أكد المخرج المسرحي الدكتور عبد المجيد شكير، خلال ندوة عقدت الجمعة الماضية ضمن فعاليات الدورة 24 لمعرض الكتاب والنشر، حول «الأدب والدراما التلفزية»، ان جدلية الأدب في علاقته بباقي الفنون من سينما ومسرح ، بما تعنيه من تجسير للعلاقة بين الادب والفن، جدلية قائمة باعتبار هذا الاخير ينصهر في الخانة الابداعية التي تلم كل هذه الاشكال، معرجا على الاستثناء المصري الذي اختارت فيه الدراما المصرية منذ الاربعينات الاشتغال على المتن الروائي لكل من نجيب محفوظ وابراهيم الكوني وهو ما أهلها للنجاح والانتشار. وأشار شكير الى أن الانتقادات التي توجه الى الدراما التلفزية المغربية مردها هذا الغياب الذي يقصي المتن الروائي المحلي، والعمل عليه كمادة درامية تتوجه الى متلق يعي ضرورة النهل مما يفتحه الادب من إمكانات ابداعية ترقى إلى أفق انتظاراته. من جهتها سجلت الكاتبة والاعلامية بديعة الراضي في تدخلها /شهادتها، التي جاءت محملة بغصة وجرح كبيرين حول ما أسمته «جرما» في حق الثقافة المغربية، يمارسه المسؤولون عن التلفزيون بحرمانهم المشاهد المغربي من أعمال إبداعية جادة ومرتبطة بالهوية وتمغربيت»، مضيفة أن ضعف حضور الأدب في خريطة الاشتغال التلفزي يعود الى غياب التواصل بين المثقفين والكتاب المغاربة وكتاب السيناريو، داعية إلى حوار وطني مسؤول تتحمل فيه جميع الاطراف المتدخلة في الانتاج التلفزي مسؤوليتها، حكومة ومجتمعا مدنيا، وذلك عبر وضع ميثاق أخلاقي تؤطره آليات اشتغال مضبوطة تحترم ذوق المشاهد وتمتح من تربة أدبية محلية لا تعدم حرفية وجودة، وترتبط بأصولها وجذورها المغربية بعيدا عن ثقافة هجينة مستوردة، تعمل على سد أفق تفكير المشاهد ما يقتضي محاكمة معنوية، لأنه يعمق الهوة بين المتلقي وواقعه وثقافته الغنية بالنصوص الجيدة. وأكدت عضو اتحاد كتاب المغرب أن نجاح التجربة المصرية والسورية يجد سنده في الانفتاح على المتن الروائي المحلي، وهو الامر الذي رغم تعدد إمكاناته بالمغرب وانفتاح مثقفيه على جميع الثقافات واللغات لم يشفع في انفتاح المسؤولين عن التلفزيون على هذه التجارب الروائية الناجحة، متسائلة عن مكامن الخلل في هذه المفارقة. وساقت الراضي تجرتها الشخصية للتدليل على هذا الواقع المخجل وكيف عانت مع الادارة من أجل تحويل سيناريوهات اقتسبتها الى اعمال خصوصا «نساء آل الرندي» للروائي الميلودي شغموم، «البعيدون» لبهاء الدين الطود، «خطبة الوداع» لعبد الحي المودن، مثيرة مسألة هجرة كتاب السيناريو المغاربة الى قنوات أجنبية تفرض بدورها شروطا تفقد العمل أهميته مقابل الموافقة على الانتاج. بدوره اعتبر المخرج السينمائي عز العرب العلوي المحرزي أنه من الصعب الحديث عن الدراما التلفزية دون تحديد المعنى الذي يجب إيصاله للمتلقي، مضيفا أن الدراما التلفزية هي الابن الشرعي للتلفزيون، لاعتمادها عنصر الآنية والكتابة كنوع من أنواع الفنون. وأكد العلوي أن الدراما تستجيب لما يسمى عناصر الصراع، باعتباره الأصل في الدراما إذ لا يمكن نفيه في أي عمل درامي، مشيرا الى أنه على كتاب السيناريو استيعاب المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفهم النظام الاجتماعي الذي تتوجه إليه هذه الدراما، ومشددا على ما في ما تنطوي عليه الاعمال التلفزيونية من خطورة لكونها تستهدف الثقافة والهوية ، وبالتالي تغير نظم وأفكار المتلقي وترسخ تصورات وتمثلات هجينة وغريبة عن الواقع، بما أنها خارجة عن النسق الاجتماعي للمتلقي. المخرج والروائي فؤاد اسويبة شدد بدوره على ضرورة تواجد المجتمع المدني كقوة ضغط حتى تستعيد الثقافة خصوصيتها الانتاجية، تلك الخصوصية التي كانت دافعا وعاملا من عوامل نجاح الأعمال الدرامية العالمية، مذكرا في هذا الصدد بنموذج الدراما الاوربية واقتباسها التلفزيوني لرواية ليو تولستوي «حرب وسلم» ، وبالتجربة الامريكية التي اقتبست 85 في المائة من الأعمال الدرامية التلفزيونية من الأدب . ودعا اسويبة الجهات المسؤولة الى فتح أبواب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أمام المجتمع المدني لتجسير العلاقة بين الادب والدراما التلفزية من خلال تكوين فرق عمل تشتغل على اعمال روائية شكلت علامة فارقة في مسار الادب المغربي باعتراف دولي