لا أملك حق المشاركة في اختيار أحسن لاعب كرة القدم لأرجح كفة، ولم أطلع على الشروط والاعتبارات التي وضعتها الفيدرالية الدولية لكرة القدم الهاوية برهن اشارة الخبراء والصحافيين والمتخصصين في شؤون هذه الرياضة الشعبية والجماهيرية الملعونة، إلا أنني متيقين من كون هذه الاعتبارات أو هذه المنظومة التقويمية، ظلت منذ تأسيس هذه الجائزة الكبرى، تشكو من الحرج والخلل والإجفاف، ولا تحمل في عمقها وأبعادها ملامح الإنصاف والعدل وتكافؤ الفرص، فمصداقيتها رهينة بتوفر عنصري الموضوعية والإنصاف وهذه المصداقية كفيلة بأن تجعلها تشكل خطوة مهمة نحو آفاق رحبة في خدمة الرياضة وقيم الميثاق الأولمبي الهادفة إلى تحقيق الأمن والسلم وفرص التعايش للبشرية,وتهدف هذه القيم كذلك إلى مجتمعات تحكمها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ليس لدي حق التصويت، لكنني أملك حق الاحتجاج والاستنكار وحق الكلام والتعبير إذ لم أستطع تغيير المنكر باليد وباللسان, ولكنني أستطيع أن أفعل ذلك بالقلم. وهذه الحرية في التعبير وفي استعمال القلم سوف استثمرهالأنقل ما كان عبارة عن معاناة وحسرة وأرق إلى كلمات وحبر وورق لأتخلص عن شيء مما تملكني من حزن وقلق،إنه من الإجحاف في حق الرياضة عامة وفي كرة القدم بشكل خاص أن نحصر السباق نحو أفضل لاعب كرة القدم في تنافس ثنائي معروف ونجتر في مطلع كل سنة تعداد نقط الامتياز لميسي أو نجوم ترصع صفحات الملف الخاص برونالدور, من المجحف أن لا يلج مضمار المنافسة إلا اللاعب الذي يسجل الأهداف في مرمى الخصم ونسقط من حساباتها مجهودات وتضحيات وقتالية المدافعين وحراس المرمى ومقاتلي وسط الميدان. فالمارد ميسي لا يستطيع أن يسجل الأهداف لوحده إذ يحتاج إلى لاعبين من ذهب بوسط الميدان كإنيستا وتشافيي وبوسكيتس ومقاتلين أشداء من طينتي بويول وبيكي والفيز البرازيلي، كما لا يمكن أن نستهين بدور القديس كاسياس وسيرجيو راموس وبيبي ومودريتش، كجنود يملكون من الاستبسال والشجاعة والمقاومة والتصدي، ما يمكن رونالدو من معانقة شباك الخصوم، بل الأكثر من ذلك، فإن العين الموضوعية والحكم العادل والجريء، لا يمكن إلا أن يضع على قائمة المترشحين للفوز بهذا اللقب الثمين اللاعب العملاق سيرجيو راموس، كقائد متمرس ومقاتل لا يُقهر للكتيبة البيضاء ومفتاح الفرج في اللحظات العصيبة، والتي عاشها فريق الريال خلال سنة 2014، ليس فقط لكونه الصخرة الصماء التي تتكسر عندها هجومات الخصوم وخططهم وترسانتهم التكتيكية، بل كذلك بروزه كهداف عندما يستعصي الأمر على رونالدو وتنزل لعنات الحظ على كريم بنزيمة، كالمقابلة النهائية لكأس ملك اسبانيا، عندما فكَّ »رامسوس العقدة في اللحظات الأخيرة من المقابلة أمام أتلتيكو مدريد العنيد والبطل، حيث عانى الفريق من الضغط النفسي مما أثر بشكل ملموس على القدرات التركيزية والإبداعية لجل لاعبي فريق البيت الأبيض. وتكررت نفس الحالة خلال مشاركة الفريق الملكي بالموندياليتو بالمغرب، حينما نجح راموس في تسجيل هدف السبق في مقابلة نصف النهاية، ثم في المقابلة النهائية، عندما منح ارتقاء راموس وبلمسته السحرية الرأسية المعهودة، هدفاً تاريخياً، حرر زملاؤه في الملعب نفسياً وبدنياً وتمكنوا من الفوز بالكأس. وما قلناه عن سيرجيو راموس الإسباني ينطبق كذلك على حارس مرمى باييرن مونيخ، والذي حمل شعار التصدي والتحدي في كل تدخلاته، بل إنه إضافة إلى دوره ومهمته في حراسة عرين الباييرن والفريق الوطني الألماني، كان له دور حاسم في فوز باييرن ميونيخ بالبطولة والكأس الألمانيين، وكذلك في فوز ألمانيا بكأس العالم. وإضافة إلى كل ذلك، فالحارس الألماني نويير يؤدي كذلك مهمة المدافع الأوسط، حينما يتحول إلى مستوى زملائه في خط الدفاع للذوذ على العرين الألماني. لذا، فإن كان المهتمون والمشاركون في هذه المسابقة السنوية يستحضرون مجريات البطولات الأوربية والعالمية، والتي تعكس بحق أرقى ما و صلت إليه هذه الرياضة الشعبية الجماهيرية من التنافس والفرجة والمتابعة والإبداع و كذلك من الأرباح المادية للشركات والمؤسسات الرياضية، فإن الأمر يتطلب إعادة النظر في المقاييس المعتمدة و إصلاح الخلل الذي ارتبط بهذه المسابقة منذ نشأتها, وذلك باستحضار عناصر موضوعية، واعتماد الشمولية وتكافؤ الفرص، وخاصة أن لا يحصر التنافس بين فئة من اللاعبين، وتحرم فئات أخرى من التنافس على اللقب العالمي رغم مشروعية وأحقية ترشحها واستحقاقها لما قدمته من إنجازات وأرقام وإضافات خلال الموسم الرياضي الحالي. لقد كان من الإنصاف أن تخصص هذه الجائزة الحالية لأحسن مهاجم، على أن تخصص جائزة أخرى لأحسن مدافع إحقاقا للحق وإنصافا لهذه الفئة, لدورها الحاسم في تحقيق النتائج والفوز بالألقاب، فالمهاجم عندما يبرز ويصير نجما لامعا يسبقه المجد والشهرة وتتلقفه الأندية الغنية في العالم لما يقدمه في الرقعة الخضراء من عروض ولوحات فنية ولقطات إبداعية، وما يسجله من أهداف وما يبرز ممن تقنيات, فإن ذلك كله تحقق بمساعدة لاعبين آخرين وجنود يدافعون ويستميتون ويتقاتلون من أجل أن يرسموا مساحات وفضاءات للإبداع والإمتاع وفرص البروز والتسجيل للنجوم المكلفة بتسجيل الأهداف. لذافليس من الحكمة والإنصاف أن تسجل النقط فقط لفئة دون أخرى, في الوقت الذي يساهم فيه الجميع في صنع الفرجة ورسم اللوحات وتحقيق الإنجازات، وعدم الإنصاف هو واقع لا ينسجم مع مقتضيات الميثاق الأولمبي, لأن اللوحات التي نستمتع بها و اللحظات التي نعيشها في انتشاء مع هذه اللقطات الفنية، تفرض علينا أن نكون منصفين في تشجيع ومكافأة وتحفيز كل المساهمين في إنجازها وإخراجها، ونستحضر في هذا السياق قتالية وتضحيات النجم الألماني السابق بكنيباور, وخاصة في اللقطة التي يظهر فيها في احدى المقابلات بكأس العالم سنة 1974 وهو مربوط الذراع بالرقبة متحديا معاناته وكسر معصمه ومصرا على إكمال المقابلة. ومن اضافات الموندياليتو الحالي والذي نظم اخيرا بالمغرب، انه انصف الفريق الملكي بنجمة كأس العالم للاندية، وانصف كذلك اللاعب سيرجيو راموس بنجمتين غاليتين باختياره احسن لاعب وبحصوله على هداف البطولة, اضافة الى كأس ايدداس ومفتاح سيارةتويوتا, أتمنى ان يكون تتويج سيرجيو راموس مناسبة لدفع المسؤولين على وضع معايير اختيار لاعب السنة لاعادة النظر في هذه المنظومة التقويمية، كما اتمنى ان يتم تجاوز عنصر المحاباة في ترجيح كفة متنافس، ومنحه امتيازا مجانيا دون غيره ,كما وقع عند اختيار ميسي كأحسن لاعب في كأس العالم المقامة بالبرازيل, كما وقع الاختيار على رونالدو كأحسن ثاني لاعب بمونيداليتو 2014. فالرابطة الارجنتينية للصحافة اختارت هذه السنة اللاعب دي ماريا كأحسن لاعب أرجنتيني, ولم تداهن أو تحابي ميسي. فالانصاف ومقتضيات الفكر الالمبي العالمي في بعدها الانساني تقتضي إبعاد عنصر محاباة الرضوخ لرغبات جهات معينة, والتي كان لها تأثير ووزن في الاختيارات سابقا. وأضم صوتي الى صوت رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم ميشال بلاتيني, والذي رأى ان احسن لاعب كرة القدم لهذه السنة لاينبغي ان يخرج عن كتيبات الفريق الالماني الفائز بكأس العالم, موحيا بذلك للحارس الالماني نويير,واضيف الى هذا الرأي ان المدافع الاسباني سيرجيو راموس يستحق بدوره ان يوضع على رأس المتنافسين على هذه الرتبة التكريمية, كما اضيف بصوت عال ولكنه مبحوح وغير مسموع بأن احسن لاعب لفريقي يمارس ببطولات اوربا في كرة القدم لا يجب ان يخرج هذه السنة من اللاعبين الجزائريين سفيان فيغولي، وياسين ابراهيمي، ونذكر بأن هذا الاخير نال الكرة الذهبية الجزائريةوسلمها للاعب الفرنسي ويبيري والذي صرح بالمناسبة في ندوة صحافية بأن المعايير المعتمد عليها في اختيار أحسن لاعب في كرة القدم في العالم غير بريئة وغير سليمة. اللهم اشهد بأنني بلغت عن هذا الخلل بالقلب وبالقلم, لانني لم اقدر على محاربة المنكر باليد, لأن اليد قصيرة ولم اقدر على الاستنكار والاحتجاج باللسان, لأن لا حياة ولا اذان لمن تنادي. ألا هل بلغت فاشهد ايها التاريخ.