تمكن الصحافي مايكل وولف من هَزّ أركان البيت الأبيض، بكتابه، «نار وغضب»، الذي يتحدث فيه عن التسعة أشهر الأولى، لحكم الرئيس دونالد ترامب، منتقياً تفاصيل من حياته الأسرية وعاداته وأسلوبه وطريقة اتخاذ قراراته، ليخلص في النهاية إلى أنه غير صالح لتولي هذا المنصب الكبير في دولة عظمى. اعتمد الكتاب على شهادات أحد المستشارين المقربين، سابقا، من دونالد ترامب، هو ستيف بانون، بالإضافة إلى شهادات أخرى من البيت الأبيض ومحيطه، بأسلوب كتابة معروف في الصحافة الأمريكية، يميل كثيراً إلى ما يسمى بالصحافة الشعبية، حيث لا يقدم الكثير من الحجج، لكن الكاتب يقول إنه يتوفر على تسجيلات لمقابلات، كما أنه تحدث إلى المقربين من ترامب. وكان رَدّ الرئيس الأمريكي قوياً، حيث وصف الكتاب بأنه مليء بالأكاذيب، ومن المحتمل أن يقاضي الصحافي والمساعد السابق، بانون، أمام المحاكم. غير أن العديد من المعطيات التي وردت في الكتاب، كانت معروفة، لكن ما قام به وولف هو تجميعها، بشكل شامل، لذلك فقد بلغت مبيعاته أرقاماً قياسية، كما أنه يوزع بكثافة على الأنترنيت. وما يهمنا، في قراءته، هو التعرف على هذه الشخصية التي تتخذ قرارات مصيرية، ليس بالنسبة لبلدها، فحسب، بل تكون لها أيضا تبعات في العالم بأسره، خاصة وأن الكتاب يتعرض لمواقفه من إسرائيل وقضية القدس، والعلاقات مع بلدان الشرق الأوسط والخليج، ويكشف عن العقلية التي يتعامل به ترامب ومحيطه، مع مختلف هذه الملفات. من المؤكد أن الكتاب ستكون له تفاعلات كثيرة، خاصة وأن خصوم ترامب، يحاولون استثمار ما نُشِرٓ ليدعموا به نظرية عدم أهليته لتولي منصب الرئاسة، كمقدمة لمشروع عزله، الذي يدافع عنه الكثير من الديمقراطيين، تحت مبررات شتى، من بينها التعامل مع الروس في الحملة الانتخابية، وتعصبه وتوجهه اليميني المتطرف، الذي يصدر في تصريحاته وتصرفاته ومواقفه. غير أنه بالرغم مما وٓرٓدٓ في هذا الكتاب، فإنه لم يرقٓ إلى التحقيق الذي أنجزه الصحافيان كارل بيرنستين وبوب وود ورد، والذي فجر فضيحة ووترجيت التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون.