جريًا على العادة، عرف التلفزيون المغربي خلال شهر رمضان المنصرف «تنوعا» كبيرا من حيث البرامج، الاجتماعي منها والثقافي والرياضي. ولعل البرنامج الذي قدمه رشيد العلالي كان من أكثر البرامج متابعة نظرا لتوقيت بثه ولطابعه الكوميدي.. بالرغم مأثاره ويثيره من جدل «رشيد شو» برنامج ضَحِكَ الكثير على إيقاعاته، وانسجاما مع ردود أفعال ضيوفه. كما تحسَّر الكثيرون على مضمونه، وعلى بعض «تراهات!!» نجومه.. استضاف البرنامج المذكور بعض الفنانين وممثلين والرياضيين.. كان المتتبعُ المغربي ، وإلى وقت قريب، معجبا بهم وبأعمالهم، قبل أن يُفاجِئوا الجميع بتصريحات تدل كامل الدلالة على أن لا علاقة لهم لا بالفن ولا بأهله ولا... «غادي نعتازل نهار يعفو الله».. وغيرها من العبارات التي تكتسح مِخيال الممثل المغربي وتجعله يعتقد تضاربَ الفن مع الدين، كما تدل على أن الارتماءَ في أحضان الفن في «بلد الثقافات» ما هو إلا «مهنة» لربح الأموال في مرحلة يليها لا محالة الحج والاعتزال !. فنانة كوميدية معروفة تقول «إلى مشيت للحج غادي نحبس التمثيل... معتبرة أن ما يقوم به الممثل «عيب كاع» وبالتالي «سأطلب من الله الهداية والغفران». مُغني راي شاب، في الوقت الذي يفتخر فيه ببلوغ صفحته على الفيسبوك 1020000 معجب، يقول: «ما بغيتش نلقا الله وأنا ما زال تانغني» مذكرا أنه من الفنانين الذين يعمدون إلى تنقية وتصفية الأغاني قبل الإقبال على أدائها، لكن بالرغم من ذلك» تاتبقا شي حاجة مبرزطاك»، مؤكدا أنه لابد من ضرورة مصالحة الفنان لذاته وتوجيهها نحو الصواب مهما طال الزمن. إحدى بنات لالة منانة، تقول «بنَّاقص من هذا التمثيل» إذا كان قد يتضمن مشاهد يعتبرها البعض مخلة بالحياء وكان سيدفع نحوي مجموعة من الأشياء التي أنا في غنى عنها، وذلك حتى لو كانت للتمثيل رسالة مهمة ونبيلة يتوخى تبليغها للمشاهد. إحدى ممثلات مسلسل «زينة» الرمضاني تقول في «شو» رشد العلالي : «هاد الوقت ها حنا خدامين..واحد الوقت خاس بنادم إضرب ليه شي حْجّة نشاء الله ويدير وليدات ويستقر فدارو...» معتبرة التمثيل خطأ و»خير الخطائين التوابون» على حد تعبيرها. إن المُشاهد المغربي قلَّما يلفت انتباهَهُ مثل هذا التصريحات، والتي تعد في نظر النقاد والباحثين والمهتمين «كارثية» وتنم إما عن جهلٍ وإما عن عدم قناعة. وبالتالي فإنه لمن الأمور التي يندى لها الجبين أن نسمع وأن نعلم ، ونحن في زمن لا يكاد أحدٌ ينكر فيه دور الثقافة بكل مكوناتها في النهوض بعجلة التقدم، أن مجموعة من «الفنانين» ينظرون نظرة دونية إلى «الفن» ولا يكادون يفصلونه عن المحرمات من بغاءٍ وغيرها. وهو الشيء الذي يرمي بمئات علامات الاستفهام على أذهاننا لنقف حيارى مستفهمين: ما هو الفن في نظر الفنانين المغاربة؟ ما هي قيوده وحدوده؟ هل يغلب المضمون على الشكل؟ أم أن الفنان المغربي يحرص على تجميل صورته حتى لو كان ذلك على حساب الرسالة النبيلة التي يحملها الفن؟