تبقى سارة وأسماء بدون وجهة محددة حاملتين محفظتيهما على ظهريهما، احتلت فيها الوثائق مكان المقررات الدراسية يلتفتن كما التفتت بهم الأقدار، بين المؤسسات العمومية والمنابر الإعلامية من أجل البحث عن حق حكمت به المحكمة «ولا يريد مدير الأكاديمية أن ينفذه سارة وأسماء، تلميذتان مجتهدتان أتمتا سنتهما الدراسية في مستوى الباكالوريا شعبة العلوم الفزيائية، موسم 2013/2014، بثانوية حسان بن ثابت نيابة مراكش . موسم ناجح بالنسبة إليهما كما قالتا، مر في جد ونشاط وتحصيل مستمر، إلى أن وصل وقت الامتحان الوطني الذي عنده يعز المرء أو يهان، لكن سارة وأسماء كانتا متأكدتين من عزهما، فعملها يؤكد ذلك واستعدادها للامتحان خول لهما الإجابة بالشكل الذي لا يجعل مجالا للشك في حصولهما على معدل محترم. الرمز 66,66 بعد حوالي أسبوعين تقول أسماء «في يوم 25 يونيو 2014 ذهبت إلى مقهى الانترنيت حيث علمنا أنه تم الإعلان عن النتائج على موقع إلكتروني مخصص لذلك الغرض، بعد أن اطلعت على النتائج كانت كلها ممتازة باستثناء مادة الفلسفة، وجدت مكان النقطة الرقم 66,66، اعتقدت أنه خطأ لكنني وجدت النتيجة أنني راسبة، عدت إلى البيت وفي تلك الليلة لم أنم أعدت العملية الحسابية مرات ومرات ووضعت جميع الاحتمالات في نقطة الفلسفة، وجدت أنني سأنجح حتى ولو بنقطة الصفر». وقالت سارة: «مرت أجواء الامتحان بالنسبة لي في ظروف عادية، استعددنا للامتحان جيدا، وفي امتحان مادة الفلسفة اخترت أن أجيب عن سؤال القولة، التي جاءت في الموضوع الذي كنت أكثر استعدادا فيه، أجبت جيدا وخرجت فرحة جدا لأنني متيقنة من إجابتي، وكنت متأكدا من أنني سأحصل على علامة جيدة. سارة بدورها ستجد الرقم «66،66» مكان نقطة الفلسفة، ولم تدرك حينها ما معنى ذلك، حيث قالت: «كنت أظن أن الرقم 66 قد يكون 6 أو 16 أي أنه قد حدث خطأ تقني». هنا ستبدأ معاناة التلميذتين، حيث توجهت كل منهما إلى إدارة المؤسسة التعليمية ثم إلى إدارة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش، حينها ستكتشفان أن الرقم «66،66» ما هو إلا رمز الغش، «أنا لا أدري كيف يمكن أن يكون الغش»، تقول سارة. ستعلم سارة أن لها شريكة في المأساة وكانت زميلتها في الفصل «أسماء»، اتصلت بها لتؤكد لها الخبر، وتوجهتا إلى نيابة التعليم بمراكش، حيث قالت: «كانت إجابتهم أن ليس لديهم ما يمكن أن يقومون به في هذا الأمر». أخرجت لنا أسماء من محفظتها مجموعة من الوثائق التي احتلت مكان المقررات الدراسية، وأطلعتنا على ملاحظة المصحح الذي لم يحكم على الورقتين بالغش، بل كتب «تحرير تقرير قصد التحقيق حول الحالة»، وكانت ملاحظته أن الورقتين تحويان نفس عناصر الإجابة ونفس الأسلوب. وتساءلت التلميذة «هل تظن أنني سأكتب في الوسخ ثم ورقة التحرير الخاصة بي وأن أكتب لها في وسخها ثم في ورقة التحرير وأستاذان يحرسان»، علما بأن الواحدة تجلس في آخر طاولة الصف الأول والثانية في الطاولة الثالثة من آخر الصف الثاني، كما أكدتا. وتحكي أن «أحد أساتذتنا قال لمدير الأكاديمية بأن «الثانوية التأهيلية حسان بن ثابت» بها حالة خاصة، أجابه مدير الأكاديمية بأنه لا يمكن أن يراجع 316 حالة والتحقيق فيها، وقال كذلك، «أن يكون الظلم أو لا بالنسبة لي تلك التلميذات مشيرا إلي أنا وصديقتي سارة سأتركهما عبرة للأجيال القادمة». وتضيف أسماء «قدمنا طلبا للوالي، وللنائب، ولوزير التربية والتعليم، ولا أحد يجيبنا ولا أحد يستقبلنا ولم يعر لنا أحد أي اهتمام». الوجهة نحو القضاء بعد أن أغلقت جميع الأبواب اتجهت أسماء وسارة إلى القضاء حيث سيوكل لهما أساتذتهما محاميا رفع الدعوى إلى المحكمة الإدارية. انعقدت الجلسة الأولى ولم يحضر فيها محامي الأكاديمية، أجلت لأسبوع ولم يأتي محامي الأكاديمية مرة أخرى فحكم القاضي يوم 24 يوليوز 2014غيابيا بأن تحصل أسماء وسارة على شهادة الباكالوريا اعتمادا على الوثائق التي قدموها. لم تنتظر الفتاتان تنفيذ الحكم من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، إذ بدأت مواعيد الالتحاق بالمدارس العليا تشرف على نهايتها، حيث قالت إحداهن: «أخذنا هذا الحكم الابتدائي إلى الأقسام التحضيرية وقدمناه لهم، وأخبرونا بأنهم لا يمكن أن يسجلوننا بهذا الحكم لأنه ليس حكما نهائيا، ولا بد لنا من شهادة الباكالوريا». وفي انتظار التنفيذ جاءهم خبر استئناف الحكم من طرف الأكاديمية، وفي الجلسة الأولى حضرت نائبة عن محامي الأكاديمية، وقالت بأنه يلزمنا مهلة للتحقيق في الحالة، وعلقت أسماء على ذلك قائلة: «هم أصلا لا يعيرون أية أهمية للموضوع»، في الأسبوع الموالي حضر نائب آخر عن محامي الأكاديمية، قدم للقاضي مذكرة جوابية ولم يزوده بأوراق التحرير التي طالب بها القاضي، «وهذا دليل ضدهم»، تقول أسماء. وفي 15 أكتوبر2014، ستؤيد محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي الذي رفض مدير الأكاديمية تنفيذه، حتى إكمال جميع مرحل المحاكمة حيث ينتظر حكم محكمة النقض. تبقى سارة وأسماء بدون وجهة محددة حاملتين محفظتيهما على ظهريهما، احتلت فيها الوثائق مكان المقررات الدراسية يلتفتن كما التفتت بهم الأقدار، بين المؤسسات العمومية والمنابر الإعلامية من أجل البحث عن حق حكمت به المحكمة «ولا يريد مدير الأكاديمية أن ينفذه» كما صرخت بذلك سارة، متسائلة «أين هي قيمة القانون والحكم باسم جلالة الملك»، وكان آخر ما قالته لنا أسماء: «عام ضاع لنا من حياتنا وأنا لم أكن أضيع دقيقة واحدة».