سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في كلمته بالاتحاد البرلماني العربي : رئيس مجلس النواب يدعو إلى «تكوين جبهة برلمانية عربية متراصة من أجل إعادة بناء الذات واستعادة سلطة القرار العربي المستقل»
ترأس الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب الوفد البرلماني المغربي المشارك في المؤتمر التاسع والعشرين للاتحاد البرلماني العربي، والذي انعقد بالعاصمة الأردنية عمان، يومي 3 و4 مارس 2019 تحت شعار: «القدس العاصمة الأبدية لفلسطين». وبهذه المناسبة، ألقى رئيس مجلس النواب كلمة باسم الوفد المغربي، عبر خلالها عن أهمية اللقاء بين البرلمانيين العرب وتجديد الحوار وتواصله حول القضايا والانشغالات المشتركة التي تهم وحدة مصير الأمةٍ العربية منْ خَليجِها إِلى مُحِيطها. وأعرب عن أمله بأن تَظَلَّ كلمة الاتحاد البرلماني العربي موحدة، «من أجل تشكيل جَبْهةً مُتَرَاصَّةً تخدم الأمة العربية وتتجاوب مع تَطَلُّعاتها وآمالها، وكذا من أجل توجيه المزيدِ من الجُهُودِ البرلمانية نحو إعادة بناء الذات العربية في مواجهة ما يُحْدِقُ بها من مخاطِرَ ومخططات رهيبةٍ، وفي العمل المُكَثَّفِ على استعادة سلطةِ القرار العربي المستقل». وفي هذا الإطار، أشار المالكي إلى مجموعة من التحديات «التي تفرض حتمية الوحدة والحكمة والتُّبَصُّر، وضرورة اليقظة والوعي الجماعي، والاحترام المتبادل، والحرص على عَدَمِ التَّدَخُّل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض»، مؤكدا أن ما يجمع العرب في العُمْقِ وفي الأُفْقِ ليس المؤتمرات والاجتماعات أو الخطب والبيانات والشعارات، وإِنما روابطُ عميقةٌ بِنْيَويةٌ فيها ما له علاقة بالحضارة وبالثقافة والتاريخ، وبالأَنساق المجتمعية، وبالممارسة العقائدية والدينية والروحية، وباللغة، وكذا بالقيم الإِنسانية والأَخلاقية الكونية والمبدئية، «وإن الأَخطر أن ما أصبح يَجْمَعُنَا اليوم أكثرَ فأكثر هو ما يَتَهدَّدُنا جميعاً، وما يستهدفُنا جميعاً من أَخطار وتهديدات واضحة ملموسة». وحرصا على التعاون والانفتاح على باقي الشركاء، أبرز رئيس مجلس النواب أهمية التعاون العربي-الأوروبي، ودعا في نفس الوقت إلى «ضرورة تفكيرنا كأمة عربية في تنويع شركائنا الاستراتيجيين، وفي البحث بالخصوص عن شركاء موثوقٍ بهم، وذلك على أساس أولوية الأَمن القومي العربي»، مذكرا بما جاء في الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى القمة العربية الأوروبية المنعقدة مؤخرا بشرم الشيخ بمصر، بأنه «ينبغي أن يظل شأناً عربيّاً، في منأًى عن أي تدخل خارجي». ونبه إلى «أن الخلافات العربية-العربية ليست سِوَى تجليّاتٍ واضحةٍ لمخططاتٍ مدروسة تستهدف في العمق أمننا القومي، وضرب إِرادتنا المشتركة، والمساس بوحدتنا واستقرارنا وثرواتنا ومستقبلنا». وتأكيدا لامتدادات المملكة المغربية المتجذرة، أكد المالكي أن المغرب يدرك بصدقٍ أهميةَ عُمْقِه العربي مثلما يراهن على عمقه الإِفريقي، «ولن تُلْهِيَه بعضُ الاستعمالات الإِعلامية وآليات التعبئة والتحريض، فالشمال الإفريقي حتى مصر العربية امتداد جغرافي وتاريخي وسوسيو-ثقافي وسياسي للمغرب، والشراكة المغربية-الخليجية شراكة استراتيجية وليست شراكةَ مصَالحَ ظرفيةٍ أو حسابات عابرة، كما عبَّرَ عن ذلك بوضوح جلالةُ الملك محمد السادس في خطابه القوي الجريء أمام القمة المغربية الخليجية في 20 أبريل 2016 بالرياض». وبخصوص أفق العمل المستقبلي دعا المالكي الى بُعْدِ النظر الاستراتيجي، والتخطيطِ المحكم، وكذا إلى مجابهة الواقع، وإِدراك حجم المخاطر المُحْدِقة بالأمة العربية وبقضيتها المركزية، القضية الفلسطينية وضِمْنَها قضية مدينة القدس ومقدساتها. وأكد على الانخراط الصادق والعميق للمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، في كل أفق عربي ملتزم بخدمة ودعم هذه القضية العربية النبيلة، في سبيل تحرُّر فلسطين واستقلالها وبناء دولتها الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس. وفي ختام كلمته، دعا لمالكي البرلمانيين العرب، إلى مزيدٍ من الجهد الخَلاَّق والممارسة الاقتراحية الفاعلة والضغط المنهجي، «حتى نَظَلَّ ممثلين حقيقيين لضمائِرِ شعوبنا، ونَبْضِ شوارعنا، وقَلَقِ مواطنينا، مع مواصلة العمل بصدقٍ ونزاهةٍ ومِهَنيةٍ وجُرأةٍ كي نوفر لأمتنا قِلاعَ صمودٍ في مواجهة المخاطِرِ والتدخلاتِ الخارجية التي تستهدف أمننا الجماعي، وتستهدف استقرار بلداننا واستمرار نسقنا السياسي العربي».