من بين أبرز الالتزامات العالمية للسنة الجارية، إعداد «ميثاق عالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة». ومحطة المصادقة عليه من طرف دول المعمور، ستكون مدينة مراكش في 10 و11 دجنبر المقبل .وتنعقد عشيته بنفس المدينة أشغال المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، الذي يتولى المغرب وألمانيا رئاسته المشتركة، في الفترة من 5 إلى 7 من نفس الشهر. وكانت نهاية الأسبوع الماضي حافلة بإبراز ملامح هذا الميثاق وتحدياته من خلال تقرير قدمه الأمين العام للأمم المتحدة ومن خلال كلمة لرئيس الجمعية العمومية لهذه المنظمة. اختيار المغرب، له عدة دلالات تم التأكيد عليها خلال الندوة الموضوعاتية الأولى التي انعقدت بنيويورك، وحظي المغرب بشرف تسييرها في شخص السفير الممثل الدائم لبلادنا لدى الأممالمتحدة . . فالمغرب خطا منذ أربع سنوات خطوة مهمة بإقراره لسياسة جديدة للهجرة، ترتكز على مقاربتين إنسانية وحقوقية أصبحت موضع إشادة من طرف المجتمع الدولي ونموذجا لدى المنظمات الدولية. أهمية الميثاق، تكمن في اتساع ظاهرة الهجرة وفي تداعياتها . في تضخم المقاربات الأمنية المعتمدة من طرف دول الغرب وخاصة أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية وفي إهمال المقاربة الحقوقية التي تصون للإنسان كرامته وتنطلق من أن أمنا الأرض هاته هي للبشر جميعا وفرص تقدمها ورفاهيتها، يجب أن تكون للناس جميعا مهما اختلفت جغرافيا موطنهم ومسارات بحثهم عن سبل الحياة الآمنة. لذلك هناك منطلقات تشكل قاعدة أولية لهذا الميثاق المنتظر إنجازه حدد بعضها الأمين العام للأمم المتحدة، وتتمثل أساسا في تعزيز فوائد الهجرة، بدل التركيز على الحد من مخاطرها… وأن على الحكومات فتح سبل الهجرة المنتظمة التي تستجيب لواقع الطلب والعرض المرتبط باليد العاملة، وأن السياسات المعاكسة الرامية إلى تقييد الهجرة تجعل المهاجرين أكثر عرضة، على الخصوص، للاتجار بالبشر. كما أن المناقشات ينبغي أن تنطلق من فرضية مفادها أن الهجرة لايجب أبدا أن تكون خطوة تبعث على اليأس، بل خيارا يخلق الأمل، لأنها تعود بالنفع على الجميع، عندما يختار المهاجرون خيارا واضحا وطوعيا للتوجه نحو الخارج عبر السبل القانونية. إن تحدي الهجرة اليوم، يعتبر من أبرز التحديات التي يواجهها العالم، خاصة لما لذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية . فهناك أكثر من 260مليون شخص هاجروا مواطنهم الأصلية نحو بلدان أخرى اضطرتهم ظروف عدة لذلك، من بينها الأوضاع الاقتصادية والحروب والتغيرات المناخية ... لكن أوضاعهم في بلدان الاستقبال محفوفة بالعنصرية والكراهية، مسيجة بقوانين، تمس بكرامتهم، محاطة بسياسات تجعل منهم مشجبا لكل المشاكل ... لذلك على هذا الميثاق العالمي المرتقب والمفاوضات التي ستعقد من أجل صياغته ، أن يأخذا بعين الاعتبار الأوضاع التي تواجه المهاجرين « سواء في بلدان العبور أو في بلدانهم الأصلية، والإمكانيات المتاحة من أجل الرد وبشكل أفضل على وضعية الهشاشة التي تعيشها النساء والأطفال، بشكل يقي من استغلالهم وانتهاك حقوقهم»، كما أوضح المغرب وهو يترأس أول ندوة في مسار إعداده. عليه أن يكرس الحقوق الإنسانية للمهاجرين مهما كان وضعهم. إن للميثاق كما نعلم قيمة معنوية والتزامات أخلاقية، لكن الرهان عليه يكمن كذلك في أن يكون سندا في وضع حد لهذه المآسي الجماعية والفردية التي تعرفها الهجرة، حيث أصبحت طريق الهجرة موتا في رمال الصحراء أو غرقا في عباب البحار أو استغلالا بشعا في بلدان الاستقبال … لذلك نشدد على ضرورة أن يكون البعد الحقوقي المحور الأساسي للميثاق وروحه حتى لا نسقط في المقاربة الأمنية التي ما أنتجت سوى المس بالكرامة البشرية والحط من إنسانيتها.