بتنظيم من جمعية فاس سايس- فرع الدارالبيضاء، وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس، اختار المهرجان الدولي للثقافة العيساوية لتخليد سنته الثانية، أن يكون بطعم مغاربي، بحيث استحضرت فعالياته التي دامت منذ الخميس 18 أبريل لغاية 20 منه، روح البلدان الثلاثة تونسالجزائر والمغرب في برمجتها، وكل ذلك بين أحضان فضاء عريق وتراثي من عمق مدينة الدارالبيضاء، ألا وهو مقر جهة الدارالبيضاء سطات، المتواجد بالقرب من القصر الملكي بحي الأحباس. أنشطة هذا المهرجان الذي يطمح لتسليط الضوء على ثقافة عيساوة في المغرب الكبير، تضمنت صبيحتي يومي الجمعة 18 والسبت 19 أبريل، كل من مائدة مستديرة حول:»حوار الأديان، حوار الثقافات:المشترك العالمي».ومنتدى للنقاش حول «المقاربة الصوفية في أخلاقيات التعليم» بحضور أساتذة باحثين متخصصين في ميدان الطريقة الصوفية العيساوية، قدموا خلالها شروحات أكاديمية لمضمون هذا التراث. كما عاشت مدينة الدارالبيضاء وخاصة قصر المشور بمنطقة الأحباس، على امتداد ثلاثة أيام، على إيقاع سحر الثقافة العيساوية، إذ شهدت أمسيات روحية، ولقاءات للدمج الموسيقي، وبرنامجا فنيا مكثفا أبرز التراث العيساوي الغني بحضور أسماء كبيرة من المغرب وتونسوالجزائر، وصدحت الإيقاعات والقصائد المستمدة من هذا التراث، بحيث برمجت يوم الخميس سهرة بمشاركة تونسية مغربية لكل من عوامرية، المقدم سيدي عامر، ومحمود فريح من تونس والمقدم الحاج سعيد برادة من فاس بمشاركة سعيد بلقاضي ويوم الجمعة 19 أبريل، سهرة جزائرية مغربية شارك فيها كل من عيساوة المقدم خليل بابا أحمد، وبراهيم حاج قاسم مع الموسيقى الغرناطية من الجزائر، بالإضافة إلى طائفة إخوان عيساوة برئاسة عبد الصمد الهادف من مكناس، وكذا إدريس زعروري وأوركسترا محمد العثماني من فاس المغرب واختتم المهرجان يوم السبت 20 أبريل بحفل مغاربي، أحياه كل من مجموعة ناس الغيوان وطوائف عيساوة، حمادشة، أهل التوات، ومجموعات مغاربية، بمشاركة المقدمين سعيد برادة (فاس)، علال شمان (الرباط)، عبد الرحيم عمراني (فاس)، السملالي (فاس)، نوال عبدلاوي (مكناس). وفي هذا الصدد فقد أكد رئيس جمعية فايس سايس فرع الدارالبيضاء، أثناء حديث خص به بعض من الصحافة الوطنية، بان هاته هي المرة الثانية التي يقومون بتنظيم هذا المهرجان العالمي للثقافة العيساوية التي تتميز هاته السنة بوجود فرقة تونسية وفرقة جزائرية ومساهمة ثلة من الفنانين من مختلف أنحاء المغرب، و استرسل مضيفا بأنه تمت برمجة مائدة مستديرة التي تهدف للتنسيق ما بين الطريقة العيساوية الصوفية وحوار الثقافات والأديان حضرها ممثلون للأديان الثلاثة المسيحية واليهودية والإسلام وذلك سعيا لإبراز بأن الثقافة العيساوية أصلها من الإسلام الذي ينبني على السلم والوئام والحب والتضامن واحترام الغير، وكل هذا بهدف تبيان أن المغرب يتميز باحترام الأديان واحترام الثقافات واحترام الغير وبحسن المعاملات، أملين أن تصل هاته الرسالة للشعب المغربي والدول العربية، وأضاف بأنهم، كمنظمين، يسعون للسفر بهاته الرسالة إلى دول الخارج كخطوة مستقبلية. كما اغتنمت الجريدة تواجدها لتجري حوارات قصيرة مع بعض الفنانين، وفي هذا الإطار فقد حاورت أعضاء من الفرقة التونسية وقال محمود فريح، المنشد والأستاذ للمقامات والإيقاعات العربية ببلده، بأن هذا المهرجان يعتبرهمزة وصل وإضافة بالنسبة للطرق الصوفية بالنسبة للمغرب العربي، بما أنه يسعى للتقريب ما بين هاته الأنماط والطرق المتشابهة، ناهيك عن كون الطريقة العوامرية (نسبة لسيدي عامر المرزوغي) التي سينشدونها، هي امتداد للطريقة العيساوية، وختم قائلا بأن هناك أناسا في تونس يحرصون على الحفاظ عليها، وهم عوامرية المقدم سيدي عامر برئاسة علي المقدم شيخ الطريقة.من جهته عبر هذا الأخير، في حديثه، عن فرحته بتواجده في المغرب وعن رغبته في اقتسام هذا المقام الذي يحافظون عليه، واستطرد مفسرا بأنه ملقب بالمقدم لتوارثه لهاته الطريقة أبا عن جد ومنذ عقود. من المغرب كان للجريدة لقاء مع سعيد بلقاضي الفنان المغربي المنتمي لمدينة طنجة، الذي أعرب عن سعادته بالمساهمة في هذا المهرجان الذي،على حد قوله، يؤطر فنا راقيا بالمغرب، وأضاف قائلا بأن مشاركته أتت استجابة لدعوة خاصة من طرف سعيد برادة، معلم الفن العيساوي، وحضوره جاء كممارس للموسيقى الأندلسية والسماع الصوفي والمديح النبوي الشريف، وذلك للقيام بعمل مشترك على المسرح تجمع ما بين الفن العيساوي والمديح والسماع والتي سيعملون فيها معا على إبراز مجموعة من الألحان العيساوية والصوفية والدرقاوية. من جهته قال الفنان عبد الرحيم العمراني مقدم الطريقة الحمدوشية بمدينة فاس، بأن هاته الطريقة لها انتشار على الصعيد الوطني، كما العالمي، فقد عرفت في استراليا وأوربا والولايات المتحدةالأمريكية واهتم بها أجانب مما نتج عنها موسيقى مختلطة الإيقاعات مثلا «الجاز حمادشة» و»الديدجي حمادشة» و»الرامبا فلامينكو حمادشة»، واسترسل معرفا بالطريقة قائلا أنها تنتمي إلى شيخها سيدي علي بن حمدوش المتوفي في القرن 17 سنة 1135 هجرية، مضيفا بأنه تتلمذ على يد والده الحاج ادريس العمراني الذي كان شيخ هاته الطريقة، وذلك سعيا للحفاظ على هذا التراث، وأعلن أنه هو من جهته حاول أن يجمع بعض الأذكار، وأخر ما عمله أن طبع كتاب من 384 صفحة بعنوان «كناش الزهر والمرشوش في قصائد سيدي علي بن حمدوش». كان لتقديم فرقة ناس الغيوان لفقراتها الفنية، طعم خاص خلال الحفل الذي تجاوب معه الجمهوربقوة، وقد اغتنمت الجريدة الفرصة للحديث مع أحد مؤسيسها عمر السيد الذي صرح ان فن عيساوة من الفنون الشعبية التي يتميز بها المغرب وبأن هذا الأخير بأمس الحاجة للحفاظ على هذا التراث الذي يعني جل المغاربة، واسترسل قائلا بأنه انتبه لتواجد جمهور من مختلف الشرائح الثقافية والإجتماعية، تجاوب مع فقرات الأمسية، واستخلص بأنه يتوق إلى إعادة إحياء كل ما هو جميل في تراثه وبالتالي يعتقد بأن هذه التظاهرة بادرة مهمة واعتبر المهرجان ناجحا بكل المقاييس. وعن اختيار المنظمين أن تكون هاته الدورة مغاربية قال الفنان بكونها جيدة مفسرا بأنه مؤمن بأن الموسيقى هي التي ستوحد المغرب العربي. .