أطلت بوجه صبوح وثقة عالية في النفس، تتحدى بكل عنفوان، صوتا مبحوحا وصلها عبر الأثير، يدعو المرأة المغربية إلى أن تدخل مطبخها وتغسل» مواعينها «وتبتعد عن ملاعب الرجال ! هي وفريقها النسائي ألفن الملاعب وألفوهن، تدخل مطبخها، أيضا وبكل حب، وتطبق «شهيوات شميشة «وتقوم بكل أشغالها لأنها مواطنة في وطن حر تمارس فيه النساء أعمالهن وأدوارهن وهواياتهن بكل حرية ومسؤولية. اللاعبة المغربية الدولية السابقة ابتسام بوحراث تدعو طاقم «راديو بلوس» لمواجهتها هي وفريقها من النساء في مباراة لكرة القدم، وكلنا نعلم أن كل الطاقم لم تطأ رجله قط أرض الملاعب، ولا يستطيع لعب نصف ساعة كاملة . نفس التحدي قد ترفعه أيضا البرلمانيات والطبيبات الجراحات والمحاميات والقاضيات والسفيرات وربانات الطائرات والقياديات في المجال السياسي، والصحافيات والعاملات والقايدات والأستاذات والبطلات الدوليات في العدو الريفي .. وغيرها من المناصب العليا التي تحتلها النساء في جميع الواجهات، لكي يبرزن للصوت المبحوح أن دورالنساء في المجتمع مرتفع جدا عن مستوى تفكيره البدائي المنغلق والمحصور في زنزانة ترسبات وسط ذكوري منغلق ترعرع فيه، أنتج لنا نموذجا مجتمعيا رجعيا. ما صدر من الإعلامي ذي الصوت المبحوح، ومن القناة، هو رِدة مجتمعية فكرية إعلامية خطيرة لايجب أن نمر عليها مرور الكرام، لأنها تصدر عن قناة إعلامية تهدف إلى نشر أفكار بالتحديد تريد تمريرها للمواطن، مما يجعلنا نتساءل ماهي أهداف هذه القناة التي تمرر أفكارا تعاكس توجهات المغرب وعاهله في ترسيخ الديمقراطية والمساواة والمناصفة والعدالة الاجتماعية، وضدا على دستور ينص على تفعيل المناصفة والمساواة، بل أحدث هيئة خاصة بها. فكيف في ظل هذه الأجواء السياسية المنفتحة على دعم المرأة المغربية، يصدح صوت من قناة إذاعية بالقفز على الإرادة السياسية في البلاد وعلى واقع صنعته المرأة بنجاحات متميزة في مجالات عدة؟! إن الميكروفون مسؤولية كبيرة، وللأثير رهبته الخاصة، فهو وسيلة لنشر الأفكار التي تغذي أذهان المستمعين، وبالتالي يجب تحمل هذه المسؤولية بكل الحزم والجد، اللذين يفرضان على الإعلامي ثقافة شاملة بما يدور حوله ومعرفة بمشاعر من يحدثهم، ولنا أمثلة كبيرة من خيرة الإذاعيين والإذاعيات الذين أثروا وأثرن في الرأي العام، وناقشوا وناقشن العديد من الإشكالات والمواضيع مع المواطنين عبر الأثير باحترام تام . أما اليوم، مع هذه القنوات التي أصبحت تنمو كالفطر، وهذه الدكاكين الإعلامية التي أصبح يفتتحها أصحاب «الشكارة» التجارية، ويشتغل فيها كل من مر بسرعة أمام باب معهد لتكوين الصحافيين دون أن يدخلها، فقد أصبحنا نشمئز كمواطنين من مستوى بعض البرامج الهزيلة وأيضا من رداءة اللغة المستعملة في الحوارات، ومن هجانة الأفكار التي تعطي هذا النموذج من الكلام الصادر عن قناة «راديو بلوس». ما صدر في حق المرأة المغربية بالطبع لايمس كيان وجوهر ماحققته النساء في المغرب، ولكنه ناقوس خطر كبير يجب أن تسمع رنينه كل الجهات المسؤولة عن الإعلام في بلادنا، أولها المجلس الأعلى للسمعي البصري الذي مازال لم يحرك ساكنا لحد الآن، وأيضا المجلس الأعلى للصحافة ووزارة الاتصال، يجب حماية المهنة من الانزلاقات وتحديد طبيعة المشتغلين فيها والحاصلين على البطاقة المهنية، لأن مافيات الإعلام أصبحت تنتشر كمافيات العقار، مع فارق كبير هو أن الإعلام يؤثر في الأفكار وفي الرأي العام، وهنا تكمن الخطورة.