تلقى اتحاد كتاب المغرب والوطن برمته، بأسى وحزن بالغين، نبأ وفاة رئيس الاتحاد الأسبق الأديب والصحفي والمؤرخ والسياسي المغربي الكبير الأستاذ عبد الكريم غلاب، أمس الأحد بمدينة الجديدة، عن عمر ناهز 98 عاما. ولد الراحل عبد الكريم غلاب بفاس سنة 1919، تلقى تعليمه الأول في المدارس الحرة، ثم في كلية القرويين ابتداء من سنة 1932. سافر بعد ذلك إلى القاهرة في أكتوبر سنة 1937، فالتحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة (فؤاد الأول) سنة 1940 وتخرج منها سنة 1944 (قسم اللغة العربية). بدأ الفقيد في نشر كتاباته الأولى عام 1936، إذ كتب أول مقال في مجلة «الرسالة» القاهرية. وواصل التأليف في مختلف الميادين الأدبية والثقافية والنقدية والسياسية والتاريخية، هو الذي اشتهر في الصحافة بعموده الشهير «مع الشعب» بجريدة «العلم» وأديبنا الكبير، رحمه الله، هو ثاني رئيس لاتحاد كتاب المغرب، (1968-1976)، حيث أتت نهاية الستينيات لتحمل إلى الواجهة اسما بارزا في الحركة الثقافية الوطنية، هو الأستاذ عبد الكريم غلاب، فتحمل باعتباره رئيسا جديدا للاتحاد ترجمة توصيات المؤتمر الثاني الذي شهدت وقائعه رحاب كلية الآداب بالرباط. وتقع في صميم هذه النقلة النوعية مسألة الاستقلال عن السلطة الحكومية، ومن جانب آخر، اتسمت الفترة التي قاد فيها الراحل الاتحاد (ثلاثة مؤتمرات) بالتوجه نحو تفعيل دور المنظمة كأداة ثقافية تساير التطلعات الوطنية في التغيير والتحديث… خلف كاتبنا الراحل أزيد من 75 كتابا في الرواية والقصة والأدب والسياسة والفقه الدستوري وتاريخ المغرب. وفاز بجائزة المغرب للكتاب في الآداب ثلاث مرات عن رواياته، دفنا الماضي سنة 1968 والمعلم علي سنة 1974 وشروخ في المرايا سنة 1994. فضلا عن ذلك، انتخب الفقيد أمينا عاما للنقابة الوطنية للصحافة المغربية عند تأسيسها سنة 1961 وجدد انتخابه في كل المؤتمرات إلى سنة 1983. لقد كان الراحل، رحمه لله، مؤسسا رائدا في مجالات النضال والصحافة والسياسة والأدب، إذ كان بحق مؤسسة قائمة، ومن طينة كبار رجالات المغرب الذين حاربوا في مختلف الجبهات، وتركوا بصمتهم في كل ما لامسوه وجربوه. هكذا، يمكن الحديث باطمئنان على أن الرجل صاحب «مات قرير العين»، لم يخلف وراءه مسارا حافلا بالنضال والعطاء والإنتاج فقط، بل ترك لنا مكتبة كاملة ومدرسة قائمة، تمتد بين الإبداع والتاريخ، وبين النضال إلسياسي وبناء ثقافة وصحافة وطنيتين حديثتين. لقد حرص الأديب الفقيد، رحمه لله، على مواكبة مسار اتحاد كتاب المغرب وتطوره وعمله، ولم يبخل قط عن هيئاته المسيرة بالنصيحة والمشورة، فكرمه الاتحاد في مؤتمره الثامن عشر بما يليق برائد مؤسس، بمثل ما حرص الفقيد على حضور بعض أنشطة الاتحاد، حتى وهو يعاني من ظروف صحية صعبة، بما يكنه رحمه الله لهذه المنظمة التي ساهم في تأسيسها من تقدير واهتمام ورعاية، كان آخرها حضوره المشرف بمقر الاتحاد حفل تبرع الأديبة خناتة بنونة بجائزة القدس التي منحت لها من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بمسقط عام 2015، باقتراح من اتحاد كتاب المغرب، لوكالة مال بيت القدس بالرباط. وبهذه المناسبة الأليمة، يتقدم اتحاد كتاب المغرب بتعازيه ومواساته إلى أرملة الفقيد وأبنائه وكافة أعضاء أسرته الكبيرة، وإلى المغرب الثقافي بأجمعه، سائلين العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أسرته وأقرباءه وأصدقاءه وقراءه جميل الصبر وحسن العزاء. إنا لله وإنا إليه راجعون» وجاء في بلاغ بيت الشعر بالمغرب ينعي فيه الأستاذ عبد الكريم غلاب: «بكثير من الحزن والأسى، تلقّى بيتُ الشعر في المغرب نبأ وفاة الكاتب الكبير الأستاذ عبد الكريم غلاب، أحد الوجوه الأدبية والصحفية والسياسية البارزة التي طبعت ذاكرة ووجدان المغرب والمغاربة على حدّ سواء. فعِلاوة على إسهامه الأدبي في مجال الرواية والقصة، كان الفقيدُ في طليعة الوجوه التي أثرت الحركة الثقافية في بلادنا من خِلال ترأسِه لاتحاد كتاب المغرب، ومُساهمته من هذا الموقع في خدمة الأدب والثقافة المغربية في مرحلة شديدة الحساسية من تاريخه إنّ غياب الأستاذ عبد الكريم غلاب، ليعُد خسارة كبيرة للحقل الثقافي والأدبي والإعلامي ببلادنا، فقد كان الفقيد من رجالات هذا الوطن الأبرار الذين ناضلوا من أجل تطوير الحياة الثقافية والفكرية والأدبية وجعلها في مستوى التطلعات الطموحة التي رسمها جيل الحركة الوطنية. كما يسجّل للفقيد الراحل أنه خلال فترة إدارته لجريدة «العلم» واكب بالرعاية والاهتمام الشعر المغربي، وهو ما تمثّل في احتضان مُلحقها الأسبوعي للأصوات والتجارب المؤشرة على وعي وحساسية شعرية جديدتين. إن بيت الشعر في المغرب، إذ ينعي الأستاذ عبد الكريم غلاب، ليودّ أن يعبر لأسرته الكبيرة والصغيرة عن حجم الفقد الذي يشعرُ به وهو يودّع واحدا من أصدقائه الكبار الذين حرصوا على مواكبة مسار بيت الشعر في المغرب ومتابعة برامجه وأنشطته الثقافية والشعرية في العديد من المناسبات و المحطات، وهو ما يعكسُ تقديره واهتمامه المعهودين بالحقل الثقافي الوطني. نسأل لله القدير أنْ يتغمّد الفقيد بواسع رحمته وأنْ يُلهم أسرته و مُحبّيه جميل الصبر والسلوان.إنا لله وإنا إليه راجعون.»