في فترة قياسية صدرت مئات الكتب التي تتناول «فيروس كورونا»، معظمها من أقل من مئة صفحة، ومليئة بالنصائح والوسائل التي تقترح وسائل لمنع انتشار المرض والسيطرة عليه، والتي غرق بها موقع أمازون في أيام قليلة، دون أن تكون هناك وسيلة للتوثق من مدى صدق وصلاحية هذه الإصدارات. من الواضح أن هذه المنشورات لا تهدف في حقيقتها إلا إلى الربح، مثلها مثل الكمامات المضروبة التي وصلت تالفة إلى مشتريها أو المعقمات التي أصبح الموقع سوقاً للمضاربة في أسعارها وأنواعها، مما اضطر القائمين على المنصة العملاقة والمخصصة للبيع بالتجزئة إلى حذف «عشرات الآلاف» من المستخدمين الذين لجأوا إلى الغش. لكن ماذا يمكن لأمازون أن يفعل في معركة لن يكون الرابح فيها حتماً، مع كم كبير من المستخدمين والكتب التي تنتج بسرعة، مستفيدة من ثقافة السوق المفتوح بلا رقيب، إصدارات وصفتها الصحف الأجنبية بأنها مليئة «بالمعلومات المضللة والأخطاء الإملائية والنحوية»، حيث استفاد باعتها من أجواء الهلع العام والبحث عن أمل في العناوين التي تحمل العلاج وكلّها موقعة بأسماء أطباء يُعتقد أنها زائفة؟ من القصص التي ما زالت مواقع وصحف أميركية تلاحقها، سر الطبيبة زو غوتليب، مؤلفة «كل شيء يجب أن تعرفه لتفادي المرض وتحمي نفسك من اندلاع ووهان 2020»، و»كورونا والقناع والحقيقة»، تلك التي تظهر في صورة على غلاف وهي ترتدي معطفاً في مختبر وتدير ظهرها للقارئ، وتصف نفسها بأنها خبيرة في الأمراض المعدية مع شهادة في الهندسة الحيوية وعلوم الطب الحيوي من جامعة كاليفورنيا، ولم يسفر البحث عن سجلها المزعوم في دراسات علم المناعة وتفشي الأمراض المعدية عن أي نتائج، وفجأة اختفت هذه الشخصية واختفت معها كتبها المزعومة من دون أثر بعد أن كثر استفسار الصحافيين عنها. ليس هذا فقط، بل إن ثمة منشوراً آخر ظهر بعنوان «فيروس كورونا: دليل عملي للاستعداد والحماية»، وقد أدرجت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية (HHS) على أنها مؤلفه الرئيسي، إلى جانب اسم منظمة وهمية لا وجود لها، وقد حذف «أمازون» الكتاب أيضاً من العرض، بينما لم تستجب وزارة الصحة حين طولبت بالتعليق على حقيقة الكتاب وتجاهلت الرد على إيميلات صحافيي موقع «أندارك». بعض هذه الكتب التي تدّعي أنها «تستند إلى بيانات وأبحاث إكلينيكية محكمة من أجل مساعدتك على فهم أفضل لكورونا المستجد»، تم تجميعها من التقارير المتاحة بالفعل عبر الإنترنت. منها كتاب تريسي رينهارت «كورونا ووهان» الذي تظهر على غلافه فتاة ترتدي القناع وتقف أمام قلعة ضخمة، وهو عمل يستفيد من تقارير وتحقيقات «إن بي سي» حول الأزمة منذ بداياتها. ومن الكتب الطريفة التي حققت أعلى المبيعات كتاب أماندا كينغ «لماذا تقلق بشأن شراء المطهرات ويمكنك صنعها في المنزل؟». الأمر لن يتوقف عند سوق الراشدين، بل إن هناك من يصدر كتباً بلا مرجع للأطفال من هذا النوع، مثل «ملك الكورونا الصغير» الذي يلجأ إلى شرح قصة الفيروس بطريقة يصفها بأنها «لطيفة وإيجابية وتضمن للطفل نهاية سعيدة». رغم ما لخاصية النشر الذاتي من ميزات إيجابية التي يتيحها أمازون، إلا أنها أتاحت لمنتهزي الفرص أرضية كبيرة بزبائن خائفين تحرّكهم غريزة البقاء وحالة الرعب والهلع، فبنت هذه الفئة السوق في غضون أيام ووجدت له صدى بالآلاف من الساعات الأولى لظهوره، وتناغمت مواضيع الكتب مع نظريات المؤامرة واقتراب نهاية العالم أو العقاب الإلهي، في حين كرّرت العديد من العناوين الأخرى المعلومات المتاحة بالفعل مجاناً من وكالات الصحة العامة، والمفارقة أن خمسة من هذه الكتب المشبوهة هي اليوم في قائمة الكتب المئة الأكثر مبيعاً في «أمازون». عن «العربي الجديد»