أسدل الستار مساء يوم الاثنين 16 شتنبر 2019 بمدينة تارودانت على فعاليات الملتقى الأول للغناء النسائي ، المنظم من طرف ” جمعية بحاير الداليا ” بمنطقة تارودانت المدعم من لدن الصندوق الدولي للتراث الثقافي اللامادي لمنظمة اليونسكو ، تحت شعار “من السلف الى الخلف ” . وبالمناسبة ألقت الطالبة هند الحسايني رئيسة جمعية ” بحاير الداليا” في الجلسة الافتتاحية كلمة نورد منها ما يلي : “…هذا التراث مكون أساسي للهوية الثقافية ، ورافعة للتنمية السوسيو اقتصادية ، جعلت من إحياءه و صونه مجال اختصاصها واهتماماتها رغم التحديات والإكراهات التي تعترض طريقها “. و أردفت قائلة : ” و اعتبارا لسياق العولمة والتكنولوجيا اللذان أديا الى توسيع الشرخ و القطيعة بين الأجيال و الى طمس الخصوصية الثقافية ، حملت هذه الجمعية هم الهوية الثقافية و إشكالية الانتماء. و هكذا جعلت الجمعية من المرأة و ابداعاتها منطلقا أساسيا باعتبارها نواتا للمجتمع لنفض الغبار عن كنوز ثمينة ، أسست منذ زمن بعيد لتاريخ حاضرة سوس من جهة ، ومن جهة أخرى لرد الاعتبار لنسوة عانين من الإهمال و التهميش .و من هنا ارتأت جمعية ابحاير الداليا مواصلة النبش في التراث الغنائي لهاته النسوة في اطار مشروع تقدمت به للصندوق الدولي للتراث الثقافي اللامادي لمنظمة اليونسكو سنة 2016، ليأخذ شكله النهائي بعد عدة مراحل من التدقيق والمراجعة و الهندسة .وقد باشرت الجمعية الانطلاقة الفعلية للمشروع سنة 2017 تحت اسم ” إحياء الغناء النسائي بمنطقة تارودانت ” . و اختتمت ب : “…ان غنى هذا المشروع يكمن أيضا في إنتاجات أخرى لا تقل أهمية أنجزها فريق العمل نذكر منها : المرشد المنهجي الخاص بالتراث اللامادي – فيلم وثائقي يرصد جميع مراحل الاشتغال في المشروع .ان هذا الملتقى هو ثمرة جميع هذه المجهودات التي لم تتوان الجمعية في مواصلة بدلها لتحقق الأهداف التي رسمتها بشراكة مع وزارة الثقافة ، مع الأخذ بعين الاعتبار اتفاقية 2003 للحفاظ على التراث الثقافي اللامادي “. وارتباطا بالموضوع، اعتبر مدير الملتقى الدكتور حسن الناصري في تدخله: ” أن الملتقى محطة أساسية لإبراز ما حققته جمعية بحاير الدالية و فريق عملها في جو فني و احتفالي مؤسس على مبدأ الاشراك و ثقافة الاعتراف .كما أنه يراعي في أبعاده الثقافية والاجتماعية الأدوار المختلفة التي يلعبها جميع الفاعلين حسب تخصصهم “. وفي سياق متصل أكد على ” أن جمعية بحاير الدالية تتجاوز في فلسفتها المقاربة الفلكلورية للغناء لبناء رؤية هدفها إبراز القيمة الفنية و الإبداعية لهذا التراث و اعتباره نافذة لفهم سوسيو ثقافي لتطوير الحوار بين الرجل و المرأة من جهة و بناء جسور التواصل بين السلف و الخلف لتأسيس قيم التعايش الاجتماعي و تطوير الذوق الفني من جهة أخرى “. و أضاف متحدثا ” إن الملتقى يتجاوز الفرجة الشعبية العادية لبناء مفهوم جديد حول التراث الغنائي النسائي كموضوع للتنقيب و الجرد و التوثيق حتى تتم المحافظة عليه و دراسته في بنيات البحث العلمي. وهكذا فهو فرصة لنشاهد بأم العين الفرق النسائية الممارسة التي تمثل ( الحضرة شد الميزان باعروج الكبان …الخ ) ، وتقديمهن حسب الزي الذي تم إحياؤه وبعض الحلي التي لم تستطع الجمعية الحصول عليها لولا مساعدة و انخراط بعض العائلات العريقة “. اللقاء الثقافي الفني عرف عدة أنشطة قاربت ما يلي : وصلة جماعية لنمط الحضرة لكل من مجموعات : البناصريات – الجيلاليات – ابحاير الداليا – الحمريات – اولاد جلال – البرحيليات . لحظة اعتراف : تكريم الذاكرة النسائية الرودانية و فعاليات نسائية للمدينة . سهرة فنية : المجموعة الفنية ” ابحاير الدالية ” بنمطي الكريحة و أحيدوس – المجموعة الفنية ” اولاد جلال ” بنمط ” الكبان ” – وصلة جماعية من نمط ” شد الميزان ” لمجموعات : الحمريات ، البرحيليات ، الجلاليات ، ابحاير الدالية ، مجموعة البرحيليات – نمط باعروج . وعلى هامش هذا الملتقى أدلت لنا السيدة فاطمة الشعبي أستاذة جامعية مهتمة بالثقافة والتراث بالتصريح التالي : ” إحياء الغناء النسائي بمنطقة تارودانت عمل ثقافي جبار يمكن اعتباره تنقيب أركيولوجي في التراث الغنائي النسائي بالمنطقة .منطقة تارودانت تزخر بأنماط مختلفة من الغناء بصفة عامة و الغناء النسائي بصفة خاصة .هذا الاخير كان مقتصر على نساء الدوار أو القبيلة ، و لا يتم تسويقه كما هو الشأن في الفرق الفولكلورية ، فبدأ يندثر مع الأجيال الشابة التي أصبح لها اهتمامات أخرى ، بفعل التطور التكنولوجي من جهة ، و أيضا بسبب بعض الأفكار المتطرفة التي يروج لها البعض . الغناء النسائي لمنطقة تارودانت هو متن شعري يتضمن عدة أنماط منها ما هو روحاني متصوف و منه ما هو تعبير عن المعيش اليومي لهؤلاء النساء ، تعبير عن أفراحهن وأحزانهن و كل ما يتعلق بحياتهن كنساء .تأتي هذه الأمسية الفنية كتتويج للعمل الميداني الذي قامت به جمعية بحاير الدالية و على رأسها الباحتة هند الحسايني .هذه الأمسية هي بمثابة منبر لأصوات نسائية تجسد جزء من تراثنا الغنائي في هذه المنطقة من المغرب “.