شعيب حليفي، ذاك الإنسان المثقف ،النبيل والمتواضع. عندما نستحضر شخص شعيب نجد أنفسنا أمام مسار ثقافي متنوع يجاوز بين الإبداع والتنظير،بين الكتابة الروائية والتنظير لها،كما يتجلى في رائعته"زمن الشاوية" و أطروحته الرائعة حول "الرحلة في الأدب العربي"،والتي تعتبر في تقديري من أهم الدراسات إن لم أقل أجودها في تاريخ التنظير لجنس الرحلة في الأدب العربي الحديث.ولمن أراد أن يتأكد فليقرأ الكتاب ليكتشف أننا أمام حفريات ثقافية وتاريخية في نشأة وتكون جنس الرحلة وصيرورته كمفهوم في تاريخ الثقافة العربية.أي أن شعيب حليفي يحفر في صيرورة المفهوم (الرحلة) في علاقته بصيرورة السياق الثقافي العربي،والنتيجة عمل ثقافي ونظري مهم. شعيب حليفي مثقف لا يهادن إنه ينتمي إلى هذه الزمرة من المثقفين التي تؤمن بالسلطة الثقافية للمثقف أمام السلطة السياسية إن نحن استعرنا لغة الدكتور علي أمليل،وأتذكر جيدا وإلى زمن قريب، موقفه الرافض لتلك الرؤية الغريبة فعلا،والتي تعتبر الأدب وتدريسه في الجامعة المغربية وخاصة الرواية لا فائدة تجنى من وراءه، قرأت رأيه واكتشفت أن الرأي المشار إليه أعلاه يعبرعن"الجهل في معركة الحضارة" كما قال الروائي الأردني الراحل غالب هلسا في يوم ما،ففي زمن ثقافي كوني يحترم الأدب، خاصة الرواية، ويبوئه المكانة التي يستحقها (وجائزة نوبل للآداب خير معبر عن ذلك )يوجد بين ظهرانينا من يقول العكس وتلك حكاية ثقافية وسياسية أخرى... شعيب حليفي رجل يحب البحث العلمي،ويحترم من يكتب،وهذه خصلة يتمتع بها المثقفون الوطنيون المهووسون بتنمية البحث العلمي في المغرب، وليس مثقفو الحروب الصغيرة واللغط الثقافي الرخيص المبني على ظاهرة الاسترزاق الثقافي في المغرب الثقافي..،وما أكثرهم والعياذ بالله،ولكم سرني عندما صارحني بأنه أدرج كتابي"الكتابة ونهج الاختلاف في الرواية المغربية" كمرجع لطلبة الماستر وهذه التفاتة ثقافية كريمة منه،لكن ما يهمني هنا وهذا هو الأهم إن شعيب حليفي مثقف يحمل مشروعا ثقافيا في أبحاثه إلى جانب ترأسه لمختبر السرديات وهو في الواقع قلب ثقافي نابض في الزمن الثقافي للجامعة المغربية، التي بدأت تفقد بعضا من وميضها الثقافي الذي كان سائدا في ثمانيات وتسعينيات القرن العشرين.