اتخذت ظاهرة النفاق خلال السنوات الأخيرة منحى خطيرا في بلادنا وانعكست بالأساس على الثقة بين الناس وفي مختلف مجالات الحياة وطالت المجال السياسي وأفقدت المصداقية التي يجب أن يتحلى جميع الفاعلين السياسيين بها ومما ولد في الأمر تعقيدا للاستبداد الذي سننته الحكومة الحالية باتخاذها قرارات بصفة انفرادية في القضايا التي تهم جميع المغاربة. وفي هذا الصدد أود التطرق إلى مسألة النفاق في ظل الكتاب والسنة.. وفي هذا الصدد فقد تناولت في المقال السابق سمات الكافرين على ضوء الآيتين 5 و 6 من سورة البقرة ورأي أهل السنة والجماعة في شأنها . لذلك ارتأيت أن أخصص هذا المقال لصفات المنافقين وسماتهم على ضوء الكتاب والسنة كذلك ومدى خطورة النفاق على المجتمعات الإنسانية عامة وعلى مجتمعاتنا الإسلامية العربية خاصة بعد ما كاد النفاق الاجتماعي أن يصبح ظاهرة عادية وطبيعية تتداولها الألسن بكثرة إلى أن صار معه الصادق والمخلص في رأي أغلبية الناس مغفل والحال أن النفاق ينخر جسد الأمة منذ عهد النبوة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو ما أشارت إليه الآية في سورة الأحزاب (ملعونين أينما تقفوا) ويعني: يخرجون من رحمة الله أينما وجدوا، هذا، ومما تجدر الإشارة إليه أنه سبحانه افتتح سورة البقرة، وهي أول سورة مدنية وأطول سورة في القرآن، وتشمل على ألف حكم وألف نهي وألف أمر وألف خبر حسب ما جاء في تفسير القرآن لابن عربي المعافري في تفسيره (الأحكام القرآنية)، ذلك أن البقرة تتصدر المصحف الكريم بعد الفاتحة بذكر المؤمنين الذين أخلصوا دينهم لله وأوطأت فيه قلوبهم ألسنتهم ووافق سرهم علنهم وفعلهم قولهم تم تلى بالذين محصوا الكفر ظاهرا وباطنا قلوبا وألسنة وهم الكافرون ثم تلته بطائفة المنافقين الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم وأبطنوا خلاف ما أظهروا وهم الذين وصفهم الله سبحانه بخبثهم بالكفرة وأبغضهم إليه وأنقصهم عنده وسماهم المنافقين لأنهم خلطوا بالكفر تمويها وتدليسا وبالشرك استهزاء وخداعا لذلك أنزلهم الله في الدرجة السفلى من النار ذلك أنه وبعد ما وصف المؤمنين في أول السورة بأربع آيات ووصف حال الذين كفروا بآيتين وصف المنافقين بثلاثة عشرة آية مذبذبين بين ذلك لا من هؤلاء و لا من هؤلاء نعى عليهم فيها خبثهم ومكرهم وفضحهم وسفههم وعممهم ودعاهم صما بكما وعميا واستجهلهم واستهزأ بهم وتهكم بفعلهم ثم ضرب لهم الأمثال الشنيعة (أنظر تفسير كتاب الزمخشري) وعن المنافقين يقول الله في سورة البقرة ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر و ما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا و لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) وجاء تفسير القرآن العظيم لابن كثير (أن النفاق هو إظهار الخير وإبطان الشر و هو كفر اعتقادي يخلد صاحبه في النار وعملي يكثر صاحبه من الذنوب والأوصار والأوزار وتفشى كثيرا في مجتمعنا الراهن و هو الذي كان عليه أغلبية الناس في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية حيث ضاعت معه كرامتها وهدمت أخلاقها فانتشرت الرذيلة و عدمت فيها الفضيلة و العياذ بالله . أما ابن جرير فيقول أن المنافق هو الذي يخالف قوله فعله وسره علانيته ويسمى هذا الأخير بالنفاق الأكبر والأول بالنفاق الأصغر و يتعلق الأمر بالنفاق العملي الذي صارت عليه الشريحة العريضة في مجتمعنا الحالي، وعليه والجدير بالذكر أن صفات المنافقين نزلت في السور المدنية خلاف السور المكية حيث لم يكن فيها نفاق، و كان على رأس المنافقين في المدينة عبد الله ابن أبي ابن سلول الذي كان سيد الطائفتين من الأوس والخزرج في الجاهلية وكانوا قد عزموا على أن يملكوه فجاءهم الخبر و أسلموا و استشغلوا عنه فلما وقعت وقعة بدر قال هذا أمره فأظهر الدخول في الإسلام و دخل معه طوائف ممن هم على طريقته و آخرون من أهل الكتاب و من ثم وجد النفاق في أهل المدينة و من حولها من الأعراب الذين قيل فيهم (الأعراب أشد كفرا و نفاقا ) التوبة . أما الأنصار و المهاجرون فلم يكن أحدهم منافقا و لا ينتمي أحدهم إلى طائفة من المنافقين الذين يظهرون الإيمان و يخفون الكفر في عقيدتهم الباطنية و يسمون أيضا بالتقية و هم الذين أوردت فيهم سورة المنافقون و فيها قال سبحانه بعد بسم الله الرحمان الرحيم : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله و الله يعلم إنك لرسوله و الله يشهد أن المنافقون لكاذبون ) و المراد بهذه الآية هو وصف للمنافقين حيث يظهرون الإيمان للرسول و بما أخبر به ((ص)) و يسرون الكفر به في قلوبهم . و اعتقدوا أنهم يخدعون الله مع العلم أنه منزه عن ذلك لأنه لا يخفى عليه شيء في السماوات و الأرض و هذا دليل على أنهم لم يعرفوه ولو عرفوه لعرفوا أنه لا يخدع . و مع ذلك فالنبي ((ص)) لم يثبت عليه أنه يقتل المنافقين مع علمه بهم و قيام الشهادة عليهم أو على أكثرهم بعلة أوردها في الحديث الذي أخرجه البخاري في كتابه = المناقب = ( أخاف أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) و هو ما جاء أيضا على لسان عمر ابن الخطاب أن الرسول (ص) قال له : ( أكره أن يتحدث العرب أن محمدا يقتل أصحابه)، وعن حكمة الرسول (ص) بعدم قتل المنافقين هو ما رواه مالك وغيره من العلماء و ذلك ليبين لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه و قال القرطبي إن العلماء اتفقوا عن بكرة أبيهم على أن القاضي لا يقتل بعلمه وهو ما نصت عليه القاعدة الفقهية: = أن القاضي لا يحكم بعلمه = وهذا الموقف يحظى به كذلك المؤلفة قلوبهم مع علمه (ص) بسوء اعتقادهم و في هذا الإطار تعددت آراء العلماء حول كف الرسول عن قتل المنافقين، أما بالنسبة للأمثال التي تشبهوا بها وكذلك ما ثبت عنهم من خروجهم من الهدي وظلوا على الفساد والكفر و الضلال ومثيلاتها من صفاتهم فقد تناولته تتمة الآية 7 من سورة البقرة والمشار إليها بدءا من الآية 10التي جاء فيها : (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ... ) إلى قوله تعالى في الآية 19: ( ... والله محيط بالكافرين) وهذه الآية الخاتمة لصفات المنافقين في سورة البقرة وهي غائبة في أذهانهم و ليست في حسبانهم بسبب الجهل بالله و تغطية لقلوبهم بكثرة الأوزار والآثام والذنوب لا يعلمون أن قدرة الله تحيط بهم وهم تحت إرادته ومشيئته كما أحاط بهم الأعداء من كل جانب، هذا ونظرا لخطورتهم و مقتهم وتصنيفهم عن فئة المؤمنين وفئة الكافرين بأوصافهم المشار إليها في سورة البقرة والتي تحمل اسمهم وهي سورة المنافقون حيث تناولت بدورها أخلاقهم وصفاتهم اللعينة من تآمرهم على الرسول (ص) وعلى المسلمين وقد فضحتهم السورة وكشفت عن مخازيهم وإجرامهم ويتظاهرون بالإسلام ويصدون الناس عن دين الله وينالون من الإسلام ما لا يناله الكافر المعلن لكفره وجاء خطرهم أعظم وصدرهم أكبر وأجسم وقلوبهم شتى وفي هذا الصدد يبدو أنه من المفيد والمناسب الإشارة إلى بعض الآيات القرآنية التي تناولت مسألة النفاق و المنافقين وبصفاتهم ووعيدهم ومختلف التفاسير القرآنية وآراء بعض العلماء في شأنهم كما يلي : جاء في كتاب تفسير القرآن العظيم لابن كثير الذي صحح الأحاديث التي يحتويه الكتاب للعلامة نصر الدين الألباني قوله تعالى في سورة التوبة : (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادهم رجسا إلى رجسهم) وفي سورة الحديد: (ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله) وفي التوبة : (وممن حولكم من الأعراب منافقون و من المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) و في الأحزاب : (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لتغرينك بهم ثم لا يتجاوزونك إلا قليلا ملعونين أين ما ثقفوا )أي الذين ينشرون الأراجيف و الأكاذيب لبلبلة الأفكار وخلخلة الصفوف ونشر أخبار السوء . وفي سورة محمد : (ولو نشاء لأرينا كهم فلعرفتهم بسيماهم و لتعرفنهم في لحن القول)، (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا) النساء . (و يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا أنظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب ) الحديد . (و مكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) الأنفال . (يخادعون الله وهو خادعهم) التوبة. (فيسخرون منهم وسخر الله منهم التوبة وفي نفس السورة : (نسوا الله فنسيهم) وفي سورة الحج : (فإنما لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور) . هذه بعض الآيات القرآنية على سبيل المثال لا الحصر يلاحظ منها أنها تتعلق بالنفاق الاعتقادي بالأساس و الذي يشترك فيه النافقين بالكفر الباطني و كذلك جاءت سورة التوبة لتتصدر سمات المنافقين أكثر من غيرها من السور المشار إليها . ذلك أنه في نظري أن التوبة نزلت بدون بسملة خلافا لجميع السور المدنية أو المكية و تحمل عدة أسماء حسب بعض المفسرين و منهم من سماها بسورة العذاب لأنها نزلت في آخر غزوة في الإسلام التي وقعت في صيف حار و هي غزوة تبوك مع الروم حيث اعتذر للنبي عدد من فئة المنافقين بأعذار واهية للحيلولة دون مشاركتهم في الغزوة مع النبي و تخلفوا عنها و من تم فضحهم الله و باءوا بغضبه عليهم حيث لن يقبل منهم أي استغفار باستثناء الثلاثة الذين صارحوا و اعتذروا للنبي (ص) و هم كعب هلال مرارة وقال مجاهد ، وكان المنافقون يعيبون الرسول فيما بينهم ثم يقولون عسى الله أن لا يفشي سرنا، فأنزل الله في نفس السورة : (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم) و عليه يقول ابن عباس في قوله تعالى: (و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم ) وذلك لما أشركوه مع الحق بعد معرفتهم إياه الأمر الذي يستفاد مما ذكر أن الأمر يتعلق بالمنافقين نفاقا اعتقاديا وليس عمليا ذلك أن ما يميز المنافق عن الكافر هو أن الأول يظهر الخير ويسر الشر ثم يبطن الكفر ويعلن الإيمان و يقول ما لا يفعل أما الكافر فيعلن عن كفره ظاهرا و باطنا و هو واضح فلا يشكل الخطورة التي يشكلها المنافق لكنهما في الجزاء الأخروي سواء و هو العذاب ويخلدان في النار حسب ما جاء في الكتاب والسنة وأراء العلماء كابن تيمية وابن القيم والألباني وغيرهم ونفس الرأي بالنسبة لأئمة المذاهب الأربعة من الحنفية المالكية الشافعية والحنبلية مصداقا كذلك لما جاء في سورتي المنافقون والتوبة : (لن يستغفر الله لهم ولو استغفر لهم الرسول ثم لا يصلى على أحد منهم مات)، أما ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم حول النفاق الذي ينافي الصدق والإخلاص ما رواه عبد الله ابن مسعود : أنه قال قال رسول الله (ص): = أربع من كان فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها إذا حدث كذب و إذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف و إذا خاصم فجر +، غير أن في حديث سفيان = وإن كانت فيه خصلة من النفاق = ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث تشير إلى أن = آية المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف و إذا أؤتمن خان = ، وفي حديث آخر إلى أنها علامات المنافق ، ويلاحظ أن الحديث لم يفرق بين النفاق الإعتقادي و النفاق العملي الذي لم يكترث بخطورته أغلبية الناس في زمننا الحاضر خلافا لما كان عليه أصحاب الرسول (ص) حيث يخشون النفاق على أنفسهم كما قال عنهم الإمام ابن القيم رحمه الله: = تالله لقد قطع خوف النفاق قلوب السابقين الأولين لعلمهم بدقة وجله و تفاصيله و جمله ساءت ظنونهم بنفوسهم حتى خشوا أن يكونوا من جملة المنافقين وما من أحد منهم يزكي نفسه من النفاق و يقول «إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل «ذكره البخاري و ذكر أيضا عن الحسن البصري أنه قال : «ما أمنه إلا منافق وما أخافه إلا مؤمن «كما ذكر عن بعض الصحابة : « أنه يقول في دعائه : اللهم إني أعوذ بك من خشوع النفاق قيل وما خشوع النفاق قال : = أن يرى البدن خاشعا والقلب ليس بخاشع = « وهو ما يتعود به المؤمن في دعاءه : = أعوذ بالله من علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع ومن قلب لا يخشع و من دعاء لا يستجاب « . وهكذا فيما يخص صفات المنافقين فقد أشار إلى بعضها فضيلة الشيخ محمد المصري ومنها ما يشترك فيه النفاق الاعتقادي والعملي ومنها ما يتعلق بالنفاق الإعتقادي وحده الذي يخرج صاحبه من الملة ويخلد في النار خلافا للنفاق العملي السائد في مجتمعنا كما سبق ذكره أيضا لا يخرج صاحبه من الملة ولا يخلد في النار و إنما يطال صاحبه الإثم والوزر وما ترتب عنهما من جزاء و قد جاء ترتيب صفات المنافقين لدى المصري كما يلي : 1) التذبذب بين الكفر والإيمان. هذا ومما لا شك فيه أن النفاق العملي يزداد تفشيا في مجتمعنا الأمر الذي يؤدي إلى انعدام الثقة بين الناس وفقدان المصداقية في أغلبية المؤسسات الدستورية وصار معه المشهد السياسي في بلادنا أكثر تبخيسا نتيجة الاختيارات السياسية المنتهجة في مختلف الميادين منذ سنين و هي اختيارات لا شعبية سواء ما يتعلق بسوء التوزيع للثروة وتمركزها في يد أقلية تفتقر إلى روح المواطنة والعدالة الاجتماعية وساد الفساد في مختلف مرافق الدولة وتنامي ظاهرة الرشوة والظلم إلى غير ذلك مما تحمله من المظاهر السلبية وما تمخض عنها من اليأس والبؤس في صفوف المواطنين، حيث يقع استغلال هذه الأوضاع من طرف الجمعيات التي تنتسب إلى الدين وذلك خدمة للمرامي السياسية والتوجهات الأصولية المتشددة والإرهابية والانتحارية والتي لم يسبق لها أن مارست السياسة كأخلاق ولم تقاوم الظلم والاستبداد أيان عهد الحماية والاستقلال وما كان لهذه الطوائف أن ترى النور لو لم يكن البلد يتخلف على عدة مواعيد مع التاريخ ومحاربة الوطنيين وتهميشهم من مراكز القرار بمختلف الأشكال وها هو الشعب يؤدي الثمن وسيؤديه أكثر ما دامت دار لقمان على حالها و هذا ما تنبأ به الرسول الكريم (ص) بالنسبة للنفاق بقوله في حديث صحيح رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع عن حديفة رضي الله عنه أنه قال : «المنافقون الذين فيكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله (ص) قال : فقلنا يا أبا عبد الله و كيف ذاك قال : أن أولئك كانوا يسرون نفاقهم و أن هؤلاء يعلنونه . « قلت فكيف يا أبا عبد الله قال الذين لا يعلنون نفاقهم فحسب بل يعتبرون نفاقهم قربة يتقربون بها إلى الله ؟ ونحن الآن نعيش زمانا قد اختلت فيه الموازين وأصبح الحق فيه باطلا و الباطل حقا كما أخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه و سلم حيث قال : « سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب و يكذب فيها الصادق و يؤتمن فيها الخائن و يخون فيها الأمين وينطق فيها الرويضة قيل و ما الرويضة قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة . « وخلاصة القول أنه من اللافت للانتباه أن جزءا من صفات المنافقين و سماتهم المومأ إليها أعلاه تنطبق على أغلبية الجماعات التي تدعي المرجعية الدينية في الدول الإسلامية العربية وكذلك الأحزاب التي تدعي بدورها نفس المرجعية حاكمة كانت أم منتفضة حيث اندلعت الفتنة في عهدهم لذلك كان حريا عن الحزب ألأغلبي الذي يترأس الحكومة المغربية وأن يعي بدقة المرحلة و طبيعتها, هكذا وانطلاقا مما ذكر لتصح خطورة النفاق والاستبدال على سلام المجتمع ومصير البلاد ولا تسترجع المؤسسات الدستورية والأحزاب السياسية وكل منظمات المجتمع المدني مصداقيتها إلا بالصدق والإخلاص قولا وعملا ويبدو من الناحية السياسية إن ما أقدمت عليه الحكومة من تولية وزيري العدل والحريات الداخلية الاستشراف على اللجنة المكلفة بالسهر على الانتخابات المقبلة يثير مزيدا من الشك والريبة ما لم يقع إشراف الأحزاب السياسية والتوافق على من يسهر على العمليات الاستفتائية التي ستعرفها البلاد خلال السنة الحالية والتي ستحدد مستقبل البلاد ومصيره وذلك لمواجهة التحديات والرهانات الكبرى التي تنتظر البلاد وبالأساس مسألة الاستقرار والأمن والديموقراطية والوحدة الوطنية لا سيما أن ظاهرة الإرهاب أصبحت من انشغالات دول العالم وكيف والحالة هاته يبقى المغرب رهينة لاختيارات سياسية واقتصادية واجتماعية وهكذا أصبح من واجب أبناء الشعب المغرب أن يكون في مستوى اختيار ممثليه في كفاءتهم ونزاهتهم ومصداقيتهم، لأن هذه الفئة هي التي تفتقد إليها المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المؤسسة التشريعية و-التنفيذية الخ. ذلك أن النفاق والاستبداد وعدم المصداقية أنتجت جيلا يحمل ثقافة أخرى وانشغل باهتماماته الخاصة بعيدا عن الانخراط في العمل السياسي والعزوف عن المشاركة في الانتخابات ومما لا شك بها أن مسألة النفاق العملي من الناحية الفقهية هو السائد وليس بالنفاق الاعتقادي الذي تحدث عنه القرءان في الآيات السابقة حيث يتعلق الأمر بالإيمان و بأركانه و أركان الإسلام والإحسان إنما النفاق المتفشي في الوقت الراهن من كون الإنسان يقول ما لا يفعل أو ينطق بما ليس في قلبه .»