في الوقت الذي كان فيه وفد قيادي من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، يشرف، يوم الأربعاء 28 فبراير 2018، على الجمع العام للصحافيات والصحافيين بمدينة الحسيمة، من أجل تأسيس فرع بالإقليم، كان الجدل محتدماً، بخصوص الندوة الصحافية التي أعلن عنها رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، عبد العالي حامي الدين، بل لم يتوقف الأمر عند الجدل، إذ حصل تراشق في الصحافة الورقية والإلكترونية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، ووجدت نقابة الصحافة نفسها بين المطرقة والسندان. في الحسيمة، كان الأمر يتعلق بعمل تأسيسي، حضره حوالي أربعون صحافية وصحافي، يمثلون مختلف القطاعات، بعد أن شكلوا لجنة تحضيرية، باتفاق مع قيادة نقابة الصحافة، للإشراف على الإعداد المادي والأدبي، للجمع العام، ونجحوا في ذلك، حيث تم انتخاب مكتب للفرع، بعد عروض حول أوضاع المهنة وتاريخ النقابة وتجربتها التنظيمية والميدانية. من بين القضايا التي حظيت باهتمام الحاضرين، تاريخ نقابة الصحافة ومنهجيتها وفلسفتها، فهي هيئة تأسست سنة 1963، من طرف ناشرين لصحف وطنية، كان همها الرئيسي هو تطوير تجربة صحافية مغربية في بداية الاستقلال، ومواجهة الصحافة الاستعمارية، التي كانت مخلفاتها مازالت حاضرة، لذلك كان المؤسسون ينتمون لمختلف التيارات السياسية، وكان جزء منهم مستقلاً لا علاقة له بأي حزب سياسي. هذه هي الصفة التي لازمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، منذ المنشأ، وواصلت قياداتها هذه المنهجية، سواء عندما كانت تتشكل من الناشرين، أو بعد ذلك، من الصحافيين، الذين ظلوا أوفياء لمنهج الاستقلالية عن كل التوجهات السياسية والإيديولوجية، وهي نفس الروح التي سادت في الجمع العام بالحسيمة، لذلك كان النجاح حليف هذه التجربة المؤسِسٓةِ، في ظرفية وسياق، يعرف الجميع تداعياته. ولم يكن ممكناً الخروج عن هذه المنهجية، عندما حصل خلاف كبير وتقاطب خطير، حول الندوة الصحافية لرئيس منتدى الكرامة، حيث تحولت مسألة الترخيص باستعمال المقر، والذي يمنح لعشرات الهيئات، وكأنه يتعلق باتخاذ موقف من قضية سياسية/قضائية، ليس لنقابة الصحافة أي رأي فيها، لأن قيادتها لم تناقشها، وليس ذلك من صلاحياتها، بكل بساطة. الرسالة التي ينبغي التقاطها مما حصل، هي أن نقابة الصحافة، تتشبث أيما تشبث باستقلاليتها، عن كل التيارات السياسية والإيديولوجية، وهو ما منحها القوة والصمود، لأنها هيئة مهنية، تدافع عن حرية الصحافة وكرامة الصحافيين، وترفض أن تُحشَرَ في أية جهة، خارج مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.