استأثر موضوع النقل الحضري و ما بين الحضري و كذا المنح المدرسية باهتمام جميع الأعضاء خلال الدورة العادية للمجلس الإقليمي لابن سليمان المنعقدة صباح يوم الخميس 30 أكتوبر 2014 بمقر العمالة. فقد أجمعت جل المداخلات على تفاقم مشاكل النقل العمومي بالإقليم خاصة في الخطوط التي تستغلها حافلات شركة «النقل الممتاز» التي ، حسب أعضاء المجلس الإقليمي، لم تحترم دفتر التحملات، مما خلق متاعب و محنا كبيرة للمواطنين الذين يتنقلون يوميا عبرها، و خاصة منهم التلاميذ و الطلبة. فالشركة، في الآونة الأخيرة و بعدما لم تعد تستغل الخطوط المتواجدة وسط مدينة المحمدية، عمدت إلى تقليص أسطولها، حيث خفضت عدد الحافلات الكبيرة من 10 حافلات حسب ما هو متفق عليه في دفتر التحملات إلى 4 حافلات، و عوضتها بحافلات صغيرة، الشيء الذي ترتب عنه عدم قدرة هذه الأخيرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من مستعملي هاته الحافلات للتنقل في اتجاه المحمدية و بوزنيقة و المنصورية. و انعكس ذلك على التحصيل الدراسي للطلبة و التلاميذ، حيث أن الحافلات تمتلئ عند نقطة الانطلاق و تترك أو تتخلى عن باقي الركاب، و من بينهم المتمدرسون في مختلف محطات و نقط الوقوف التي تمر منها. و هي وضعية خلقت صعوبة كبيرة للتلاميذ و الطلبة في متابعة الدراسة و الوصول في الوقت المحدد للمدارس و المعاهد و الكليات، خاصة يومي السوقين الأسبوعيين بالإقليم ( الأربعاء و الخميس ) اللذين تتعمد فيهما حافلات النقل الممتاز، حسب بعض الطلبة ، التخلي عن التلاميذ و الطلبة الذين يتوفرون على بطاقات الاشتراك الشهرية لنقل المتوجهين إلى الأسواق. إضافة إلى الاكتظاظ و الازدحام الذي يعاني منه الركاب مما ينتج عنه وقوع بعض الحوادث ، كما حصل مؤخرا لأحد التلاميذ الذي تعرض لكسر عندما أراد ركوب إحدى الحافلات بالطريق المزدوج ما بين المحمدية و بنسليمان. و لم تخل المعاملات السيئة و اللاإنسانية التي يتعامل بها المستخدمون بهذه الحافلات مع الركاب من انتقادات شديدة ، حيث أشار بعض المتدخلين من أعضاء المجلس الإقليمي إلى أن عمال و مستخدمي الشركة المذكورة يعاملون التلاميذ مثل البهائم. كما أن بطاقات الاشتراك الشهرية للتلاميذ، حسب أحد الأعضاء، لا يعتد بها يوم السبت مع العلم أنه يوم للدراسة، إضافة إلى عدم وصول الحافلات إلى السجن المحلي، علما بأن هذه النقطة توجد ضمن بنود دفتر التحملات الاختلالات و الخروقات التي تمت الإشارة إليها، دفعت بالمجلس الإقليمي و عامل الإقليم إلى مطالبة ممثل شركة النقل الممتاز الذي كان حاضرا في الدورة بضرورة احترام دفتر التحملات و توفير الحافلات الكبيرة الكافية للتخفيف من معاناة مستعمليها مع ضرورة احترام المستخدمين للطلبة و التلاميذ. و قد اتخذ قرار في هذا الإطار بإحداث لجنة لمواكبة و تتبع مشاكل النقل الحضري و مابين الحضري. نفس النقاش عرفته النقطة المتعلقة بالمنح المخصصة للتلاميذ في سلك الابتدائي بالوسط القروي. فقد أثار بعض أعضاء المجلس الإقليمي مشكل عدم استفادة بعض التلاميذ الذين ينحدرون من بعض المناطق القروية و النائية من المنح المدرسية ، و هو ما يؤدي إلى الهدر المدرسي و انقطاع هؤلاء عن الدراسة و خاصة تلاميذ السلك الابتدائي بجماعة مليلة الذين لا يستفيدون جميعهم من المنح عند انتقالهم لمتابعة دراستهم بالإعدادي. إضافة إلى عدم كفاية المنح المخصصة التي تتوصل بها النيابة التعليمية. فمن أصل 950 طلبا للاستفادة من المنحة المدرسية لم تتم تلبية سوى 614 طلبا خلال الموسم الدراسي الحالي ، أي بنسبة 75 % من الطلبات المقدمة ، حسب المسؤولين عن قطاع التعليم بالإقليم. و يرجع سبب عدم استفادة جميع الطلبات إلى ضعف الطاقات الاستيعابية للداخليات و كذا إلى التباين الحاصل في تقديم طلبات الاستفادة من المنح بالداخليات بإعداديات بعينها دون أخرى. مما ينتج عنه كثرة الطلب مقابل قلة العرض و العكس صحيح ، و كمثال على ذلك داخلية إعدادية المنصورية يوجد بها حاليا 20 تلميذا ممنوحا فقط علما بأن الطاقة الاستيعابية لها تناهز 80 تلميذا، لكنها لم تتلق طلبات إضافية لملئها، و لكونها أيضا بعيدة لا يتم الإقبال عليها من طرف التلاميذ المنحدرين من الجماعات البعيدة كجماعة مليلة و الزيايدة و سيدي بطاش... كما أن دار الطالب و الطالبة المتواجدة بالإقليم توجد في وضعية لا تلبي جميع الطلبات نظرا لافتقادها للتجهيزات و المواد الأساسية لاستمرارها في تأدية واجبها المتمثل في إيواء أبناء الطبقات الفقيرة و المعوزة الراغبين في متابعة دراساتهم الإعدادية و الثانوية. بالإضافة إلى أن المجهودات المبذولة على مستوى النقل المدرسي بمختلف الجماعات مازالت لم ترق إلى المستوى المطلوب و أن فاعليتها تختلف من جماعة إلى أخرى. و يعرف النقل المدرسي هو الآخر بعض المشاكل ببعض الجماعات و المتمثلة في الزج به في بعض المتاهات و الحسابات الانتخابية و السياسية الضيقة. مما انعكس ذلك على عملية التحصيل و الدراسة للتلاميذ بالجماعات التي أراد أعضاؤها استغلال عملية النقل المدرسي للقيام بحملات انتخابية سابقة لآوانها. و قد تم الاتفاق ، بتوجيه من عامل الإقليم ، على جعل التعليم من أولويات المجلس الإقليمي ببرمجة الفائض لإحداث و توسيع و إصلاح الداخليات و دعم دور الطالبات و تشجيع تلاميذ الوسط القروي على متابعة الدراسة و خاصة منهم الفتيات. و أمام ما تم التطرق إليه في الدورة العادية المشار إليها، لا يمكن لأي متتبع للشأن المحلي إلا أن «يصفق» للمجلس الإقليمي الذي أثار و تناول مجموعة من القضايا و المشاكل التي يتخبط فيها الإقليم و تعاني منها الساكنة. لكن في نفس الوقت لا يمكن لهذا المتتبع أن يطمئن إلا حين يرى أن القرارات التي اتخذت في شأنها قد تم تفعيلها على أرض الواقع. إذ لا يكفي أن نصرخ بصوت عال أو نضرب الطاولة بقوة خلال أشغال الدورة و يتباهى الأعضاء فيما بينهم في إتقان فن الخطابة و الادعاء بأنهم يدافعون عن السكان، و عندما تنتهي أي دورة للمجلس الإقليمي ينصرف كل واحد من الأعضاء لحال سبيله دون أن يكلف نفسه عناء التتبع و التحقق مما إذا تم تفعيل القرارات التي صادق عليها أم لا؟ و للمهتمين و المتتبعين مثال حي على ذلك، فقد سبق للمجلس الإقليمي أن صادق في دورة ماي 2014 على قرار تشكيل لجنة للتقصي و التحقيق في اختلالات الإعانات الفلاحية و الدعم الممنوح في إطار مخطط مغرب الأخضر، لكن لحد الآن لم يظهر لها أي أثر. و هو ما يدفع إلى طرح السؤال التالي: ما الجدوى من اتخاذ قرارات إذا لم يتم تنزيلها على أرض الواقع؟ و للإشارة فقد بقيت أشغال الدورة مفتوحة بسبب عدم مناقشة بعض النقط المدرجة في جدول أعمالها ، و من أهمها نقطة دراسة مشروع الميزانية لسنة 2015 التي تم تأجيلها نتيجة عدم توصل المجلس بحصته من الضريبة على القيمة المضافة من وزارة الداخلية، و كذا النقطة المتعلقة بقطاع الشبيبة و الرياضة بسبب مطالبة أعضاء المجلس الإقليمي بحضور المندوب الإقليمي نفسه عوض تكليف من يمثله لإلقاء عرض حول هذا القطاع.