مثلما توقعت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي، انتفض الوالي محمد اليعقوبي، مساء الخميس المنصرم، خلال اجتماع اللجنة التقنية المحلية( CTL (، المخصصة لإبداء الرأي بخصوص مشروع تصميم تهيئة مدينة طنجة، في وجه مكتب الدراسات المكلف بإعداد هذا المشروع، بعدما تأكد لديه وجود العديد من الاختلالات، تناوب على كشفها رؤساء المؤسسات المنتخبة والمهنية بمدينة طنجة، محذرين من العواقب الخطيرة لهذا المشروع على مستقبل المدينة في حال إقراره في صيغته الحالية، معززين دفوعاتهم بمجموعة من المعطيات الصادمة. فمشروع التصميم الذي كلف أزيد من 500 مليون سنتيم من أموال دافعي الضرائب، واستغرق إنجازه حوالي أربع سنوات من طرف مكتب دراسات بالرباط، تم الاعتماد في إعداده على صور جوية تعود إلى 1992، والنتيجة تصميم تهيئة غير مطابق للواقع. إذ تم اقتراح شق طرق تخترق مجمعات سكنية تم الترخيص ببنائها قانونيا، كما أن التصميم الذي يسعى لأن يهيكل التوجه العمراني للمدينة، لا يتضمن مئات الهكتارات التي تم الترخيص بالبناء فيها بعد2011، بالاعتماد على تصاميم إعادة الهيكلة plans de redressement ، المصادق عليها من طرف الوكالة الحضرية والولاية ومجلس المدينة والمقاطعات. بل الأدهى من ذلك تم اقتراح شق هاته المناطق، التي تحولت إلى مدن جديدة، بطرق سيكون من المستحيل تنزيلها على أرض الواقع، ناهيك عن عدم تضمينه لمشاريع كبرى دشنها جلالة الملك... المتدخلون طالبوا مكتب الدراسات بتقديم توضيحات، بشأن الدواعي التي دفعته إلى تغيير تنطيق بعض المناطق دون غيرها، بشكل يثير العديد من التساؤلات، مثلما استفسروه عن الخلفيات الحقيقية وراء اقتراح تحويل أربعة فنادق في قلب مدينة طنجة إلى عمارات سكنية، وهو يعلم أن من بين هاته المؤسسات الفندقية ما يجب تصنيفها ضمن المآثر التاريخية للمدينة، لما لها من شهرة دولية، ولما تحظى به من رمزية في ذاكرة ساكنة المدينة؟؟... غير أن أخطر الاختلالات التي تم الكشف عنها في اجتماع اللجنة التقنية المحلية، همت بالتحديد غياب العدالة المجالية، حيث تعمد مكتب الدراسات إفقار المواطنين البسطاء، باستهداف عقاراتهم لتوطين المرافق العمومية والمناطق الخضراء بها، في حين العقارات المملوكة للمحظوظين، والذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، تم تخصيصها للعمارات وللمجمعات السكنية... وهي الاختلالات التي التقطها الوالي اليعقوبي، ليوجه تحذيرات صارمة لمسؤول مكتب الدراسات، بضرورة معالجتها، رافضا بالمطلق أن يؤدي البسطاء ضريبة تهيئة المدينة على حساب النافذين وكبار المنعشين العقاريين، متوعدا إياه بفتح تحقيق بشأنها، إن ظهرت مؤشرات تفيد بوجود نية مبيتة لتغيير تنطيق بعض المناطق على المقاس وتحت الطلب. وحسب مصادر الجريدة فإن مشروع تصميم التهيئة لم يقدم أجوبة واضحة حول التوجهات المستقبلية لمدينة طنجة، التي تعرف اليوم ضخ 700 مليار سنتيم لتجويد بنيتها التحتية، حتى تصير مدينة جاذبة للاستثمارات العالمية. ولم تستبعد أن يكشف التحقيق الذي توعد بفتحه الوالي اليعقوبي، عن حقائق صادمة، خاصة في ظل الحديث عن استعانة مكتب الدراسات المكلف بإنجاز المشروع، بمكتب للهندسة المعمارية مملوك لإطار سابق بالوكالة الحضرية لطنجة، تم إجباره على التقاعد عقب إعفاء مديرها الأسبق، بعد انفجار العديد من الفضائح العقارية. وطالبت المصادر بضرورة أن يشمل التحقيق كذلك دواعي تغيير تنطيق بعض المواقع، وكذا المسار الذي انتهجه مكتب الدراسات في إعداده لهذا المشروع، الذي كلف إنجازه مئات الملايين من أموال دافعي الضرائب.