مدخل تحكي رواية «الغريب» لألبير كامو قصة رجل يقتل رجلًا آخر بدون أسباب، ولا يحزن لذلك، أو يحزن على وفاة والدته، أو يحزن على أي شيء. هو فقط يفعل أشياء بدون سبب أو متعة يكتسبها، حتى في وقت المشاكل هو غير غاضب أو حزين. في مقابلتها مع موقع Indiewire قالت المخرجة «لين رامزي» أن شخصية «مورفن كالر» تذكرها دائمًا بشخصية الغريب لكامو، وذلك جعلني أفكر مرة ثانية في الفيلم والرواية وأن أقارن بينهما. مورفن كالر يحكي فيلم «Morvern Caller» الذي صدر عام 2002 والذي كان رواية في الأصل تحمل نفس العنوان، يحكي عن فتاة شابة اسمها «مورفن كالر» تكتشف انتحار خطيبها في ليلة رأس السنة، تاركًا لها بعض المال وشريط كاسيت به أغان منوعة ورواية كتبها قبل وفاته طالبًا منها أن ترسلها إلى دور نشر لكي تُنشر باسمه. يغلُب على الفصل الأول من فيلم Morvern Caller جو ضبابي في أحيان كثيرة، وكأننا نشاهد حلمًا، أو بمعنى أدق كأننا نرى الأحداث بعيني «كالر» التي ما زالت غير مصدقة لما يحدث. شخصية «مورفن كالر» شخصية غريبة، فهي تُشبه «غريب» ألبير كامو كثيرًا. إذ تركت جثة خطيبها في مكانها عدة أيام، دون ردة فعل واضحة للمشاهد لتفهم هل هي خائفة من أن تحرك جثته، أم أنها حقًا لا تُبالي. لكن مع توالي الأحداث في فيلم Morvern Caller نرى الضباب ينقشع تدريجيًا وأن «كالر» حقًا لا تُبالي، أو أصبحت منذ هذا الحدث لا تُبالي، إذ تستمع إلى شريط الأغاني بجانب جثة خطيبها، ثم في مشهد آخر تقطع جثتها وتدفنها في مكان بعيد. قامت بدور «كالر» الممثلة سامانثا مورتن التي قالت عنها المخرجة أنها أعجبت بدورها جدًا في فيلم Sweet and Lowdown لأنها كانت بكماء، لكنك ما زلت تفهم ماذا تريد أن تقول. الهروب على غرار فيلمها الأول «صائد الفئران» تستمر المخرجة «لين رامزي» في تقديم تيمة الهروب، لكن هنا بشكل مختلف، أو لنقل بنتيجة مُختلفة عن الفيلم الأول. إذ نرى في فيلم Morvern Caller أن «كالر» تحاول الهروب من موت صديقها بالانغماس في العمل، أو في الخروج مع صديقتها كثيرًا والهروب الدائم من البيت. وبعد نشرها رواية خطيبها نراها تهرب من البلد بأكملها مصطحبة صديقتها معها، وهو الأمر المختلف بين «كالر» وغريب كامو، إذ كان «الغريب» بعد ارتكابه لجريمته –وحتى قبلها- لا يهتم بأحد، لا حبيبته ولا صديقه ولا حتى نفسه. بينما «كالر» تحاول إسعاد صديقتها وتحاول إسعاد نفسها وأن تعيش الحاضر بدون التفكير حقًا في الغد. في مقابلتها مع موقع indiewire قالت المخرجة «لين رامزي» أن «كالر» حين أخذت المال مقابل الرواية، ظنت أنها ستشتري بها الحرية، لكنها فقط اشترت لها نوع من الحرية لأنها مازالت وحيدة. المميز في شخصية «كالر» أنها على عكس الشخصيات الهاربة من ماض، لا تخاف من المستقبل. حين يسألها صاحب دار النشر عن الرواية القادمة، تبدوا مترددة وأنها حقًا لا تفكر في «التالي» بقدر ما تفكر في «الآن». في نهاية فيلم Morvern Caller نرى «كالر» وقد أصبحت شخصًا مختلفًا عن البداية، شخصًا لا يرتبط بالأشياء أو بالأشخاص، شخصًا يريد فقط التجوال بين البلدان والتحليق خارج السِرب.