الخِضرُ والسندبادُ ونوحُ وعوليسُ مروا على البحرِ حتى انتهوْاْ في القرارِ ولم يرجعواْ منذُ أنْ سكنوهْ * أتخيلهمْ كالملائكِ يرتفعونَ عنِ البحرِ أو كالمراثي التي تَتَدفَّقُ منْ حنجراتِ المنابعِ لا ينظرونَ إلى الأرضِ أو يرجعونَ خيالاً إلى زمن المهدِ والذكرياتْ * أتخيَّلهمْ غرباءَ على غير أرض بلا قمر اسْتَمَاتواْ دموعاً رثَوْاْ كلَّهمْ وهمْ يلثمونَ جثامينهمْ واحداً واحداً كأنهمُ يختفونْ * أتخيلهمْ راصدينَ الحمام الذي سيهبُّ من الشاطئِ المتضرجِ بالوردِ أو من سواق تغني لكل غريب يحل قريباً إلى ضفتيْها ولكنها لا تهبُّ وهمْ يحلمونَ وكم يحلمونْ * أتخيلهم يسمرونَ بدونِ قياثرَ يشْدونَ دون كلام وقد يرقصونَ إذا ثملواْ دون أقدامهمْ كالسرابْ * أتخيلهم صامتينَ وهمْ يجْدِفونَ بأيديهمُ الصَّدئاتِ وهم مُرهقونَ وهم شاحبونَ كأنَّ السفينةَ تابوتهمْ وهمْ في الطريقِ إلى المقبرةْ * أتخيلهم يحصدون الجواهرَ حتى تفيض الجرابُ لألئَ كم يضحكونَ كأنهمُ سعداءُ وينسوْنَ أنهمُ في الهديرِ وفي الظلماتِ وينسونَ أنهمُ يغرقُونْ * أتخيلهم واقفينَ على حافة البحرِ خلفهم البحرُ ملتفعينَ الضبابَ على أهبة لملاحقة الريحِ وهْي تسير بعيداً عن البحرْ ولكنهمْ هكذا في الفخاخِ التي من ترابْ * أتخيلهم ها هنا تركوا البحرَ يفرسهُ القرشُ يجلده الليلُ تسطو عليه الرياحْ تركوه هناكَ وعادوا فلم يجدوا شاطئا ولم يجدوا أي أرض هنا في العراءْ * هم الخضر والسندباد ونوح وعوليس مروا على البحر حتى انتهوا في القرار ولم يرجعوا منذ أن سكنوه ........ .......