إذا كان للتكنولوجيا المتطورة والأنترنيت بشكل عام حسنات كبيرة على المجتمعات، حيث شيدت جسرا لتقريب المسافات، وحوّلت العالم إلى قرية صغيرة، ومنحت الإنسان الشعور بالحرية ، فإن لها سلبيات عديدة، تتمثل في إدمان التكنولوجيا، وغزوها للحياة اليومية للأفراد، وإزالة حواجز الخصوصية، ولكن أخطر سلبيات هذه التكنولوجيا المتطورة هو أنه بفضلها أصبحت عمليات الاختراق والاستقطاب أكثر تطورا، وهو ما جعلها أداة فعالة ومثلى للجماعات الإسلامية والمتطرفة. وفي هذا الإطار، قدمت شبكات التواصل الاجتماعي بشكل غير مقصود، خدمة كبيرة للتنظيمات الإرهابية التي قامت باستغلالها في استقطاب الشباب لتلك التنظيمات، وتجنيده من أجل القيام بعمليات إرهابية في مختلف المناطق، وذلك بعدما اشتد على تلك التنظيمات الخناق، وتعذر عليها القيام بذلك على الأرض، فلجأت إلى التكنولوجيا المتطورة وإلى شبكات التواصل تحديدا . ونظرا لأهمية الموضوع وخطورته وراهنيته، فتحت مجلة «ذوات»، الثقافية العربية الإلكترونية الشهرية الصادرة عن مؤسسة «مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث»، هذا الموضوع وخصصت له ملفا في عددها (46)، واختارت له عنوان: «مواقع التواصل الاجتماعي.. منصات للإرهاب وتجنيد الشباب»، وذلك سعيا لتشريح الموضوع ومحاولة تقديم بعض الإجابات عن أسئلة كثيرة يثيرها هذا المشغل المهم: كيف توظف الجماعات المتطرفة وسائل التواصل الاجتماعي في تدبير عملياتها وتجنيد أنصارها؟ وما هي التقنيات التي توظفها؟ وما طبيعة الخطاب الذي تستعمله؟ وما مضامينه؟ وإلى أيّ حد يمكن التحكم فيها ومواجهتها؟ وما أبرز الوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك؟ بالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد (46) من مجلة «ذوات» أبوابا أخرى، منها باب «رأي ذوات»، ويضم ثلاثة مقالات: «اللغة كمولّد للعنف: رمزية الشّهادة في النص السردي» للكاتب والروائي السوري جاد الله الجباعي، و» ثقافة اللّون الأسود واللغة العربية» للكاتبة والشاعرة السورية خلود شرف، و»اللباس في حمأة الصراع الاجتماعي» للباحث والأكاديمي التونسي رضا الأبيض؛ ويشتمل باب «ثقافة وفنون» على مقالين: الأول للأكاديمي والناقد المغربي عبد المالك أشهبون بعنوان «صورة المسلم المتطرّف في ديار المهجر رواية «الحديقة الأندلسية» لمحمد عز الدين التازي أنموذجا»، والثاني للباحثة والأكاديمية الجزائرية أمينة حاج داود بعنوان «المنهج النقدي بين ترويض النص العربي وتغريبه».