اعلنت منظمة العفو الدولية الثلاثاء ان النساء والفتيات الايزيديات يقدمن على الانتحار او يحاولن القيام بذلك، بعد تعرضهن للسبي على يد تنظيم الدولة الاسلامية الذي فاخر باستعبادهن بعدما سيطر على مناطق تواجد هذه الاقلية الدينية في العراق. الانتحار ملاذ السبايا ويسيطر التنظيم المتطرف منذ يونيو على مساحات واسعة في شمال العراق وغربه, واعلن اقامة "الخلافة" في مناطق سيطرته في العراقوسوريا المجاورة, وتنصيب زعيمه ابو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين". وارتكب التنظيم الذي يعتمد تطبيقا متشددا للشريعة الاسلامية, انتهاكات واسعة لحقوق الانسان شملت اعمال قتل جماعي لخصومه وذبح وخطف. وكان اتباع الديانة الايزيدية من اكثر المتضررين من ممارسات التنظيم الذي سيطر على مناطق وجودهم في شمال العراق خلال الصيف. وتقول الاممالمتحدة ان هؤلاء تعرضوا لعملية «ابادة» شملت قتل المئات واتخاذ «سبايا». ويعتبر جهاديو التنظيم ابناء هذه الاقلية «عبدة للشيطان». وقالت كبيرة مستشاري الازمات في منظمة العفو دوناتيلا روفيرا في التقرير ان «العديد من اللواتي وقعن ضحية عمليات استعباد جنسية, يبلغن من العمر 14 عاما او ,15 وحتى أقل من ذلك». وافاد تقرير المنظمة ان شابة اسمها جيلان وتبلغ من العمر 19 عاما, اقدمت على الانتحار خوفا من تعرضها للاغتصاب، بحسب شقيقها. واكدت احدى الايزيديات التي خطفت على يد التنظيم المتطرف, وتمكنت لاحقا من الهرب, حصول هذا الامر. وقالت «ذات يوم, قدمت الينا ملابس تشبه ازياء الرقص, وطلب منا الاستحمام وارتداء هذه الملابس. جيلان اقدمت على الانتحار في الحمام». واوضحت ان الشابة «اقدمت على قطع معصمها وشنقت نفسها. كانت جميلة جدا. اعتقد انها كانت تدرك انها ستنتقل الى مكان آخر برفقة رجل, ولهذا السبب اقدمت على قتل نفسها». وابلغت رهينة اخرى المنظمة انها حاولت الانتحار مع شقيقتها هربا من الزواج القسري. وقالت وفا (27 عاما) «لفت كل منا عنقها بوشاح وربطناهما معا, وقامت كل منا بالابتعاد عن الاخرى بأقوى ما يمكن, الى ان فقدت الوعي». اضافت «بقيت اياما غير قادرة على الكلام بعد ذلك». واوردت المنظمة روايات لضحايا اخريات, منهن رندة (16 عاما) التي خطفت وافراد عائلتها, واغتصبها رجل يكبرها بضعف عمرها، مرتين. وقالت الفتاة «ما قاموا به بحقي وحق عائلتي مؤلم جدا». واشارت المنظمة الحقوقية الى ان غالبية الذين اتخذوا النساء والفتيات "سبايا" كانوا من مقاتلي التنظيم, الا ان بعض المؤيدين له قاموا بذلك ايضا. وهاجم التنظيم المتطرف مناطق تواجد الايزيديين في شمال العراق, لا سيما منطقة سنجار القريبة من الحدود السورية, في غشت, ما دفع الآلاف منهم للجوء الى جبل سنجار بعدما تعرض المئات من اقرانهم لعمليات قتل وخطف, واتخذت النساء والفتيات «سبايا» و«غنائم حرب». وأقر التنظيم بعد نحو شهرين بانه منح النساء والاطفال الايزيديين الذين اسرهم الى مقاتليه, مفاخرا باحيائه العبودية. وقال في مقال بعنوان «احياء العبودية قبل اوان الساعة» صدر في عدد شهر اكتوبر من مجلة «دابق» التي يصدرها بالانكليزية, ان «الدولة الاسلامية اعادت جانبا من الشريعة الاسلامية الى معناها الاصلي, باستعباد الناس, بعكس ما ادعت بعض المعتقدات المنحرفة». اضاف «بعد القبض على الناس والاطفال الايزيديين تم توزيعهم وفقا لاحكام الشريعة على مقاتلي الدولة الاسلامية الذين شاركوا في عمليات سنجار», مؤكدا ان هذه هي «اول عملية استعباد واسعة النطاق بحق العائلات المشركة منذ وقف العمل بهذا الحكم الشرعي». وقوبلت المعاناة التي تعرض لها الايزيديون بادانة عالمية, وشكلت احد الاسباب المعلنة لتشكيل الولاياتالمتحدة تحالفا دوليا يشن منذ اشهر ضربات جوية ضد مناطق سيطرة التنظيم في سورياوالعراق. وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في اكتوبر ان التنظيم «يفخر حاليا بالخطف, الاستعباد, الاغتصاب, التزويج القسري, وبيع آلاف من النساء والفتيات, بعضهن لا يتجاوز عمرهن 12 عاما». واشارت روفيرا الى ان «الحصيلة الجسدية والنفسية لاعمال العنف الجنسية المروعة التي مرت بها تلك النسوة, كارثية». اضافت «العديد منهن عذبن وعوملن كالرقيق. حتى اللواتي تمكن من الهرب, لا زلن يعانين من آثار صدمة نفسية عميقة». وتعود جذور الديانة الايزيدية الى اكثر من اربعة آلاف عام, ويقول اتباعها انها الاقدم في العالم. وتتواجد اكبر مجموعات ابنائها في العراق, اضافة الى بضعة آلاف في سوريا وتركيا وارمينيا وجورجيا. وغالبا ما كان ابناء هذه الطائفة من الفقراء الذين يعملون في الزراعة وتربية الماشية. زينة الميلاد وشجرته دها شجرة الميلاد تكسر بقماشها الاخضر وزينتها الحمراء رتابة اللون الرمادي الطاغي على الواجهات المدمرة للابنية المحيطة بها في حي الحميدية في حمص, الذي يحتفل للمرة الاولى منذ ثلاث سنوات بعيد الميلاد, بعد عودة بعض سكانه اليه. وعلى مقربة من الشجرة التي تتوسط ساحة الملجا في هذا الحي الذي تسكنه غالبية مسيحية, اقيمت مغارة صنعت من ركام المنازل التي دمرتها الحرب الشرسة بين قوات النظام والمعارضة المسلحة, تتوسطها تماثيل لرموز مغارة الميلاد. وامتدت زينة الميلاد في الحي الواقع في حمص القديمة لتشمل ابواب المنازل وشرفاتها, حيث قام بعض سكان هذه المنازل بتعليق الاشرطة البيضاء المضاءة عليها, بينما قام اخرون بطلي الجدران بالوان زاهية, ورسموا عليها الزهور. وقالت رلى الصوفي العائدة الى حيها مؤخرا لوكالة فرانس برس «عندما دخلنا الحارة, كان السواد يعم المكان. نحاول اليوم ان نجعله مفعا بالالوان». واضافت هذه الشابة التي تعمل في تصوير حفلات الزفاف «لقد حولنا بمناسبة عيد الميلاد الانقاض الموجودة الى فرح وفن وجمال يدخل البهجة الى قلوب الاطفال, وصنعنا منها المغارة». ويحمل كل مبنى في حي الحميدية, احد قطاعات حمص القديمة, آثار الحرب من ثقوب رصاصات الى فجوات كبيرة نجمت عن قذائف كانت تسقط كل يوم تقريبا على مدى نحو عامين. وعاد الاف السوريين في مطلع ماي لتفقد منازلهم التي وجدوها مدمرة في حمص القديمة بعد ان دخلها الجيش السوري للمرة الاولى منذ اكثر من سنتين وخروج اخر مقاتلي المعارضة بموجب اتفاق غير مسبوق بين الطرفين. وشهدت حمص, ثالث كبرى مدن سوريا وعاصمة الحركة الاحتجاجية فيها, حركة نزوح كبيرة شملت نحو ثلثي سكانها منذ بدء النزاع الدامي في منتصف مارس 2011. ويقول مروان نجار (50 عام) الذي يعمل مدرسا وهو يجلس مرتاحا على اريكة في منزله بعدما اعاد تاهيله «لقد خرجنا من الحي في شباط 2012 مع اغلب السكان وعدنا اليه, ان فرحتنا بالعودة للاحتفال لا توصف». واعتبر مروان وهو ينظر الى صورة التقطها قبل نشوب النزاع مع افراد عائلته المؤلفة من 23 شخصا واعاد تعليقها بعد ان كان قد اخذها معه لدى خروجه من المنزل ان «الاعياد المجيدة فرصة لنحاول اعادة الزمان الى الوراء رغم الاضرار والماسي». وفي مكتبة «مريم» التي اعادت فتح ابوابها مؤخرا في الحميدية, وقفت تغريد نعناع (50 عاما) تنتقي بحماسة فائقة زينة الميلاد. وقالت وهي تبتسم «لقد هجرنا لثلاث سنوات ولم نحتفل خلالها بعيد الميلاد. كنا مصممين على الا نحتفل قبل ان نعود الى حارتنا ومنزلنا» مضيفة «عيد الميلاد هذا العام يكتسب فرحة كبيرة. لقد زينا الشوارع وابواب البيوت والشرفات, حتى وهي مدمرة لنغير من شكلها». اجراس وكرات وشرائط ملونة ضد الحرب وتؤكد ربة البيت التي تركت منزلها لدى اندلاع اعمال العنف في الحي وغادرته الى حي العدوية قبل ان تعود اليه قبل اشهر وتقوم برتميمه ان «اصرارنا على الاحتفال هو للتاكيد على اننا عدنا الى حياتنا السابقة والى الحي الذي خلقنا وترعرعنا وتزوجنا وزوجنا اولادنا فيه». وخصصت مكتبة «مريم» لمناسبة عيد الميلاد زاوية خاصة بزينة الميلاد, من اجراس وكرات وشرائط ملونة وضعت على الرفوف الى جانب الالعاب والقرطاسية. كما علقت على باب المكتبة لوحة ورقية حمراء رسمت عليها اجراس وورود باللون الذهبي تعلوها صورة لملاك وعبارة «السلام على الارض» بالانكليزية. وفي مطعم «البستان» الشهير في الحي, تجري اعمال الصيانة والتزيين على قدم وساق لاعادة افتتاحه في ليلة الميلاد. ويقول احد العاملين فيه ويدعى حسام خزام «سنكون اول مطعم يعاد افتتاحه في الحي». ويتابع «الحجوزات لقضاء حفلة العيد اكتملت, وقد نضطر لاستيعاب اعداد اكثر. كان الناس يقضون العيد خارج الحي مضطرين, والان جاءت الفرصة وعادت الحياة». وفي ساحة كنيسة ام الزنار الشهيرة التي تجري حولها اعمال ترميم, زرع كشاف الكنيسة شجرة عيد الميلاد وزينوها باشرطة حمراء وعلقوا عليها قبعة لبابا نويل. وقال وكيل الكنيسة فرج طراد ان «الكشاف زرعوا الشجرة الى جانب شجرة سرو عمرها 150 سنة وطولها 28 مترا قام المسلحون بقطعها». واعتبر سامر (40 عاما) الذي كان يعمل محاسبا في احدى الشركات الخاصة واصبح عاطلا عن العمل ان «اعادة زراعة الشجرة في الكنيسة يدل على ان جذورنا متاصلة بالارض, ومهما حدث فلن يتمكن احد من اقتلاعها (...) لقد خلقنا هنا وربينا هنا وها قد عدنا». ويضيف سامر الذي وجد منزله مدمرا وبقيم حاليا في منزل احد اصدقائه «كانت دعوتنا في الميلاد الماضي تتعلق بالعودة الى حينا, والان ندعو لعودة سوريا لما كانت عليه». تهديد بوكو حرام يراقب محمد باكو سوق جيميتا المكتظ في مدينة يولا النيجيرية بحثا عن اي عنصر مشبوه بين بسطات الباعة والسيارات التي تقوم بمناورات شبه مستحيلة في الازقة الضيقة. ولباكو بسطة صغيرة يبيع فيها الهواتف النقالة في السوق في عاصمة ولاية اداماوا شرق نيجيريا. واصبح باكو العام الماضي زعيم الميليشيا المحلية التي تحارب مع الجيش جماعة بوكو حرام الاسلامية. وكثف المتمردون الهجمات والاعتداءات في الاشهر الاخيرة شمال شرق البلاد واستهدفوا الاسواق بواسطة انتحاريين. وفاجأ الهجوم الاسلامي الذي شن في اكتوبر على شمال ولاية اداماوا سكان العاصمة يولا التي كانت حتى الان في منأى من اعمال العنف. وذكرت وسائل الاعلام المحلية انه تم توقيف اسلاميين مشبوهين في سوق جيميتا في الاشهر الماضية. وقال باكو الذي رفض ان تلتقط له صورة خشية من تعرضه للانتقام «هذا ما يجعلنا في حال تأهب». واضاف مؤكدا استعداده للتضحية دفاعا عن المدينة «نحن مستعدون للموت». وفر عشرات الاف الاشخاص من منازلهم عندما وصل المتمردون في منتصف نوفمبر الى مدينة غومبي على بعد 120 كلم شمال يولا. وقال فينياس اليشا المتحدث باسم حاكم ولاية اداماوا جيمس بالا نغيلاري «سادت حالة ذعر. لم نكن ننام. اذا سمعنا انفجار عجلة سيارة كان الناس يركضون» ظنا منهم انها قنبلة. وفي حين اوقع تمرد بوكو حرام 13 الف قتيل وتسبب بنزوح 1,5 مليون شخص خلال خمس سنوات تجاوزت جماعة بوكو حرام مرحلة جديدة الربيع الماضي وسيطرت على عدة مدن رئيسية ثم اعلن زعيمها ابو بكر شيكاو «الخلافة الاسلامية». ولم يعد النيجيريون يثقون بجيشهم خصوصا وان نفوذ بوكو حرام يزداد. وقال هودو ابراهيم (40 عاما) الذي فر من مدينة اوبا مع زوجاته الاربع واولاده ال14 وعبر اكثر من 100 كلم في الادغال للجوء الى يولا «لا اعتقد انهم جديون». واضاف «يقولون لنا كل الوقت انهم يبذلون قصارى جهدهم في حين نراهم يفرون» اثناء هجمات الاسلاميين. ويرفض الجيش التعليق على هذه الاتهامات التي يؤكدها لاجئون في مخيمات تقع في محيط يولا. وروت فيكتوريا امانويل وهي ام لثلاثة اولاد فرت الى مدينة ميشيكا هربا من هجوم الاسلاميين «فر الجنود من المنطقة تاركيننا لمصيرنا». وتدعم ميليشيات محلية وصيادون قوات الجيش للتصدي لبوكو حرام. ويؤكد محمد عثمان تولا (60 عاما) المسؤول عن الصيادين في اداماوا ان رجاله ساعدوا في طرد بوكو حرام من عدة مدن في الاسابيع الماضية مثل غومبي ومدينة موبي التجارية. لكن يبدو ان عثمان تولا عاجز مع عناصره عن التصدي للاسلاميين المدججين بالاسلحة والمجهزين بالدبابات وصواريخ ارض-جو. ويزعم البعض ان الصيادين يلجأون الى الشعوذة للانتصار على المتمردين لكن تولا ينفي ذلك ويقول «الله فقط الى جانبنا». وفي الكاتدرائية يؤكد اسقف يولا ستيفن مامزا ان هناك تحديات كثيرة «بانتظارنا» بعد الانتصار على جماعة بوكو حرام. وهو يخشى عندما يعود اللاجئون الى ديارهم من ان يعاقب المسيحيون والمسلمون اي شخص يعتبر مقربا من بوكو حرام. وقال «اخشى من اعمال الثأر. ما زال امامنا مهمة كبيرة. علينا ان نشجعهم على التسامح والعيش بسلام». سط المخاوف والحزن مع اقتراب عيد الميلاد تعج مدينة شيبوك بشمال شرق نيجيريا عادة بالحركة والحيوية حيث يتدفق اليها الزائرون لتمضية فترة الاعياد مع عائلاتهم, لكن اختطاف 185 شخصا غالبيتهم من النساء والاطفال في مدينة مجاورة ذكر اهاليها بخطف اكثر من مئتي تلميذة فيها على يد بوكو حرام. وقال ايوب شيبوك عم احدى التلميذات المخطوفات «عموما في هذه الفترة يأتي العديد من الاشخاص الى شيبوك لتمضية العطلة وسط العائلة, كذلك يشتري الناس المواشي والأغذية وملابس العيد». «لكن هذه السنة كل شيء تغير», قال شيبوك في اتصال هاتفي اجرته معه وكالة فرانس برس. تقع مدينة شيبوك في ولاية بورنو التي تعد معقل جماعة بوكو حرام الاسلامية التي قتلت الاف الاشخاص وارغمت حوالى 1,5 مليون شخص على الهرب من منازلهم. وفيما تقطن شمال نيجيريا غالبية من المسلمين فان بعض المدن في جنوب الولاية مثل شيبوك تضم مجموعة كبيرة من المسيحيين الذين يتعرضون بشكل متكرر لهجمات الاسلاميين. وقال بوغو بيتروس زعيم مجلس للاعيان في اتصال هاتفي اجري معه ايضا ان عيد الميلاد «كان على الدوام فترة يستعد لها اهل المدينة باهتمام, وهم سيذهبون الى الكنيسة هذا الاسبوع للتضرع الى الله من اجل مساعدتهم في تحرير الفتيات». وفي شريط مصور حظي بنسبة مشاهدة كبيرة تباهى زعيم بوكو حرام ابوبكر شيكاو بانه ارغم الفتيات اللواتي اختطفن في ابريل الماضي على اعتناق الاسلام او تزويجهن بالقوة. وبعد شهر على خطف الفتيات اكد الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان امام قادة العالم اجمع في المنتدى الاقتصادي العالمي في ابوجا ان هذا الهجوم سيسجل بداية النهاية للارهاب في نيجيريا. لكن العنف تزايد بشكل كبير منذ ذلك الحين في البلاد مع سيطرة بوكو حرام على اجزاء واسعة في شمال البلاد واعلان «خلافة» في المناطق التي سقطت بايديها, مما يطرح تساؤلات حول قدرة السلطات على تنظيم الانتخابات المرتقبة في 14 فبراير المقبل. ويوم الاحد الماضي, بدأ الهجوم على غومسوري الواقعة على الطريق المؤدية الى شيبوك عند الفجر. اطلق رجال مدججون بالسلاح النار في كل الاتجاهات, ونسفوا المباني العامة ودمروا اكثر من نصف المدينة. وباغت الهجوم الذي تسبب بمقتل 32 شخصا على الاقل, مجموعات الدفاع الذاتي التي تمكنت حتى ذلك الحين من صد عدة هجمات. وخطفت جماعة بوكو حرام 185 شخصا وفق الاهالي واقتادتهم في شاحنات الى غابة سامبيسا معقل المجموعة الاسلامية والى حيث نقلت تلميذات شيبوك. اثار اختطاف فتيات شيبوك موجة استنكار في العالم تبعتها حملة على موقع تويتر تحت عنوان «اعيدوا لنا فيتاتنا» (برينغ باك آور غيرلز) بدعم من السيدة الاميركية الاولى ميشيل اوباما والنجمة السينمائية الاميركية انجيلينا جولي. لكن في نيجيريا قوبل الامر بالصمت في البداية, حتى ان انصار الرئيس جوناثان ذهبوا الى حد التلميح الى ان الجدل الذي اثارته المأساة تحركه المعارضة لغايات سياسية. وقال الناشط في مجال حقوق الانسان جيتي اوغونيه انه غداة اعلان عمليات الخطف في غومسوري ارتأت ثلاث صحف نيجيرية كبرى تجاهل المأساة على صفحاتها الاولى. واعتبر «ان هذا الخنوع امام المأساة خطر للغاية. فهو ليس فأل حسن لمستقبل بلد حيث يعتقد السكان ان الحكومة لا تستطيع منع (...) اختطاف 185 شخصا». وبالرغم من الوعد الذي قطعه الرئيس جوناثان بتعزيز الامن في شيبوك, تمكنت بوكو حرام من الاستيلاء لفترة وجيزة على المدينة الشهر الماضي. وكان لا بد من عملية مشتركة للجيش وصيادين محليين لاستعادة شيبوك بعد بضعة ايام من ذلك. ولفت ايوب شيبوك الى ان مدينة شيبوك باتت تعيش في هاجس ترقب الهجوم المقبل, ما يدفع بعض السكان الى النوم في الادغال مع انتشار اي شائعة عن هجوم وشيك للاسلاميين. وحتى وان عاد الناس الى شيبوك لعيد الميلاد فانهم قد لا يجدون مكانا يقيمون فيه لان «منازل كثيرة دمرت» كما قال. كابول بلا فرح ملعب كرة المضرب اصبح خاليا ولم يعد هناك نزهات في الريف ولا سهرات قرب المسبح مع شرب كحول في المطعم الفرنسي.. فقد ولى زمن اللهو والمرح في كابول بعد العام 2001 بالنسبة للاجانب الغربيين الذين باتوا مهددين اكثر فاكثر. وهذه السنة استهدفت هجمات بشكل منتظم اماكن يتردد عليها الاجانب, اخرها في المركز الثقافي الفرنسي في كابول قبل عشرة ايام, ما قضى على اوهام العديد من الاجانب المقيمين في كابول والمتهمين من قبل المتمردين الطالبان بالتواطؤ مع الحكومة الموالية للغرب. وقبل بضعة ايام من انتهاء المهمة القتالية لحلف شمال الاطلسي الذي يدعم الحكومة الهشة ما يثير التخوف من فترة اضطراب, فان الذين لم يحزموا حقائبهم بعد لجأوا جميعهم تقريبا الى مجمعات محصنة لا يخرجون منها مطلقا. وقالت مديرة مطعم طالبة عدم كشف اسمها لاسباب امنية «قبل عام فقط كان لدي 28 موظفا لكن لم يعد هناك سوى ثمانية»، مؤكدة «لن ارحل لانني متزوجة من افغاني, لكننا خائفون كثيرا». وروت «من قبل كان هناك الكثير من المنظمات غير الحكومية وسفارات. اما الان فاصبح كل شيء محظورا عليها» وهي تدل بيدها الى قاعتها الخالية في وقت الغداء. وقبل سنوات قليلة ولو بدا الامر مستغربا في هذا البلد المسلم, المحافظ جدا والفقير والذي يعيش على وقع النزاعات, كانت كابول تعج بالحركة والحياة الليلية الصاخبة التي يختلط فيها مئات الشبان الاجانب ممن يعملون في المنظمات غير الحكومية مع دبلوماسيين وحراس مفتولي العضلات الى جانب صحافيين ومستشارين متنوعين. وكانت ليالي الخميس الى الجمعة, اي قبل يوم العطلة الاسبوعية المحلية, تمثل منتهى الفرح والبهجة على وقع الموسيقى وشرب الكحول من النوعية الجيدة نسبيا بملء الحرية حتى بزوغ الفجر مع مشاهد اختلاط للجنسين احيانا امام ذهول الحرس الافغان المكلفين مراقبة وغربلة الداخلين. لكن هذه الاجواء المرحة قد ولت فعلا في هذا البلد حيث معظم الشعب لم يشعر بمئات ملايين الدولارات من المساعدات التي انفقها الغرب اعتبارا من العام ,2001 ودفع جزءا منها رواتب العاملين الاجانب. واكدت الايطالية فرنشيسكو ريكيا ناشرة اعمال عن الثقافة الافغانية «ان حقبة السهرات الكبرى قد ولت منذ بعض الوقت». وتابعت «هناك اجانب اقل بكثير اما الذين بقوا فلم نعد نراهم لان الخوف يسيطر على الكثيرين». وبالنسبة للبعض فان القطرة التي افاضت الكأس تعود الى يناير الماضي عندما هاجمت مجموعة من طالبان مطعما لبنانيا يتردد عليه كثيرا الاجانب, ما خلف 21 قتيلا بينهم 13 اجنبيا. وفي حي قلعة فتح الله اغلق مطعم «اتموسفير» (الجو) الذي كان المكان المفضل لتجمع الفرنسيين في كابول والشهير بسهراته الصاخبة التي كانت تنتهي غالبا في المسبح. وقد عرف هذا المكان سنوات جيدة بين 2005 و2008 شكلت مصدر الهام مباشر للمسلسل التلفزيوني الفرنسي الناجح «كابول كيتشن» (مطبخ كابول). وتتذكر الصحافية الاميركية كورتني بادي «كل سهرات الخميس والجمعة مع مئات الناس». وروت «كانت اجواء ممتعة فرحة خالية من اي شعور بعدم الامان, بعيدة كل البعد عما يمكن ان نعيشه في بلداننا, وكان الناس يحبون ذلك. كانوا يشعرون بالحرية». وفي ايام الجمعة «كان لدينا الانطباع احيانا بان العيد يستمر طوال النهار» حول المسبح حيث «كان البعض يرى نفسه احيانا مرميا في المياه بثيابه والهاتف المحمول في جيبه». كذلك توقف الاجانب عن القيام بنزهات الجمعة في ضواحي كابول خوفا من التعرض لهجمات او الخطف. وملعب كرة المضرب في كابول كان يشكل ايضا نقطة التقاء انيقة لانها مقصودة من عدد من السفراء. اما اليوم فاصبح خاويا مع كرسي حكم وشبكة يتBكلهما التلف. «فلم يعد احد يأتي اليه» على ما اوضح مدرب طلب عدم ذكر اسمه خوفا من الهجمات. ولم يعد هناك سوى بعض الاماكن المعدودة مثل ذلك المقهى الانيق المحاط بحماية شديدة حيث يباع الهمبرغر ب14 دولارا (11 يورو) او «حانة سرية» حيث يبلغ ثمن قنينة البيرة 12 دولارا (10 يورو). وكان محل زاردوزي الفاخر للصناعات الحرفية مزدهرا يحقق ارباحا كبيرة ببيعه الى الاجانب منتجات مصنوعة محليا مثل اغطية للاجهزة اللوحية (اي باد) تحيكها نساء لاجئات. واوضحت مديرته كيري جين ويلسون انه «مع مبيعات اقل ب40% منذ يناير، بات بقاء المحل مهددا». ويتذكر وحيد عبد الله صاحب محل للسجاد «هراة كاربيتس» في وسط المدينة السنوات الاولى "العظيمة" بعد العام 2001 حيث لم يكن لديه «متسع من الوقت لتناول الغداء من كثرة الزبائن». وقال «اعلم ان كثيرين من الاجانب يستعدون للرحيل. لكننا سنستمر لان عائلتي لا تعرف سوى بيع السجاد».