نظمت مؤسسة أونا- دار الفنون بالدار البيضاء ،يوم الأربعاء 18 أبريل ، لقاء فكريا مائزا حول كتاب الباحث الجمالي الدكتور محمد الشيكر الموسوم « الكتابة وتجربة الحدود « ، وهو من إصدار جمعية الفكر التشكيلي بتنسيق مع منشورات الزمن . وقد ساهم في هذا الإحتفاء الفكري كل من المترجم والناقد الأدبي الدكتور مصطفى النحال والشاعر والفنان التشكيلي العراقي علي البزاز والشاعر والناشر محمد مقصيدي الذي أدار اللقاء بحس ثقافي نادر. وميز الناقد الأدبي النحال، في خطاطة إجمالية، بين الكتابة في الإبستيمي القديم، حيث هيمنة الذات الكاتبة، وسيادة الكاتب وأعماله. أما الكتابة في الإبستيمي الحداثي فهي كتابة لا شخصية، تكتب بضمير الغائب، ويفقد فيها الوجود أنطولوجيته. واستعرض الناقد النحال تسعة عوالم حداثية قاربها الباحث الجمالي محمد الشيكر في كتابه. ميلان كونديرا: «استراتيجية الكتابة وتجربة الحدود»، شارل بودلير: «الكتابة في البرزخ السحري»، جورج بطاي: «أعالي الكتابة وكتابة الأعالي»، موريس بلاشو: «تجربة الكتابة.. تجربة الحدود»، إدموند جابيس:» الكتابة حدود الانمحاء وانمحاء الحدود»، رولان بارث: «الكتابة وأفول إمبراطورية الكاتب»، إميل سيوران: «الكتابة على إيقاع الضجر»، عبد الكبير الخطيبي: «غربة الكاتب وغرابة الكتابة»، رايموندكونو: «الكتابة الأكسيومية وتجربة الحدود». أما مداخلة الشاعر علي البزاز فأعطاها العنوان الآتي: تجربة الحدود بوصفي غريبا، استلهم عبارة لجيل دولوز يقول فيها: «الكتابة الإبداعية مكتوبة بلغة أجنبية» واستلهم تجربته في الغربة من خلال أسفاره وتوزعه بين اللغات : العربية والهولندية والروسية والبلبلة التي تحدث له حينما تتزاحم على لسانه، وكذا تنقله الباعث على الدهشة والاندهاش، بين الحاضرة والصحراء في العراق. وأكد من جهته أن المنفى ليس مكانيا بالضرورة فهو زماني، وهذا ما توحي به تجربته في الحياة. واعتبر الكتابة تحصينا ضد الانتماء العمودي. وفي كلمة للباحث الشيكر،توقف طويلا عند الكتابة وتجربة الحدود في كتابات عبد الفتاح كيليطو. وأطره في ثلاث خانات: فهو أولا؛ فيلسوف الكتابة، وثانيا؛ كاتبا ساحر، وثالثا؛ منظر للنقد. فمعه استعاد التراث العربي بهاءه بوصفه قارئا جيدا ومن طراز رفيع لكنه في المقابل كاتب فاشل. ولعل سر ألمعيته ونجاحه هو قدرته المدهشة على رتق الفجوات وملء البياضات، تعززت بخبرته في النقد الأدبي الغربي، بينما أغلب المقتربات بقيت قصية عن التراث لانغلاقها في نظريات ومنهجيات جاهزة وجامدة. كيليطو نجح في قراءة التراث مثلما نجح التشكيليون فيها. وهذا حكم صدر عن باحث في فلسفة الجماليات ومنتج لأعمال في الفن التشكيلي وأعلامه والتلقي الجمالي.