور الحس الإنساني المسؤول، المتمثل في التعاون الدولي والقدرة على الابتكار و التطوير، بوتيرة دقيقة وسريعة، غيرت من المفاهيم المقترحة حول عدة قطاعات حيوية او صناعية، إذ انها تمكنت في أيام او أسابيع قليلة، من تحويل مسارها المهني بشكل شبه كامل، نحو صناعة وإبتكار أدوات او معدات، تخص التصدي لكوفيد19. من بين القطاعات، التي أتوقع لها إزدهارا واسع النطاق، قطاع «التجارة الإلكترونية»، ولو لهيمنة هذا القطاع، آثار سلبية على سوق الشغل، وآثار جانبية سيئة على معظم الشركات، من بينها الوقت الطويل، للتحول نحو المجال الرقمي. من جهة أخرى، يمكننا أن نعد عدة علامات ايجابية، لعملية التحول الرقمي، من بينها إلغاء أو تراجع «القيمة المضافة» على السلع، لدى محلات التجزئة و الأسواق الإلكترونية ك«أمازون». أعتقد أيضا، بأن بعضا من جوانب الحياة، على غرار «العمل من المنزل»، ستنتشر كالنار في الهشيم وسيكون لها شان مهم مستقبلا، وذلك بالنظر إلى حال سوق الشغل العالمي، توجه مفروض من قبل الشركات المحلية والدولية، والتي تشتغل معظمها بوتيرة جيدة جدا، مقارنة بالفترة ما قبل كورونا، وهو نمط جيد بالنسبة للأفراد أيضا، إذ يسمح لهم بوضع حياتهم المهنية والشخصية في كفة واحدة، ويخفف بذلك من التوتر العام بخصوص الحياة الشخصية، لأرباب الأسر والشغيلة أؤمن أيضا، بان الاستثمار في القطاع الصحي، واكتشاف أدوية ولقاحات جديدة، كما سيعرف هذا المجال المهم، إنتعاشة وإهتمام كبيرين من قبل المستثمرين، وأيضا من قبل الدول الداعمة للقطاع محليا أو دوليا. بالنسبة لمناهضي اللقاحات، أود أن أوجه رسالة لهم، تخيلوا معي إن لم تجد البشرية، على مدى تاريخها «اللقاحي» الممتد لأكثر من 38 سنة، لقاحا للإنفلونزا والجدري والحصبة وغيرها، ما الذي كان سيحصل في نظركم؟، كنا سنعيش في عالم مكون من هذه الفيروسات، علاوة على نظيراتها المستجدة، والأكثر فتكا حتى من كورونا المستجد. لهذا، ومن فضلكم، يجب الحد من هذه الأفكار الخاطئة، إن الفضل في استمرار البشرية الى اليوم، يعود في المقام الأول إلى «اللقاحات»، التي مكنت البشرية من تجاوز محن وبائية صعبة، كادت ان تفتك بها. من وجهة نظري، هناك عدة أمور ستتغير أو ينتهي أمرها، أو أماكن وقطاعات اجتماعية معروفة، بعد القضاء على فيروس كوفيد19، كمثال «دراجات التنقل المشتركة»، تلك الدراجات الهوائية، المتوفرة في عدة بلدان حول العالم، حيث سيبدأ الجميع في التخوف من لمسها، آو استعمالها ولو للضرورة القصوى، قد يشمل هذا حتى خدمات النقل الإجتماعية ك»أوبر» وغيرها، وصولا إلى غرف الفنادق، والنوادي الخاصة والقاعات الرياضة، والتي سيتغير وجهها التسويقي مع رحيل كورونا المستجد.