أبرزت إحصائيات بنك المغرب ارتفاع مديونية الأسر المغربية إلى مستوى مقلق، مع ظهور مؤشرات تندر بأزمة حقيقية في هذا المجال.وتشير الإحصائيات على الخصوص إلى ارتفاع قيمة الأقساط الشهرية للقروض العقارية التي عجز أصحابها عن تسديدها بنسبة 36 في المائة مقارنة مع بداية العام وبنسبة 54 في المائة خلال سنة. كما بينت إحصائيات بنك المغرب لجوء أعداد متزايدة من المواطنين إلى اقتراض سلفات استهلاكية طويلة الأجل لتسديد سلفات الاستهلاك القديمة القصيرة والمتوسطة الأجل. وفي هذا السياق ارتفعت حصة سلفات الاستهلاك التي يفوق أجل سدادها 7 سنوات إلى نحو 22.2 في المائة من إجمالي سلفات الاستهلاك التي أخذتها الأسر المغربية من البنوك. وتجدر الإشارة إلى أن المديونية الإجمالية للأسر المغربية اتجاه مؤسسات الائتمان وشركات التمويل ارتفعت إلى 423 مليار درهم وأصبحت تمثل 37 في المائة من الناتج الخام الداخلي. وتوزعت هذه المديونية، حسب إحصائيات بنك المغرب، بين مؤسسات الائتمان بنسبة 82 في المائة، أي 345 مليار درهم، وشركات التمويل المتخصصة بنسبة 18 في المائة، أي 78 مليار درهم في نهاية سبتمبر. وعرفت مدوينية الأسر توسعا قويا خلال العشر سنوات الأخيرة، إذ ارتفعت بنحو 75.12 في المائة منذ عام 2009، فيما ارتفع الإنتاج الخام الداخلي خلال نفس الفترة بنسبة 55.7 في المائة، وارتفعت حصة الفرد من الانتاج الخام الداخلي بنسبة 37 في المائة خلال نفس الفترة. ويرجع هذا الارتفاع أساسا إلى الطفرة التي عرفتها قروض شراء السيارات، وسلفات الاستهلاك والقروض العقارية. فعلى مدى عشر سنوات انتقل جاري قروض شراء السيارات من 1.66 مليار درهم في 2009 إلى 33.52 مليار درهم في سبتمبر 2019، وانتقلت حصته من المديونية الإجمالية للأسر المغربية من 0.7 في المائة إلى 8 في المائة. ويعود هذا التطور بالأساس إلى سياسات تشجيع اقتناء السيارات الجديدة، خصوصا السياسات التجارية للشركات الكبرى التي تمنح قروضا "بدون فائدة" في إطار شراكات تبرمها مع شركات التمويل. بالإضافة طبعا إلى وقع مشروع تركيب "السيارة الاقتصادية". أما القروض العقارية للأسر فعرفت نموا بنحو 62.5 في المائة خلال العشر سنوات الأخيرة، إذ انتقلت قيمتها من 169 مليار درهم في 2009 إلى 275 مليار درهم نهاية سبتمبر 2019. وتمثل القروض العقارية حاليا نسبة 65 في المائة من إجمالي مديونية الأسر المغربية. في حين عرفت سلفات الاستهلاك خلال نفس الفترة نموا قويا بدورها، إذ تجاوزت نسبة ارتفاعها خلال عشر سنوات 62 في المائة، ومرت من 71 مليار درهم في 2009 إلى 115 مليار درهم في نهاية سبتمبر 2019. غير أن مجموعة من الإحصائيات التي نشرها بنك المغرب ضمن سلاسله الإحصائية تبين أن قدرة الأسر المغربية على الاستدانة قد تآكلت بشكل كبير، وبدأت ترزح تحت ثقل المديونية بشكل مقلق. فبالنسبة للقروض العقارية تشير إحصائيات بنك المغرب إلى أن قيمة أقساط الدين الشهرية التي لم تسدد ارتفعت بنسبة 54 في المائة خلال سنة (بين سبتمبر 2018 وسبتمبر 2019). وبلغت قيمتها 3.02 مليار درهم. وذلك في الوقت الذي عرفت فيه القروض الموجهة للتمويل العقاري تباطؤا ملحوظا بسبب تشدد البنوك في منح هذا الصنف من القروض بسبب ارتفاع المخاطر. ناهيك عن اضطرار المواطنين إلى تمديد آجال سلفات الإستهلاك قصد التخفيف من وطأة الأقساط الشهرية.