حذر المركز المغربي لدراسة الظرفية الاقتصادية من الارتفاع المستمر للدين الخارجي للمقاولات المغربية، داعيا بنك المغرب إلى الانتباه لمعضلة تغطية الشركات المغربية إزاء مخاطر الصرف، خصوصا في إطار اعتماد المغرب لمرونة سعر الصرف. وأشار المركز في نشرته الشهرية الأخيرة (العدد 305) إلى أنه سجل تحولا مقلقا في تركيبة مديونية الشركات غير المالية مند سنة 2012، حيث ارتفعت نسبة الدين الخارجي ضمن هذه المديونية في حين تراجعت نسبة القروض البنكية التي تحصل عليها الشركات من البنوك المغربية. وأوضح المركز المغربي للظرفية أن حصة الدين الخارجي في جاري مديونية المقاولات المغربية ارتفع بشكل مستمر خلال هذه الفترة، مارا من مستوى 19 في المائة من إجمالي مديونية المقاولات في 2012 إلى 31 في المائة في2016، أي بزيادة 12 نقطة، الشيء الذي يعكس اللجوء المتزايد لبعض الشركات، خاصة شركات القطاع العام، إلى الاعتماد على الدين الخارجي لتمويل نشاطها واستثماراتها. وكشف المركز في نشرته الشهرية، التي تضمنت عدة محاور تتعلق بمناخ الأعمال بالإضافة إلى ملف حول التحول الرقمي، أن المقاولات المغربية لا زالت تعاني من إشكالية الوصول إلى التمويلات البنكية بمختلف أصنافها. وأوضح أن نسبة ارتفاع حجم القروض البنكية الممنوحة للمقاولات لم تتجاوز 24 في المائة بين 2010 و2016، حيث مرت من 540 في 2010 إلى 716 في 2016، وذلك في الوقت الذي عرف فيها عدد الشركات الجديدة المحدثة سنويا ارتفاعا بنسبة 23 في المائة خلال نفس الفترة، مارا من 25647 شركة إلى 33149 شركة، أي بزيادة 23 في المائة، الشيء الذي يطرح أسئلة حول قدرة البنوك المغربية على مواكبة حاجيات الشركات التمويلية، سواء القائمة منها أم الحديثة الإنشاء. كما لفت المركز الانتباه إلى تراجع حصة المقاولات الخاصة من التمويلات البنكية، في مقابل صعود حصة المقاولات العمومية، والتي ارتفعت حصتها من 25 في المائة في 2013 إلى 34 في المائة في 2016 أي بزيادة 9 نقاط في ظرف 3 سنوات. وأشار المركز أيضا إلى ضعف لجوء الشركات المغربية لأصناف التمويل الأخرى، كإصدار سندات الإقراض، وتركيزها الشديد على القروض البنكية. وأشار بهذا الصدد إلى أن حجم المديونية المستندية للشركات المغربية بلغت 30 مليار درهم في 2016، مسجلة انخفاضا ب6 نقاط بين 2012 و2016، ورد سبب هذا الانخفاض إلى ارتفاع معدلات الفائدة. وفي سياق حديثه عن صعوبة الولوج للتمويلات شدد المركز على الوضعية الخاصة للشركات الصغيرة جدا والشركات الصغرى والمتوسطة، والتي لا تزال حصتها من التمويلات البنكية تحت سقف 20 في المائة رغم المجهودات التي بدلها بنك المغرب لتحفيز البنوك على تمويل هذا الصنف من الشركات الذي يكتسي أهمية اجتماعية قصوى باعتباره يشكل الغالبية الساحقة للنسيج المقاولاتي الوطني. وأشار المركز إلى أن تمويل هذا القطاع لا يزال ضعيفا رغم أن بنك المغرب وضع آلية لضمان القروض الموجهة إليه منذ 2013. كما عبر المركز عن قلقه من عدم توفر نشاط المقاولات في مجالات البحث والتطوير والابتكار على أية مصادر للتمويل، كونها خارج دائرة اهتمام البنوك بسبب ارتفاع المخاطر المرتبطة بها. وخلص المركز إلى ضرورة العمل على الميكانيزمات التي تفزع البنوك في علاقتها بالمقاولات، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق على الخصوص بالحذر المفرط لدى البنوك، والتي تشترط لمنح القروض توفر المقاولات على رؤوس أموال عالية وضمانات تتجاوز في غالب الأحيان الحاجيات التمويلية المعبر عنها من طرف الشركات. كما أوصى المركز بضرورة العمل أيضا على تحسين حكامة المقاولات المغربية من أجل تعزيز مصداقيتها اتجاه مؤسسات الائتمان. ودعا المركز إلى ضرورة إدخال ابتكارات على مستوى السوق المالي للاستجابة للاحتياجات الخاصة للمقاولات الصغيرة جدا، سواء تعلق الأمر تسهيلات الصندوق أم تمويل الاستثمار والبحث والابتكار، ووضع منتجات وآليات تمويلية تتماشى مع قدرات هذا الصنف من المقاولات وخصوصياتها.