إصابة لامين جمال تربك حسابات برشلونة قبل قمتي بايرن ميونيخ وريال مدريد    تصفيات أمم إفريقيا 2025: نيجيريا تنسحب من مباراتها ضد ليبيا احتجاجا على "معاملة غير إنسانية"    رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي: بلادنا تتطلع إلى الارتقاء بعلاقاتها مع المغرب إلى مستويات أعلى    وزير الصحة: قائمة من 169 دواء سيتم تخفيض أسعارها    بعد 10 سنوات زواج...طلاق فرح الفاسي وعمر لطفي    تعزيز التعاون البرلماني في صلب مباحثات الطالبي العلمي مع رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي    فيضانات تازة تودي بحياة سيدتين وتخلف خسائر مادية جسيمة    عملية مرحبا 2024.. أزيد من 3 ملايين مسافر عبروا الموانئ المغربية    انقلاب حافلة النقل المدرسي يرسل 20 تلميذا لمستعجلات سيدي قاسم    مواجهة حامية في البرلمان بين رئيس الجلسة والوزير بايتاس        الكاتب العام لعمالة إقليم الناظور يترأس الذكرى 26 لوفاة الملك الحسن الثاني    "البام " يرشح إبن برلماني من "الأحرار" لخوض غمار الانتخابات الجزئية بخريبكة    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: مشهد داعشي بالضاحية.. والتشادور في شوارع المسيح    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة بحبات البرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الإثنين    تحذير من أمطار عاصفية هذا اليوم    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء – سطات تطلق عملية واسعة النطاق لتنقية شبكة التطهير السائل بالجهة    تعليق الدراسة اليوم في مدارس العالم للقروي بورزازات بسبب الأمطار الطوفانية    مجلس المالكي يُؤكد سطوة الخيار الفرنسي على التعليم باتفاقيات جديدة للشراكة    عجز الميزانية بالمغرب يتراجع إلى 26,6 مليار درهم عند متم شتنبر (الخزينة العامة للمملكة)    غالانت يعد بالرد على عملية "العشاء الأخير"    دولة إفريقية تعلن تسجيل أول حالتي إصابة بفيروس جدري القردة    هزالة الأجر ومدة التعاقد وقضايا أخرى تدفع الأطباء المقيمين والداخليين للإضراب    تراجع أسعار النفط بفعل مخاوف بشأن الطلب في الصين    "لوموند": المغرب لديه "أكبر مسرح" في إفريقيا كلف بناءه 200 مليون أورو لكنه مغلق    فيلم "تيريفاير 3" يتصدر شباك التذاكر    دارون أسيموغلو وسيمون جونسون وجيمس روبنسون يفوزون بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2024    ماريا نديم تظهر لأول مرة مع مولودها وتكشف عن إحساسها بالأمومة (فيديو)    هذا موعد الدورة المقبلة من مهرجان موازين إيقاعات العالم    مناورات بحرية مشتركة بين المغرب وبريطانيا قبالة سواحل طنجة    دراسة: تناول كميات طعام أقل قد يكون له تأثير إيجابي على متوسط العمر المتوقع    المنتخب المغربي لكرة القدم لمواليد 2000 يفوز وديا على نظيره الغيني (5-0)    "غلوري" توقف المقاتل جمال بن صديق بسبب المنشطات        الكاف يحدد موعد انتخاباته الرئاسية    عامل إقليم الفقيه بن صالح محمد قرناشي يترأس الذكرى السادسة والعشرين لوفاة المغفور له الحسن الثاني بمسجد السلام حي نزهة 1.    حزب الله يستهدف ثكنة في وسط اسرائيل    ترتيبات جديدة تنظم "إسعاف السفر"    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    توقيف شخص مسلح قرب تجمع انتخابي لدونالد ترامب    قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مركز توزيع أغذية في جباليا    المعهد المغربي للتقييس يخلد اليوم العالمي للتقييس    جامعة كرة القدم تكرم لاعبين دوليين بالمنطقة الشرقية    رحيل المفكر اللبناني مصطفى حجازى صاحب كتاب "سيكولوجية الإنسان المهدور" عن عمر ناهز ال 88 عاما        جنود جزائريون يفضلون قوارب الموت على خدمة دولة الجنرالات    السلاح النووي والصراع بين إسرائيل وإيران يدقان ناقوس الخطر في المنطقة    تساقطات مطرية قوية تغرق مدينة مراكش    من التصيد إلى الاحتيال .. هكذا تحمي نفسك في العالم الرقمي    دلالة ‬النداء ‬العاجل ‬من ‬جلالة ‬الملك ‬للشعب ‬من ‬أجل ‬التعبئة ‬و ‬اليقظة    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    أول عملية مغربية لتجميد مبيض تحفظ خصوبة شابة تواجه سرطان الدماغ    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نعيد الدفء للحياة المدرسية؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 06 - 12 - 2017

الكثير منا يربط سر نجاح التلميذ في مساره الدراسي أو فشله بهذه المدرسة أو تلك ، بينما واقع الحال يؤكد أن هناك عدة عوامل و عناصر تتداخل فيما بينها لتؤسس في النهاية هذا النجاح أو هذا الإخفاق.
فالتلميذ الذي يستمتع بوقته في فضاءات مؤسسته- خصوصا وقت الأنشطة و الاستراحة وعند الدخول و الخروج- قد يتعذر عليه تحقيقه في قسمه، وهذا من شأنه أن يقلق نفسيته ويعكر صفاء وجدانه . ويزداد الطقس التربوي قساوة لما يحس المتعلم بتصلب العملية التعليمية وتجهم وجه المدرس في توجيه متعلميه، وبالإهانة و التعنيف من قبل أحد والديه في البيت أو أمام أقران خاصة وقت الاستراحة، دون أن يجد طرفا يحميه أو يواسي معاناته واختناقه.
فلماذا لا يربى تلاميذنا على متابعة حقوقهم والمطالبة باسترجاعها ؟ ألسنا في زمن التربية على حقوق الإنسان؟ ألم يصادق بلدنا على مواد ومقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في يوليوز 1993؟ إذن أين موقع برامجنا و طرائق تدريسنا من المبادئ الأربعة التي تضمنتها الاتفاقية الاممية لحقوق الطفل؟
قال العالم سبيتز» الأمم المتخلفة هي التي يغلب عليها طابع العفوية في تناولها لكل القضايا،و المقصود بالأمة هنا هي الدولة.. باعتبارها تضم ثلاثة عناصر أساسية وهي: السكان والإقليم والسلطة السياسية»
انطلاقا مما سبق، وبناء على عدة نظريات ودراسات سوسيولوجية تحديدا، نلاحظ أن صمت الشعوب الفقيرة وغضها للبصر عن المطالبة بحقوقها هي مسألة ترتبط أساسا بالإهمال والعفوية الزائدة عن حدها وليس مصدرها النقص الحاصل في الوعي السياسي والتأطير النقابي، كما تزعم بعض الأطروحات السياسية.
والخطير في الأمر أن هذا الوباء الثقافي – انظر بيير بورديو وباسرون في كتابهما التاريخي «الوارثون وإعادة الإنتاج»- انتقل إلى أوساط وفضاءات مؤسساتنا التعليمية، وجعل الحياة المدرسية فترة زمنية للتهذيب والإصلاح وإعادة تقويم السلوكيات اللامسؤولة وليس العكس ،أي فضاءات تربوية تنعم بالحرية والخلق والمبادرة والإبداع. هذا فضلا عن أن البرامج والمقررات الدراسية لا تحفز على حب الدراسة والرغبة في استمرار تحصيل العلم و المعرفة واكتساب الكفايات والمهارات الوظيفية. وهذا يظهر جليا من خلال جملة من العبارات التحذيرية والنواهي والأوامر الموزعة على جدران وزجاجيات المؤسسة مثال: (لا تقترب إلى النباتات- احترم نفسك- لا تتأخرعن الحصص الدراسية- ممنوع الغش ، لا تلمس الجدران ، لا تركض في الساحة …)
بالمقابل، لا نجد أدنى عبارة تثير فضول ودافعية المتعلم، أي تحثه على الملاحظة والتحليل و الاجتهاد والخلق والمبادرة كمبادئ أساسية جاءت بها المدرسة الحديثة. وحسبنا أن نتساءل عن المؤسسات التي تطالب متعلميها بكتابة قصة قصيرة أو بتلخيص نص روائي أو اي نص سردي أو شعري ، باستثناء الحضور الذي تسجله في المناسبات الدينية والوطنية.
الملاحظ أن لا شيء – بالمرة- يظل عالقا بذاكرة المتعلم المغربي ولا شيء يظل يشغل باله بمساره الدراسي، وهذا دليل قاطع على البرود الذي أصاب المتعلم من جراء ما تعانيه العملية التعليمية من غرابة وغموض . انظر ذ: محمد بوبكري في « المدرسة وإشكالية المعنى» وجون ديوي رائد نظرية التعلم بالخبرة والتجربة « بالتالي تصبح فكرة التكرار والروتين ومغادرة المؤسسة في سن مبكر جد واردة وحاضرة في وجدان المتعلم.
ترى كيف يمكننا تدارك الأمر؟ وإلى أي حد نستطيع إقناع أنفسنا والآباء والمتعلمين للخروج من هذه الوضعية المتأزمة ؟
للإجابة عن هذه الإشكالات، سأعتمد المستلزمات أسفله: باعتبارها مداخل أساسية ليس فحسب لمعالجة الأزمة وإنما لاقتراح سبل النهوض بمنظومتنا التربوية. وذلك بدمقرطة الحياة المدرسية وإضفاء روح الحيوية والمرونة على نصوص قوانينها الداخلية وعلى مواد ومكونات برامجها الدراسية.
تغيير الإدارة التربوية لطريقة تواصلها ونمط تصرفاتها في تدبير قضايا المتعلمين ومعالجة مشاكلهم- سواء فيما بينهما وبينهم وبين مدرسيهم وصعوباتهم الدراسة المتواصلة.
تحسيس المتعلمين بحقوقهم سواء في التربية والتعليم أو في الترفيه أو في التنشيط أو في الحماية من الأذى والأخطار أو في الصحة المدرسية، طالما هم موجودون داخل المدرسة…..الخ و ذلك وفق ما جاءت به المواثيق والمعاهدات الدولية وعلى رأسها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادقت عليها بلادنا عام 1993م.
خلق مكتبة مدرسية، يستعير منها المتعلمون كتب مقرراتهم الدراسية، بالإضافة إلى توافرها على قصص وكتب وروايات متنوعة تتماشى ومستواهم الدراسي.
خلق قاعة خاصة للعروض المسرحية، المسابقات الثقافية، القراءات الشعرية…. والمطالعة الحرة و اجتماع أندية المؤسسة.
فتح باب الرحلات والخرجات المدرسية على مصراعيه ، أمام كل تلاميذ وتلميذات المؤسسة حتى تحقق المؤسسة انفتاحها على محيطها الخارجي من جهة، ويتمكن المتعلم من التعرف عن قرب عن بعض التعلمات والمعلومات التي تلقاها داخل حجرته الدراسية: كالتعرف على المعالم التاريخية ببلادنا» فاس ووليلي على سبيل المثال، والتعرف على أنواع التربة والمشهد الحضري والمشهد الريفي ثم السدود والأنهار المغربية الخ واكتشاف الهوة العميقة بين ما يقدم نظريا وبين ما هو عليه الواقع المعيشي من تباينات وتناقضات. هذا الربط بين ما هو نظري وتطبيقي- انظر ماكارينكو في نموذج التربية الاشتراكية- هو الكفيل من إخراج المتعلم المغربي من قلقه وضعفه التكويني اللذين يدفعانه دوما نحو التسرب الدراسي مبكرا. لأن الغموض الذي يكتنف ما يتوخى امتلاكه لا يبعث على الاستقرار والاستمرار في طلب المزيد من المعلومات.
خلق الأندية التربوية وتشجيعها على المبادرة والعطاء ،لأنها رافعة تربوية أساسية من شانها أن تكسب المتعلم مهارات وكفايات هامة في مساره الدراسي كالكفاية الثقافية والمعرفية والأخلاقية على سبيل المثال، كما بإمكانها أن تزوده باليات التواصل وقيم ومبادئ التشارك والتعاون والتربية على السلوك المدني.
خلق مجلة تربوية شهرية على الأقل تحمل بصمات التلاميذ، بناء على ما توصلت إليه قريحتهم واندفعت نحوها بمشاعرهم وخواطرهم وميولاتهم، انه أفضل مشروع تربوي يمكنه أن ينمي لدى المتعلم جنيات ونزعات الكتابة، تماما كما فعل المربي الفرنسي» سليستيان فرينه مع تلاميذه واحدث بذلك ثورة في المنظومة التربوية، لان الراشدين يسقطون على القاصرين إمكانية تحقيقهم لأي شيء، حتى ولو تعلق الأمر بحلم جميل، ماداموا عديمي أو ناقصي الإدراك والتمييز – المسؤولية الجنائية-
أكيد أن اهتمامنا واعتمادنا لهذه المقاربة التربوية والحقوقية، كأطر إدارية وفاعلين تربويين وجمعيات مدنية حقوقية، نستطيع أن نتخطى هذه الصعوبات التواصلية التي يحسها ويعاني منها القاصر أثناء تواجده بالمؤسسة، خصوصا إذا شرعنا في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق القاصر بصفة خاصة بأوساطنا التعليمية والتربوية والتكوينية.
إن إعادة الدفء التربوي للحياة المدرسية ، رهين بمدى احترام المؤسسة التعليمية لحقوق التلميذ القاصر ، طالما لم يصل سن الرشد القانوني بعد ، وكذا العمل على تأمينه و تكوينه و تأهيله للمستقبل كما أوصت بذلك جل المعاهدات و المواثيق الدولية، وعلى رأسها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل 1989م والعهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عام 1966م.
ترى إلى أي حد نحن عازمون ومصممون على الانفتاح على ثقافة حقوق القاصر بمؤسساتنا التعليمية على مختلف أسلاكها ؟
* مهتم بشؤون الطفولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.