نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وأمطار قوية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    ترامب: الخلاف مع كندا والمكسيك سيجعل مونديال 2026 "أكثر إثارة"    اتحاد تواركة يرسل شباب المحمدية إلى القسم الثاني    جمال حركاس يجدّد عقده مع الوداد    الجامعة التونسية لكرة القدم تدعو الأندية إلى الإسراع بتسديد الديون المستحقة عليها تجنبا لعقوبات مالية من "الفيفا"    ترامب يعين سفيرا جديدا للولايات المتحدة بالمغرب    عمرة رمضان 2025: الموسم الذهبي لوكالات الأسفار    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية تدعو مستخدمي الطريق إلى توخي الحذر واليقظة بسبب سوء الأحوال الجوية    الفنانة نعيمة سميح في ذمة الله    الفنانة المغربية نعيمة سميح في ذمة الله    نعيمة سميح في ذمة الله    ترامب يعين ديوك بوكان الثالث سفيرا للولايات المتحدة بالمغرب    مكتب الحبوب يدعم الموردين ب14.77 درهم للقنطار    توقيف الدراسة في مدارس تطوان تبعا لنشرة جوية إنذارية    كيوسك السبت | المغرب يطلق دليلا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    ترامب يعين سفيرا جديدا بالمغرب    جلالة الملك يواصل جولاته المسائية في أحياء وشواع عاصمة مُلكِه    قائمة أسود الأطلس النهائية التي قد يختارها المدرب وليد الركراكي    رحيل أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح عن عمر 73 سنة    الفنانة نعيمة سميح في ذمة الله    الصين تفرض رسوما إضافية على المنتجات الفلاحية والغذائية الكندية    الصين تستضيف القمة العالمية للمرأة في النصف الثاني من العام الجاري    النجم المغربي لامين يامال يثير اهتمام وسائل الإعلام حول توفيقه بين الصيام والتداريب    وفاة سجين بسجن بني ملال بعد معاناة مع مرض معدي    تنظيم ندوة علمية حول أحداث تاريخية مغربية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة    تسرب الغاز قبالة سواحل السنغال وموريتانيا.. "غرينبيس إفريقيا" تحذر من الأثر البيئي    تزويج القاصرات يقلق حقوقيين    الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي يؤكد على دور لجنة القدس برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس    الملك محمد السادس يمنح بقعا أرضية مجانية لقدماء العسكريين    الكلايبي: لا نية لبيع مركب محمد الخامس وأولويتنا تأهيل البنية التحتية الرياضية    تعليق الدراسة بعدد من الجماعات في أزيلال كإجراء احترازي بسبب التساقطات الثلجية المرتقبة    المحامية الفرنسية تبرئ المتهم الرئيسي من الاغتصاب وتؤكد التعرض للتلاعب    تعليق الدراسة بعدة أقاليم في جهة طنجة تطوان الحسيمة بسبب اضطرابات الأحوال الجوية    أخنوش يترأس اجتماع لجنة القيادة المكلفة ب"عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخض    وهبي: احتضان المملكة لأول مكتب إقليمي لمؤتمر لاهاي للقانون الدولي اعتراف بدورها الحقوقي على المستوى الدولي    بنسعيد يشرف على تعيين أعضاء لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية    أفضل النصائح لخسارة الوزن    خط جديد يربط بين طنجة المتوسط وميناء هويلبا لنقل البضائع    فرنسا تقرض المغرب 781 مليون أورو لاقتناء 18 قطارا فائق السرعة    وفد حماس بالقاهرة لأجل محادثات الهدنة ودول "التعاون الإسلامي" تبحث الخطة العربية    عمرو خالد: هذه ملامح استراتيجية نبوية ناجعة للتعامل مع تقلبات الحياة    بورصة البيضاء تستهل التداول بارتفاع    اضطراب الشراهة عند تناول الطعام: المرض النفسي الذي يحوله تجار المكملات الغذائية إلى سوق استهلاكي    أول لقاء بينهما.. وزيرا خارجية المغرب وسوريا يجريان مباحثات بمكة    حول المغرب الأركيولوجي ..    الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي يثني على جهود المغرب في التنمية والاستقرار    الفن السابع المغربي يتألق في افتتاح مهرجان الفيلم الفرنكفوني بدبلن    الدوري الأوروبي.. فوز إعجازي للاتسيو وتعادل صعب للمان وهزيمة في آخر الأنفاس لبلباو    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    نهضة الزمامرة ينفصل عن مدربه أمين بنهاشم بالتراضي رغم سلسلة نتائجه الجيدة    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    









عمر بن جلون… المناضل الذي أعدم الإعدام وأمات الموت

إن كل متأمل /قارئ للحقل السياسي في المغرب عبر صيرورته التاريخية، لابد وأن يقف طويلا بكل هيبة وتقدير، عند أسماء تكاد تكون أسطورية بما قدمته من تضحيات٬ وما عرفته من معاناة٬ وما مورس عليها من إرهاب مزدوج ) جسدي وفكري ( في سبيل مغرب حداثي مستقل وديمقراطي ٬ في سبيل مجتمع تحكمه العدالة الاجتماعية ٬ وفي سبيل وضع أسس دولة الحق والقانون…لا بد وأن يستحضر رجالا وضعوا المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار…رجالا صنعوا تاريخ المغرب…رجالا وجهوا المغرب نحو الطريق الأنجع لتحقيق التنمية الشاملة ٬ وجهوه نحو الديمقراطية الحق ٬ الديمقراطية كمنهج وكهدف .
وإن الكتابة عن الشهيد عمر تكشف قصور اللغة عن الإحاطة بكل خصاله وطاقاته ونضالاته ٬ عن الإلمام بإسهاماته وإبداعاته وطموحاته ٬ عن الإمساك بديناميته وإشعاعه وممارسته…تكشف عجز اللغة عن استيعاب دلالات تضحياته ومعاناته وآلامه…عمر أوسع وأغنى وأعمق من اللغة ٬يتكلم اللغة ولا تتكلمه اللغة….هولغة خاصة ٬ لغة الفعل لا لغة الكلمات ٬ مكتوبة بالدم لا بالجبر….. من هنا فإن كل من يحاول الإحاطة بالرجل في أبعاده الغنية يتقزم أمام عظمة الشهيد ٬ وتبدو كتاباته وكأنها لعبة صبيان…ولكن يكفي أن أعلن أنك القائد ليسقط القناع عن المتهافتين وأصحاب الزعامات الوهمية…أولئك الذين انتهزوا الفرص فركبوا نضالك ونضال رفاقك٬ الشهداء والأحياء…
هنا الخلود، فطوبى للداخلين . هنا عمر…وهناك عمر…فتعال صل معه…والصلاة مع عمر تستوجب الطهارة الكبرى٬ الطهارة من الخيانة والانحراف٬ من التهافت والانبطاح٬ من الجبن والخوف٬ من النفاق والارتزاق٬ من اليأس والاستسلام.. صنع التاريخ بسموه الأخلاقي ورفعته الانطولوجية أعطى للوجود دلالته٬ وأضاف للزمن المغربي بعدا إنسانيا نضاليا…بل هو الوجود والزمن…بدون عمر الوجود عدم٬ الزمان سكون٬ المكان فراغ٬ الفضاء خواء٬ الفكر أجوف٬ الواقع أعمى والتاريخ موضوع بدون ذات….بنضاله وتضحياته في سبيل الحرية والعدالة وكرامة وحقوق الإنسان ارتفع عن خسة الرعايا ليعانق شموخ العظماء. ناضل في سبيل إعادة الاعتبار للإنسان المغربي٬ إرجاعه إنسانيته والسمو به إلى المواطنة.
حارب الجري اللاهث وراء الثروة والانقياد لتيار المصالح الجارفة٬ تعالى عن الإغراءات احتقر المناصب والمواقع … كان يروم خدمة الشعب لا خدمة مصالحه الشخصية. مستعد ليخسر كل شيء ٬
مستعد ليخسر وظيفته بل ليخسر حياته لكنه لايستطيع التنازل عن خدمة المشروع الديمقراطي بعد عودته من باريس والتحاقه بالمغرب عين مديرا بالنيابة للبريد في الدار البيضاء ٬ثم مديرا إقليميا في الرباط .وقد عرفه العمال وموظفو البريد مناضلا نقابيا بينهم ٬إذ قام بدور رئيسي في الإعداد لإضراب الموظفين في يوليوز سنة 1961 ثم في إضراب البريديين في ديسمبر من السنة نفسها..إن اختيار عمر للنضال في صفوف القوات الشعبية اختيار مبدئي ٬ لاتقيده الوظيفة ولا يحجها القمع ٬ اختيار جعله يسبق سنه٬ يسبق زمانه ٬يسبق التاريخ…مناضل وهو تلميذ في ثانوية عمر بن عبد العزيز بمدينة وجدة ٬ مناضل وهو طالب ٬ بعد حصوله على القسم الثاني من البكالوريا في وجدة».
التحق بباريس حيث تابع دراسته الجامعية فحصل على الليسانس في الحقوق ثم دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ٬ وبعده دبلوم المدرسة العليا للبريد حيث نال الدرجة الأولى ضمن الفوج المتخرج سنة 1960-1959 . عرفه المغرب في باريس مدة إقامته بها مناضلا لا يفتر عن العمل . وقد أصبح مسؤولا حزبيا هناك عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ٬ وقد كان عضوا عاملا في لجنته الإدارية الوطنية ٬ كما انتخب رئيسا لجمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا ٬ بقي رئيسا شرفيا لها ٬ مناضل قضى حياته في أحضان الشباب ٬ طالبا ومثقفا ومناضلا سياسيا . مناضل خدم العمال والفلاحين وقضاياهم محاميا وصحافيا ومناضلا ديمقراطيا . لقد كان مناضلا حاملا لهموم الشعب٬ متألما لوضعيته مستحليا لأسباب تردي أحواله٬ مناضلا لبس معاناة الشعب بأكمله.
مناضل وطني٬ دافع باستماتة عن مغربية الصحراء٬ ولكن وطنية عمر موشومة بالبعد المغاربي٬ والقومي والأممي. ساند بقوة حرب التحرير الجزائري، واعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية بل أم القضايا . ولخدمة هذه القضية أصدر وأشرف على جريدة ،خصصت كلها لقضية فلسطين ، كانت هي الصحيفة الأولى من هذا النوع ، في العالم العربي تصدر عن الفلسطينيين ،أسبوعية في خدمة القضية الفلسطينية، تتابع نشاط الشعب الفلسطيني وتنشر دراسات حول القضية وتفضح مناورات ومؤامرات الصهيونية والجهات المتعاونة معها موضوعيا وذاتيا ، عربيا وعالميا . وكان الشهيد عمر يحرص على كتابة افتتاحياتها بنفسه…في الإطار نفسه تحمل مسؤولية في الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ،التي تم تأسيسها بهدف دعم ثورة الشعب الفلسطيني ماديا وسياسيا وأدبيا. ولعب عمر دورا بارزا في مساندة حركات التحرر في العالم الثالث من خلال النضال ضد الإمبريالية وعملائها،وفضح الاستعمار الجديد وكشف أساليبه ومناوراته.
كان الشهيد عمر «ثورة وحده ״ولذلك كان لابد من تواطؤ قوى الشر والظلام ضده، لم يعد سرا أن عمر ذهب ضحية تواطؤ الرجعية مع الظلاميين، ضحية أعداء تحرر المغرب ونهوضه…إنه شهيد بكل المقاييس،بل هو الشهادة.
الصحافة
شهيد الرأي الحر والقول الحق ،التحليل العميق والتعليق الحي…….صورته، اسمه، دمه…خلوده في جريدة الاتحاد الاشتراكي….كل هدا ينبه كل متطفل على الصحافة في هذا المنبر أو ذاك، في هذه اليومية أو تلك الأسبوعية، التي تزعم الاستقلال والتي تدعي الحياد….ينبه جميع الأقلام ويذكرها بأن الكفاح في سبيل إعلاء الكلمة والرفع من شأن الفكرة والجهر بالرأي…تأسيس وتجذر في صحافة مناضلة ،من التحرير إلى الرأي العام ،ومن المحرر إلى الاتحاد الاشتراكي ….من اعتقال ومحاكمة عبد الرحمن اليوسفي في 1959 إلى اغتيال عمر في 1975….صحافة كانت ضد الارتزاق والوصاية،ضد الكذب والتضليل، ضد المساومة والإغراء ، ضد الأقلام المأجورة التي تسخرها هذه الجهة أو تلك.
المهدي وعمر…تركيب بنيوي وتفاعل جدلي
إذا كان رجال السياسة رجال فعل لا رجال فكر، فإن الإنصاف للحقيقة والتاريخ يقتضي إبراز أن كلا من المهدي بن بركة وعمر بن جلون يشكلان استثناء في هذا المجال . وإذا نحن أخذنا بعين الاعتبار مكانة هذين الرجلين في الحركة الديمقراطية وموقعها في سياق تطورها وجب القول إن النضال كان يتحرك في إطار مشروع فكري متميز عبر عنه المهدي بن بركة في من أجل مجتمع جديد وفي النقد الذاتي / الاختيار الثوري بأجلى وأوضح ما يمكن ، وأعاد كتابته بجدلية تاريخية الشهيد عمر في التقرير الايديولوجي. ولقد كانت مساهمات عمر في مجال الفكر غنية وخصبة، الهدف منها تثقيف مناضلي الديمقراطية ، ثقافة ديمقراطية اشتراكية ثقافة علمية حداثية …. فقد أنجز دراسة عن دور الطبقة العاملة وعن علاقتها بالحزب القائد لها، كما أوضح من خلال دراسة نقدية شروط ومبادئ أسس تنظيم الحزب الاشتراكي، والأسباب الموضوعية التي تفرض عليه التمسك القوي بكل تلك الشروط والمبادئ، وظل يساير بالتحليل والتوضيح تطور المجتمع المغربي ومكوناته التاريخية والاقتصادية والثقافية مهتديا بالمنهج العلمي الجدلي . كان له دور كبير في بلورة العلاقة الجدلية بين نمط تنظيم الحزب وبين اختياراته الايديولوجية والسياسية. المهدي وعمر فكر يمارس، وممارسة تفكر، لاحركة ديمقراطية بدون فكر ديمقراطي ….بن بركة وبن جلون ذكاء خارق ونبوغ عظيم، قدرة مدهشة على النفاذ إلى صلب أي موضوع أساسي، واقتراح الحلول و الميكانيزمات المواتية لمعالجته. متفوقان في الرياضيات، وهذا أهلهما ليفكرا تفكيرا عقلانيا ، تفكيرا يعتمد البرهنة المنطقية والاستدلال العقلي، عدم التناقض الفكري بين المقدمات والنتائج، التجريد النظري وإعادة بناء الواقع…يتكلمان قليلا ويفكران كثيرا ويمارسان أكثر….صاحبا عقل علمي، والعلم عندما يقتحم السياسة يصبح أكثر فعالية ونجاعة. إن كل من تكون تكوينا علميا مؤهل أكثر من غيره لمقاربة الواقع بمنهجية علمية ومفاهيم دقيقة.
معرفة موسوعية وثقافة شمولية ، متحا من مصادر كثيرة ومتنوعة ، المدرسة ، الجامعة ، التاريخ، كتب قديمة وحديثة ، ثقافة عربية إسلامية ، ثقافة كونية إنسانية ، تعلما في ومن الواقع ، أنصتا جيدا للواقع، قرآه جيدا وعملا على تغييره ، انخراطا وذابا في الجماهير الشعبية ، حولا آهاتها وصرخاتها إلى كفاحات ونضالات…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.