في تصعيد خطير، اختار تلاميذ وسكان حوالي 16 قبيلة بجماعة أم الربيع، إقليمخنيفرة، صباح يوم الاثنين 13 أكتوبر 2014، الزحف في مسيرة حاشدة باتجاه عمالة الإقليم بمدينة خنيفرة، على بعد أزيد من 40 كلم سيرا على الأقدام، رافعين عدة هتافات وشعارات غاضبة بالعربية والأمازيغية، عبروا فيها عن إدانتهم لعدم إيجاد حل منصف للظروف القاسية التي يعانيها أبناؤهم التلاميذ جراء هضم حقهم في الإطعام والإيواء بداخلية إعدادية إبراهيم الراجي بتانفنيت، وفي النقل المدرسي لوقوع الإعدادية بعيدا عن دواويرهم بمسافات طويلة مقابل انعدام تام لدور الإيواء. وجاء ارتفاع وتيرة الغليان السكاني بدواوير جماعة أم الربيع، بحسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، بعد إغلاق القسم الداخلي للإعدادية المذكورة بسبب عدم توصل الجمعية المسيرة لها منحة الجماعة القروية على خلفية «تملص» رئيسها من التزاماته وتعهداته المالية المخصصة لدعم التلاميذ غير الممنوحين، الأمر الذي تسبب أيضا في ارتباك الانطلاقة الفعلية للدراسة، علما أن المنطقة تعاني من شتى مظاهر الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي، ولم يفت بعض المتظاهرين التعبير عن غضبهم حيال ما تلقوه من إهانات على لسان خليفة قائد المنطقة ورئيس الجماعة القروية. وأفادت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن المتظاهرين حاولوا التنقل على متن عدد من السيارات من نوع «سطافيط» إلا أن الإنزال الأمني الكثيف طوقهم في محاولة للحيلولة دون متابعة مسيرتهم، حتى أن بعض عناصر الدرك منعوا عددا منهم من استعمال بئر للشرب بهدف تعطيشهم لغاية ثنيهم عن مواصلة المسير، وبينهم العديد من المسنين والنساء والأطفال، وكم كان الوضع مؤلما في عجز بعض المسنين عن مواصلة المسير ومكثوا في العراء، وبخنيفرة سجلت جريدتنا حالة تلميذ بالثالثة إعدادي، مصاب بداء السكري، وقع في حالة صحية حرجة متأثرا بتعب المسافة، وقبله تم تسجيل قيام عناصر الأمن بتوقيف الحافلات القادمة عبر مريرت وإنزال منها كل «المشتبهين» في علاقتهم بالمحتجين ووضعهم وسط طوق أمني مشدد في إطار كسر الزحف نحو المدينة. المشاركون في المسيرة تحدوا تهديدات القوات الأمنية وأصروا على استكمال مسيرتهم على الأقدام نحو خنيفرة لأجل إثارة انتباه الجهات المسؤولة والسلطات الإقليمية لحق أبنائهم المتمدرسين في الإطعام والإيواء، وأمام إصرار المتظاهرين على مواصلة الطريق ارتفعت درجة الاستنفار الأمني على طول الطريق، حيث نزلت القوات العمومية بكل أشكالها وتلاوينها من الأمن والدرك والقوات المساعدة والاستخبارات، وعناصر السلطة المحلية وأعوانها، فتم تطويق المتظاهرين الذين انفلتوا من الطوق الأمني في الخلاء بغاية الوصول لعمالة الإقليم بأي شكل من الأشكال، وأمام رد فعلهم حاولت القوات الأمنية أول الأمر محاصرتهم بالقوة، بالقرب من المستشفى الجديد على طريق مكناس، إلا أن بعض المسؤولين الأمنيين عادوا فأقنعوهم بانتداب ممثلين عنهم لطاولة الحوار مع عامل الإقليم. وبعمالة الإقليم تم استقبال 12 شخصا من المتظاهرين، حيث عرضوا مطالبهم أمام عامل الإقليم الذي وعد بحل ما يمكن من المشاكل العالقة، حسب تصريحات مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، وذلك بالعمل، خلال العام الدراسي المقبل، على توفير حافلتين للنقل المدرسي بدعم من صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإحداث دار للطالب تستقبل 80 تلميذا، في حين وعد بالتدخل لإرغام الجماعة القروية على صرف المنحة المخصصة لداخلية إعدادية إبراهيم الراجي، والتي عمدت هذه الجماعة إلى إيقاف صرفها هذه السنة، ما كان بمثابة النقطة التي أفاضت كأس الغضب السكاني، كما لم يفت عامل الإقليم مطالبة ممثلي المتظاهرين بإرسال أبنائهم للدراسة على وجه السرعة رحمة بمستقبلهم التعليمي. وقد ظل المئات من المتظاهرين، عند مدخل المدينة، ينتظرون عودة ممثليهم من طاولة الحوار، إلى أن أرخى المساء ظلامه بينهم، وأنهكهم التعب والعطش والجوع والبرد، ما سهل على السلطات الأمنية والمحلية إقناعهم بالعودة إلى ديارهم بعد توفير أربع حافلات للنقل الحضري ووضعها تحت تصرفهم لأجل نقلهم لمنطقتهم، وقد تمت مؤازرتهم بعدة إطارات حقوقية فاعلة ومنابر إعلامية الكترونية وورقية. ويذكر أن مسيرة مماثلة كانت قد تحركت بالمنطقة باتجاه باشوية مريرت، يوم الخميس 9 أكتوبر 2014، شارك فيها سكان وتلاميذ وأعضاء جمعية الآباء وأولياء التلاميذ، إلا أن هذه المسيرة، لدى قطعها لحوالي 12 كلم، تم إيقافها بحاجز أمني للقوات العمومية ورجال الدرك عند نقطة «أفود الجامع»، وعلى بعد أربع كيلومترات فقط عن مدينة مريرت، تم فتح حوار مع المتظاهرين، قدمت فيها وعودا لهم من طرف السلطات المحلية، غير أن الجميع وقف على أن ما تم تقديمه من الوعود لم يكن إلا وسيلة للتطمين وربح الوقت، رغم أن السكان يعبرون في كل لحظة عن استعدادهم لخوض ما يتطلبه الوضع من أشكال احتجاجية تصعيدية في حال عدم استجابة الجهات المسؤولة لمطالبهم. ولابد من الإشارة إلى أن ذات المنطقة كانت قد شهدت عدة احتجاجات منذ سنة 2010، بعدما أخذ تلامذة إعدادية تانفنيت يواجهون خطر الانقطاع عن الدراسة رغم عمل الجهات المعنية على إيوائهم بفضاءات غير ملائمة، في انتظار بناء قسم داخلي، حيث انتفض سكان جماعة أم الربيع، صباح 18 أكتوبر 2010، احتجاجا على عدم توفر المؤسسة على قسم يأوي المتمدرسين عوض بقائهم تحت سقوف فضاءات خلفها «الشينوى» الذين كانوا مكلفين ببناء سد تانفنيت لتوليد الطاقة الكهربائية، وهذه الفضاءات لم تكن تشبه سوى حظائر الخنازير، إلى حين بدأ الحديث عن بناء القسم الداخلي ولم يكن متوقعا أن تتعثر البشرى فيجد السكان أنفسهم مجبرين على مواصلة الاحتجاج من أجل تحسين وتجهيز ظروف الإيواء والإطعام، وإجبار الجماعة القروية والجهات الوصية على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها ومخططها الاستعجالي.