أبرز التقرير السنوي الذي رفعه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق، إلى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول حصيلة أنشطة المجالس العلمية وعن الشأن الديني، أن العناية بالمساجد وبالقيمين الدينيين وخدمة القرآن الكريم شكلت عناوين بارزة لتدخلات الوزارة خلال العام المنصرم. كما استعرض ملخص التقرير الذي قدمه الوزير بمناسبة ترؤس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعد صلاة مغرب يوم السبت، بمسجد حسان بالرباط، حفلا دينيا إحياء لليلة المولد النبوي الشريف، جملة من الانجازات التي تحققت في مجال عمل العلماء في التبليغ والإرشاد والتأطير الديني للنساء وتأهيل التعليم العتيق ومحاربة الأمية في المساجد. ففي ما يتعلق بالمساجد، ذكر الوزير بأن صاحب الجلالة أذن بفتح أزيد من 160 مسجدا جديدا بمناسبة شهر رمضان، وبنت الوزارة أربعين مسجدا كبيرا، مبرزا العناية السابغة التي يوليها أمير المؤمنين للمساجد التي أغلقت بسبب اختلالات في بنياتها، حيث أمر جلالته بتكوين لجنة وزارية تنكب على هذا الموضوع، وهكذا فبعد أن كان عدد هذه المساجد 2427 عام 2010، جرى تنفيذ معالجات أدت إلى خفض العدد إلى 1700 مسجد، توجد 200 منها في طور الإصلاح، بتكفل من الوزارة والمحسنين. وأوضح أنه بعد تكوين اللجنة المذكورة، أمكن تعبئة فعاليات مؤسساتية وإحسانية التزمت بإصلاح 370 مسجدا آخر، بينما برمجت الوزارة 100 مسجد في ميزانيتها لهذه السنة. وقد روعي في كل البرمجات عنصر الأولوية، على أساس الخصاص والكثافة السكانية. أما المساجد المتبقية، وعددها 1100 مسجد، فتقدر كلفة إصلاحها بمليار ونصف مليار درهم، والمتوقع أن تراعى في الترتيب الزمني لبرمجتها نفس الاعتبارات، على أن تسجل لها اعتمادات استثنائية لثلاث سنوات ابتداء من هذه السنة. وفي مجال العناية بالقرآن الكريم، قال السيد التوفيق إن السنة المنصرمة تميزت بتحقيق مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف لهدفها المرسوم، وهو إخراج مليون نسخة من مصحف المساجد، كما قامت بنشر مصحف على أنصاف الأحزاب، وبإعداد مصحف أثري، وبالتسجيل لقراء جدد. وأشار إلى أن الوزارة رخصت لأكثر من أربعمائة كتاب لتحفيظ القرآن خارج المساجد، وأحدثت مكافأة تشجيعية للأئمة المحفظين، وواصلت تنظيم جوائز وطنية ودولية لحفظ القرآن وتجويده وتفسيره تحمل اسم جلالة الملك. وبخصوص نشاط العلماء، ذكر الوزير أن وعي العلماء بمقتضيات تنزيل الفقه العام، في علاقة بتأطير المواطنين وتكريس العمل بالثوابت وترسيخ قيم الاعتدال مع ما يتطلبه ذلك من رفع وتيرة العمل، يتعمق في كل يوم، مبرزا أن ذلك يتجلى في آلاف الأنشطة المبسوطة في التقرير. وفي هذا الصدد، أشار إلى أن هذه السنة شهدت تفضل أمير المؤمنين برئاسة تقديم برنامج التأطير الإضافي للأئمة المرشدين، وركزت دورتا المجلس العلمي الأعلى على تدقيق ضوابط إنجاح هذا التأطير قصد تعزيز دور المسجد في نشر قيم الدين السمحة وتقريب الناس من ربهم على الطريقة المثلى. ولدعم التأطير الديني للنساء، يضيف السيد التوفيق، أمر جلالة الملك برفع عدد المرشدات المتكونات سنويا من خمسين إلى مائة مرشدة. وفي ما يتعلق بالعناية بالقيميين الدينيين، أشار السيد التوفيق إلى صدور ظهير في هذا الشأن، أتى بمقتضيات غير مسبوقة، إذ حدد مهام هؤلاء القيمين ووضعياتهم، مؤكدا أنه لا يخفى ما لذلك من تأثير عليهم بإشعارهم برعاية أمير المؤمنين الحاضنة لهم، وما ينتظر لذلك من آثار حميدة، ومنها حمايتهم من تيارات التزمت أو الفتنة. وأبرز السيد التوفيق أن السنة المنصرمة شهدت، في نفس السياق، حدثا تشريعيا مهما تمثل في ما أمر به أمير المؤمنين من صدور ظهير شريف في شأن مراقبة بنايات المساجد، حدد لأول مرة كيفيات مراقبة حالة بنايات مساجد المملكة وحدد الجهات المكلفة بهذه المراقبة، وكذا إجراءات ضمان سلامة البنايات. أما في مجال التعليم العتيق، فتطرق الوزير إلى توالي عملية الإدماج القانوني والتأهيل التربوي والدعم المادي لهذا التعليم، من قبيل إعداد وثائق منهجية تهم تطوير تعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية واللغة العربية والتوقيت وتدريس العلوم الإنسانية، كما تم جمع قواعد الرسم والضبط المعروفة بالأنصاص القرآنية، لما للمغاربة من عناية خاصة بها، وتم وضع دليل لمصطلحات تعليم القرآن بالتعليم العتيق، كما أنجز عمل توثيقي سمعي بصري للمتون العلمية المرجوع إليها في هذا التعليم. وبخصوص برنامج محاربة الأمية في المساجد، ذكر السيد التوفيق بصدور ظهير شريف لتنظيمه، وإحداث مستوى ثان فتح لخمسين ألف مستفيد، كما صار المستوى الأول من هذا البرنامج مدعما بتكنولوجيا الاتصال، ضمن البرنامج الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة في 4 أبريل الماضي. وخلص الوزير إلى أن نموذج التدبير المستمد من الإمامة العظمى لجلالة الملك يبرز حكمة الجمع بين التمسك بالدين القويم والأخذ بجميل الاختيارات في جميع المجالات، مستعرضا جملة من معالم الإشهاد على ذلك، على غرار الجمع العالمي لأتباع الطريقة التجانية بفاس، والجلسة التي عقدها مجلس الأمن في نيويورك للاطلاع على تجربة المغرب المندمجة في مناهضة الإرهاب، وعديد الطلبات التي رفعت إلى أمير المؤمنين من بلدان أجنبية لتكوين الأئمة.