اعتبر الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة في الندوة العامة الافتتاحية حول موضوع « الشعبوية والخطاب الغربي حول الحكامة الديمقراطية» أول أمس الأربعاء12 يوليوز2017 ، أن موضوع الندوة يطرح جملة من التحديات الفكرية على النخب، وهي تحديات أصبحت تتخذ يوما بعد يوم طابع الاستعجال والملحاحية، بالنظر إلى أن « الشعبوية لم تعد مجرد أفكار مبعثرة خارجة عن الانسياق الفكري المعروف ، تتساكن وتتعايش مع الآراء المخالفة لها في المجتمع الواحد، بل إنها تسعى إلى اقتحام معاقل السلطة وادعاء القدرة على تنظيم مغاير للمجتمع». وحذر بنعيسى من خطورة تفشي الخطابات الشعبوية بالعالم وسط صعوبة تحديد ماهيتها، بالنظر إلى حركات الاحتجاج والحراك الذي عرفته بعض المجتمعات العربية والإفريقية والأوربية ، متسائلا: «هل يمكن اعتبارها مجرد مطالب ملحة لتحقيق العدالة الاجتماعية أم أن وراءها خلفيات وأجندات سياسية يجهلها المحتجون أنفسهم؟». وبخلاف الوضع في العالم العربي، يضيف بنعيسى، فإن مواقف الغرب متباينة من التيارات الشعبوية داخله والتي استطاع إلى حد الآن احتواء غلوها واندفاعها، «بالنظر إلى مناعة مؤسساته الديمقراطية وقوة اقتصاده وتعايش وتقبل الاختلاف»، وهو ما سمح بدخول أحزاب شعبوية إلى العملية السياسية والمؤسسات التشريعية الرسمية، ما أدى إلى مطالبة الغرب، الدول الحديثة العهد بالديمقراطية أو السائرة إليها، بتطبيق معاييره في التعاطي مع النزعات الشعبوية، وهو ما لا يستقيم والوضع العربي الراهن الذي لم تخلف فيه هذه النزعات سوى العنف والدمار. ولم يفت محمد بنعيسى التنبيه إلى خطورة التدخلات الخارجية في توجيه الحراك الشعبوي داخل المجتمعات العربية، ما أنتج خطابات ومواقف متشددة ومتطرفة انجرفت معها الشعوب غير المؤطرة نحو مستنقع الإرهاب والعنف، ليخلص إلى أن المطلوب اليوم هو التحرك على ثلاث واجهات: تفعيل قنوات الاتصال بالغرب وفتح حوار مع نخبه ومؤسساته للتنبيه إلى مخاطر التعاطي العاطفي مع التيارات الشعبوية الفوضوية. تقوية الأواصر الفكرية بين النخب العربية والإفريقية لتقوم بأدوارها الطلائعية في تنوير المجتمع. التفكير في الأوضاع العربية والإفريقية لعزل التيارات الشعبوية عن الحركات الأيديولوجية التي تغذيها.