حين تم تأسيس الأمن بالمغرب بتاريخ 16 مايو 1956، كانت هده المؤسسة حكرا على الرجال فقط ، و حتى بعد سنوات من الاستقلال وإنشاء المعهد الملكي سنة 1978 ، لم يكن دور المرأة في المجال الشرطي يتعدى سلكي مسعفة شرطة أو مساعدة شرطة، إلا أن تم تعديل مرسوم عام 2001 وأعطاهن الحق في ولوج جميع أسلاك ورتب الشرطة، حيث استقبل المعهد أول فوج ضم 20 متدربة لينتقل العدد الى 1057 شرطية عام 2007 بينما وصلت تمثيلة العنصر النسائي عام 2010 الى 2500 متدربة تخرجت منهن الضابطة والعميدة والمفتشة المركزية ... ظهرت هذه المتغيرات مع مرحلة الانتقال الديمقراطي، ومع الانفتاح الذي أصبحت تعرفه المملكة المغربية من خلال تشجيع ودعم الحضور الإيجابي للمرأة في اغلب الميادين، التي كانت الى سنوات مضت لا يقربها سوى الرجال ولعل من أهمها قطاع حساس يعنى بالأمن اليومي للمواطن، مما لا شك فيه أن المرأة المغربية كانت جديرة بهذه المهمة ... عن هذه التحديات قابلنا بعض الشرطيات فحاكونا عن واقع عملهن اليومي... الشرطية بالشارع تتعرض للتحرش والعنف اللفظي أحيانا... تعترف حبيبة شرطية بالرباط 10 سنوات من التجربة المهنية أن وجود شرطية في الشارع العام لازال لم يتقبله المجتمع بأكمله، صحيح ان هناك فئة تقدر لنا هده المهمة وتعاملونا بنوع من اللياقة و الاحترام لكن هناك بعض الناس مازالوا لم يتقبلون كإناث في هده المهمة بل هناك من يحمل حقد دفين اتجاه هذه المهنة، وأقول الناس لأنني اقصد أنهم نساء ورجال، هناك من ينظر الينا بنظرة توحي بعدم القبول ، بل هناك من يتلفظ أحيانا بألفاظ وقحة تعبيرا منه عن رفضه لتحرر المرأة لدرجة وقوفها على ارصفة الشارع فهو لا يفرق بين أنواع الوقوف، وهناك فئة حين نواجهم بمخالفات لا يقبلون أن تضبطهم "امرأة شرطية" بالإضافة الى نوع من الشباب الطائش الذي يعجبهم أن يتحرش من باب التشويش في ساعة العمل ولا نهتم بحركاتهم الصبيانية باعتبار أن التغيير لن يأتي دفعة واحدة ونحن ملزمات بالصبر إن لم يكن من أجل راحتنا فالأجل تخطي هذه المرحلة بسلام ،لان المجتمع متشعب و نحن نصادف أصناف مختلفة في كل لحظة وعلينا الصبر والاندماج مع هذا الواقع الذي حتما سوف يطرأ عليه تغيير، فنحن بصمودنا سنساهم في تيسير الطريق للنساء اللواتي سيلجون المهمة من بعدنا ولابأس إن ضحينا نحن قليلا... وعلى صعيد آخر، فقد تلقت الشرطيات أنواعا أخرى من التكوين مؤخرا مثلهن مثل الرجال حيث تخصصت بعضهن في سياقة الدراجات النارية، ثم تلقين تكوينا في مهام الأسفار الرسمية أي في الحماية المقربة للشخصيات الرسمية، وأخريات في شرطة الحدود، وبالإضافة الى متخصصات في قيادة سيارات الأمن الوطن ... فإقحام المرأة في هذه المهام بالشرطة سيعزز مكانتها الاجتماعية، وسياسهم حتما في تغيير العقليات الذكورية، ولعل تكليفها بمهام جد صعبة تتطلب من المرأة قوة خارقة لصعوبة المواقف والمخاطر التي قد تعترض سبيلها وهي تؤدي واجبها المهني خاصة وان أغلب الشرطيات اللواتي تخصصن في "السياقة" سواء الدرجات النارية أو سيارة الامن الوطني سيواجهن عينة خاصة من المجتمع ،قد يكونوا في الغالب مجرمين، أو ربما في حالة تخدير وهلوسة وحاملين لأسلحة من المفروض أن تتعامل الشرطية معهم مثل ما يعاملهم الشرطي و هي مهمة ليست بالسهلة بالإضافة الى عملهن بفرق الأخلاق العامة وهو مجال ليس بالهين فله عينته أيضا ... المرأة الشرطية عند مواجهة الاخطار تنسى أنها أنثى... وتحكي جميلة التي التحقت مؤخرا بصفوف الامن بالدار البيضاء ،عن سعادتها بهذا العمل الذي كان أحد مطامحها، كما تحدثت عن شعورها بالسعادة وهي تتنقل بين المهام المسندة اليها خصوصا فيما يتعلق بمكافحة الجريمة، وتعتبر أن المرأة والرجل سواسية في هذه المهام ،خاصة وانهما يخضعان لنفس التدريب والتكوين إذ تتلقى الشرطية تكوينا هي الاخرى في مجال الاستعلامات العامة، والحماية عن قرب، وعلم استخدام الأسلحة والتدريب على الرماية بالأسلحة النارية، وعليها أن تقوم بمهمتها مثل ما يقدمها الشرطي تماما خاصة وانهما يعينان بنفس المسطرة القانونية مضيفة على أن المرأة في مثل هذه المهام عليها أن تتعامل بمنطق الا فرق بينها وبين الرجل، فهي حاملة للسلاح وعليها أن تبرهن على قيمة الأمانة والمسؤولية المقلدة بها، فهي أضحت من حماة الوطن ومن الساهرين على أمنه... إن المرأة المغربية ظهرت بالجهاز الأمني اول مرة داخل الإدارة، في مجال السكريتاريا و كل ما يخص الخدمات الإدارية خصوصا مهام البطاقة الوطنية ،حيث تقبل وجودها المواطن بشكل عادي مثلها مثل باقي القطاعات العمومية الأخرى ، لكن مع خروجها للشارع كشرطية مرور تتكلف بتنظيم سير الطريق أو ضمن فرق النسور وشرطة الاخلاق بدأ الامر مستعصيا عليها كعاملة لازال المجتمع لم يتكيف مع وجود نوع عملها بالنسبة للنساء ، خاصة وأن مجتمعنا يختزن في فضائها العام العديد من الظواهر الاجتماعية التي لازال لم يطرأ فيها تغيير إما بسبب ضعف القوانين أو بسبب غياب دور أليات التأطير ومن أسوء هده الآفات "ظاهرة التحرش " المسكوت عنها، الشيء الذي يجعل الاسرة المغربية ترفض بشكل قطعي أي عمل قد يفرض على بناتهم التواجد في الشارع ... لكن مع وجود نساء الشرطة، أصبحت المرأة المغربية تتجرأ على مهام أخرى كسائقات سيارة الأجرة ثم بائعات في الشارع العام أو العمل في اشهار منتوجات بعض الشركات...الخ يشار إلى أن عدد الشرطيات في أسرة الأمن بالمغرب يفوق 4 آلاف، منهن عميدات شرطة، ومفتشات شرطة، وضابطات، ومنهن رئيسات دوائر، كما عززت شرطيات فرقة الأخلاق العامة، إلى جانب تعيين بعضهن في مناصب المسؤولية بمصلحة مكافحة الجريمة الإلكترونية، ومصلحة الجريمة المالية والاقتصادية، ومصلحة مكافحة العنف ضد النساء وكذا المصالح الاجتماعية للأسرة موظفي الإدارة العامة للأمن الوطني... يذكر أن الفصل الثاني من مرسوم 28 نونبر 2001، الذي عدل مرسوم 1975، المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي الإدارة العامة للأمن الوطني، نص على أن موظفي الأمن (ذكورا وإناثا) يدرجون في الأسلاك والدرجات، ابتداء بحراس الأمن، وانتهاء بولاة الأمن ،وعلى هذا الأساس، أصبح أمر ارتقاء النساء للدرجات العليا في الإدارة العامة للأمن الوطني أمرا محسوما، فضلا عن أن المرأة كضابط شرطة أضحت تتمتع بصفة ضابط شرطة قضائية، وفقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية.