قدم السفير المفوض فوق العادة للفدرالية الروسية بالمملكة المغربية السيد «فاليري فوروبييف» رأيه حول المغرب و حول الوضع الحالي بالمنطقة، و ذلك خلال ندوة السفراء الروس التي انعقدت في يوليوز المنصرم بموسكو. فيما يلي ترجمة لتدخله المنشور بالمجلة الشعبية الروسية للدبلوماسية والسياسة الخارجية «الحياة الدولية». كانت منطقة الشرق الأوسط و إفريقيا الشمالية و ستبقى دوما هدفا و موضوعا لدبلوماسيتنا. وفي الوقت الحاضر، تعد هذه الإشكالية في صُلب عملي وكذا العلاقات التي تتطور في منطقة الصحراء و الساحل. فهذا الفضاء بالغ الأهمية وواعد و يتوفر على موارد منجمية هائلة. و لهذا السبب توجد به قاعدة للإرهاب. لا يتعلق الأمر ب»القاعدة» كما يقال بالعربية، بل «قاعدة» بمعناها الحرفي: قاعدة لتهريب المخدرات، و قاعدة للهجرة السرية...إلخ. و المغرب يلعب دورا نشيطا بهذه المنطقة، و ليس من قبيل الصدف أن جلالة الملك محمد السادس قام في ماي المنصرم بجولة امتدت لشهر تقريبا بهذه المنطقة. إن المغرب هو البلد الأفضل، و الواعد و القابل لتطوير العلاقات الثنائية. فهو فريد من نوعه. و يمكن تعريفه باعتباره «جزيرة استقرار» بالشرق الأوسط و إفريقيا الشمالية. و بفضل السياسة المستنيرة للملك، الحازم و المرن في نفس الوقت في سياسته الخارجية، استطاع المغرب أن يتفادى «الربيع العربي». و هذا أمر صحيح في نظري، لأن المملكة عرفت إصلاحات، أقولها بشكل رسمي، لا نظير لها في البلدان الأخرى. و باعتباري متخصصا في القانون الدستوري علمت بارتياح أن دستور 2011 المغربي -الفريد في العالم - يتضمن بندا يتعلق ب»المجتمع المدني». ففي المغرب يوجد منصب وزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان و مع المجتمع المدني. كما أمر الملك بأن يكون 13 مارس من كل سنة يوما للمجتمع المدني. كما أن مسألة إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب قيد النقاش حاليا. و إذا كان الاتحاد الأوربي قد وجه انتقاداته للمغرب لاستعماله المحاكم العسكرية في بعض القضايا المدنية، فإن المغاربة حاليا يبتعدون عن هذه السياسة. و علاوة على ذلك، فإن المغرب دولة مستقرة و متطورة بساكنة تبلغ حوالي 38 مليون نسمة. و في ترتيب الدول الإفريقية حسب الناتج الداخلي الخام، فإن المغرب يحتل الرتبة السادسة. كما أن المملكة هي الشريك الثاني لروسيا في القارة فيما يخص المبادلات التجارية. و هذا أمر مريح رغم وجود تحفظات كبرى في المجال الاقتصادي. لقد قام جلالة الملك محمد السادس بزيارة لروسيا سنة 2002 ، حيث تم توقيع تصريح بالشراكة الاستراتيجية، إلا أنه لسوء الحظ، لم تتم متابعة هذا التصريح عمليا. و المغاربة اليوم يقترحون تجسيد هذه الشراكة عمليا، بما فيها الدوائر الاقتصادية و التجارية و دوائر الشؤون الاستراتيجية - البترول و الغاز و المجال العسكري- مما يعني أن المغاربة يريدون رفع العلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى. ومع ذلك ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الانتقادات التي شرع الغربُ يوجهها للمغرب. فالفرنسيون و الأمريكيون أبدوا قلقهم من التقارب المغربي مع روسيا. يُفسر المغاربة الأمر كالتالي : « نحن لا نسعى إلى تجميد أو تقليص علاقاتنا مع الاتحاد الأوربي أو الولاياتالمتحدة، بل نريد فقط التوجه نحو موسكو للتعاون بنفس القدر الذي نتعاون به مع الاتحاد الأوربي و الولاياتالمتحدة، لأننا نعتبر روسيا شريكا استراتيجيا» وللتذكير أشير إلى أن وزير الشؤون الخارجية المغربي قد وصل إلى موسكو في عز انعقاد ندوة السفراء، و أجرى مباحثات مع «سيرجي لافروف». لم يتم تسجيل أي مشكل بين دولتينا أبدا. و نحن نعرف جميعا بأن أول الاتصالات بين بلدينا جرت خلال عهد محمد الثالث و كاترينا الثانية. بالمغرب توجد معارضة للحكومة، و لكن ليس للملك. فحتى الإسلاميون المعتدلون الذين يقودون الحكومة حاليا، يقولون بأن المؤسسة الملكية بالمغرب هي للأبد، و من المهم جدا ألا يرضخ الملك لبعض الاستفزازات الصادرة من بعض القوى السياسية. فالملكية، كما تبدو لي، نمط حكم واعد في شروط الوضعية الخصوصية بالمنطقة. و بصفة عامة فإن نادي الملكيات العربية (مملكات الخليج الست و الأردن و المغرب) يشكل حاليا قاعدة للاستقرار بالشرق الأوسط. و بهذا الخصوص، فإن لدينا نفس الموقف حول القيم «التقليدية» للإنسانية. و في الوقت الراهن فإن الملكيات هم حلفاؤنا. لهذا السبب فإننا نجد مع نظرائنا المغاربة نقط الالتقاء، و أعتقد أن علاقاتنا ستتطور. فاللقاء المغربي-الروسي الأول انعقد مؤخرا، في يونيو المنصرم حيث حل بموسكو خمسة وزراء و 120 رجل أعمال مغاربة. و على هامش هذا اللقاء وقع بنكان مغربيان اتفاقات مع «سبيربنك» و «في تي بي». و هذا لم يحصل أبدا في السابق. كما تميز اللقاء بقرار أحد البنكين المغربيين تقديم قرض بقيمة 300 مليون دولار للفدرالية المهنية للأنشطة الحبوبية بغية اقتناء حبوب من روسيا. و بصراحة، لقد اشتغلنا أيضا مع شركائنا المغاربة لحثهم على هذا الأمر لأن أوكرانيا كانت هي المزود الأول للمغرب بالقمح في المدة الأخيرة. ختاما ، أريد أن أقول بأن المغاربة يحبون روسيا كثيرا. فلم يحصل أي مشكل بين بلدينا في الماضي. كما أن المغاربة يحبون الحضارة الروسية كما يحبون الأدب الروسي و هم يقدرون فننا باحترام عميق. كما أن للملك تقديرا كبيرا لرئيسنا، و قد عبر جلالته عن تهانئه الحارة مؤخرا بمناسبة يوم روسيا. يجب أن أقول بأن رئيسنا يقدر كثيرا بدوره نشاط ملك المغرب. ففي السنة الماضية خلال عيد ميلاد الملك الخمسين، وجه رئيس روسيا لجلالته برقية تهنئة، أكد خلالها بأن الملك شخصيا، قد قدم الكثير من أجل تقوية العلاقات المغربية الروسية. مترجم عن الفرنسية