مع إطلالة شهر رمضان المبارك، تطرأ العديد من التغيرات على النظام الغذائي التي قد تؤثر -سلبا أو إيجابا- على المصابين بمرض ارتفاع الضغط الدموي. فإذا كانت بعض العوامل المؤدية إلى الإصابة بهذا المرض، الذي يصيب حوالي 33 في المئة من الساكنة حسب دراسة ميدانية لوزارة الصحة، وراثية أو مرتبطة بتطور أمراض أخرى كمرض السكري وأمراض القلب، فإن تفادي العديد من المسببات كالتدخين والسمنة وتناول الملح بكميات كبيرة قد يساهم في التقليل من نسب الإصابة. وفي هذا الصدد، تؤكد الدكتورة حسناء البلغيثي، أخصائية أمراض القلب والشرايين، أنه ليست هناك دراسات بخصوص أي تأثير سلبي لشهر رمضان على مرضى ارتفاع الضغط الدموي، موضحة في المقابل أن المرضى الذين يلتزمون بالحمية ويواظبون على تناول الأدوية بطريقة منتظمة مع احترام التوقيت الذي ينصح به الطبيب خلال شهر رمضان، لا يسجل لديهم عادة أي تأثير سلبي على التحكم في الضغط الدموي. كما حذرت في الآن نفسه من خطورة التهاون في أخذ الدواء أو نسيانه. ولذلك، تؤكد الأخصائية في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على ضرورة زيارة مريض الضغط للطبيب واستشارته قبل الصيام، من أجل تحديد مواقيت تناول الدواء خلال شهر رمضان، موضحة أن من بين الممارسات التي من شأنها مفاقمة وضعية المريض خلال الشهر الفضيل تناول الوجبات المملحة خلال الإفطار والتي تكون في الغالب غنية بنسب مرتفعة من الدهون والصوديوم، يضاف إلى ذلك قلة النوم، مما قد يحدث اضطرابا في توازن الضغط وصعوبة في التحكم في المرض وبالتالي حدوث مضاعفات، وبما أن ارتفاع الضغط الدموي مرتبط بعوامل تتعلق بأسلوب العيش ونظام التغذية والتوتر والإجهاد، فقد لفتت الدكتورة البلغيثي إلى أن من شأن الصيام أن يساعد الجسم، كما أثبتت ذلك العديد من الدراسات، على التخلص من السموم وتصفية الدم، ويشكل بالتالي فرصة للتخفيف من وطأة هذا المرض وتقليص أعداد المصابين به. وأبرزت أنه في أغلب الحالات، ليس هناك مؤشرات أوأعراض محددة تشير إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وهذا مرد تسمية هذا المرض ب "القاتل الصامت" أو "المرض الصامت"، مشيرة إلى أنه في 90 في المئة من الحالات لا يمكن معرفة السبب الحقيقي وراء الإصابة، في حين أن النسبة المتبقية من الحالات يكون لارتفاع الضغط الدموي فيها علاقة بمرض آخر كأمراض الكلي أو خلل في وظيفة الغدة الكظرية أو تناول بعض الأدوية. وبخصوص أهم مسببات مرض ارتفاع الضغط الدموي، فتؤكد الأخصائية أن القائمة تشمل العوامل الوراثية، والإصابة بمرض السكري حيث أن قرابة 70 في المئة من مرضى السكري يعانون من ارتفاع الضغط الدموي، والتقدم في السن، والسمنة، والعادات السيئة في التغذية والإفراط في تناول الملح والدهون. كما أن قلة النشاط البدني والتوتر والقلق الناتج عن ضغوطات الحياة المعاصرة، زيادة على التدخين، تعتبر من الأسباب الرئيسية وراء الإصابة بالمرض. وشددت من ناحية أخرى، على أن إهمال علاج الضغط الدموي المرتفع يمكن أن يؤدي إلى الفشل الكلوي، أو تضرر شبكة العين، وقد يؤثر أيضا على الدماغ فيصاب الشخص بجلطة أو نزيف داخلي، وفي حالات أخرى قد ينتج عن المرض تضخم في القلب وتشنج في الشرايين، ما قد يؤدي إلى الإصابة بأزمة قلبية، وإلى الموت المفاجئ. وفي ما يتعلق بأعراض المرض، فيمكن إجمالها في اضطرابات في دقات القلب وصداع في الرأس، والشعور بالإعياء وطنين الأذنين، مؤكدة أن على الشخص الذي تظهر عليه هذه الأعراض أن يبادر بإجراء الفحوصات الضرورية. ويمثل ارتفاع الضغط الدموي مشكلة صحية خطيرة على الصعيد العالمي، إذ أن أكثر من مليار شخص مصاب به. كما أن نسبة تفشي هذا المرض تقدر ب 40 في المئة لدى السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 25 عاما فما فوق، وهو ما حدا بالرابطة العالمية لارتفاع ضغط الدم إلى تخصيص 17 من ماي، يوما عالميا لارتفاع ضغط الدم. ويتسبب ارتفاع الضغط الدموي في 51 في المئة من الوفيات الناجمة عن السكتة الدماغية، و45 في المئة من الوفيات الناجمة عن أمراض الشرايين التاجية للقلب، مما جعل منظمة الصحة العالمية تصنف ارتفاع الضغط الدموي كثالث عامل خطر مسبب للوفيات.